عواصم - (وكالات): أعلن وزير العدل اللبناني أشرف ريفي استقالته أمس من منصبه متهماً «حزب الله» الشيعي اللبناني بـ«الهيمنة على قرار الحكومة وبتدمير علاقة بيروت بالسعودية والعرب»، مشيراً إلى أن «ممارسات دويلة «حزب الله» وحلفائه لم تعد مقبولة»، داعياً الحكومة «للاستقالة وتقديم الاعتذار للسعودية». كما اتهم الوزير «حزب الله» خصوصاً بمنع إحالة ملف ميشال سماحة إلى المجلس العدلي الذي يصدر قرارت نهائية لا يجوز استئنافها. ويحاكم الوزير والنائب السابق سماحة حليف النظام السوري بتهمة التخطيط «لأعمال إرهابية» في لبنان.وتأتي استقالة الوزير السني بعد أيام على تجميد الرياض هبة للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار احتجاجاً على مواقف «مناهضة لها» يقودها «حزب الله» في لبنان. وحمل ريفي في بيان «حزب الله» مسؤولية «التعطيل» السياسي في لبنان الذي يفتقر إلى رئيس منذ 21 شهراً واتهمه «بتدمير علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية، وسائر الأشقاء العرب للمرة الأولى في التاريخ اللبناني الحديث». وأضاف «أن هناك طرفاً مسلحاً يهيمن على قرار الحكومة» في إشارة إلى «حزب الله» الذي لديه وزيران. وتابع البيان الذي نشرته الوكالة الوطنية للإعلام «لقد استعمل «حزب الله» هذه الحكومة، في سياق ترسيخ مشروع الدويلة، حيث أراد تحويلها إلى أداة من أدوات بسط سيطرته على الدولة وقرارها».وأعلن في بيان أنه «عاين من موقعه كوزير في الحكومة ما يعجز اللسان عن وصفه». وأضاف «اليوم أصارح اللبنانيين بأن ما وصلت إليه الأمور جراء ممارسات دويلة «حزب الله» وحلفائه لم يعد مقبولاً، والاستمرار في هذه الحكومة يصبح موافقة على هذا الانحراف، أو على الأقل عجزاً عن مواجهته، وفي الحالتين الأمر مرفوض بالنسبة لي».وقال ريفي الذي قدم ملف سماحة «الموضوع بين يدي المحكمة العسكرية» إلى المحكمة الجنائية الدولية قبل أيام بعد تعذر نقله إلى المجلس العدلي اللبناني «إن ما حصل في قضية ميشال سماحة كان جريمة وطنية يتحمل مسؤوليتها «حزب الله» حصراً، وهو غطى القاتل وحوله إلى قديس جديد، عندما عطل هو وحلفاؤه نقل الملف إلى المجلس العدلي. وبغض النظر عن المسؤولية جراء العجز عن مواجهة الحزب داخل الحكومة، والتمسك بهذا المطلب الوطني، فإن النتيجة واحدة، وهي أن هناك طرفاً مسلحاً يهيمن على قرار الحكومة، ويحولها كلما اقتضت مصلحته إلى جثة هامدة».إلى ذلك، فند ريفي في البيان «ممارسات» حزب الله، قائلاً «لقد استعمل حزب الله هذه الحكومة في سياق ترسيخ مشروع الدويلة، حيث أراد تحويلها إلى أداة من أدوات بسط سيطرته على الدولة وقرارها. وفي هذا الإطار يأتي ما فعله وزير الخارجية جبران باسيل في جامعة الدول العربية، ليعطي مثلاً صارخاً عن ممارسات دويلة «حزب الله» التي لا تقيم اعتباراً للبنان ومصلحته، فقد تجرأ بطلب من «حزب الله» على الإساءة للمملكة العربية السعودية، وصوّت ضد الإجماع العربي، وامتنع عن إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران. والمؤسف أن أحداً من المعنيين لم يلجم هذا التصرف المعيب الذي أدى إلى تخريب علاقة لبنان بأقرب الأصدقاء إليه وهي المملكة العربية السعودية وسائر الدول العربية. إنني ومن موقع المسؤولية الوطنية، وكمواطن لبناني حريص على بلده، أعلن رفضي التام لهذه الإساءة، وأطالب الحكومة بالحد الأدنى بتقديم اعتذار للمملكة وقيادتها وشعبها، بل أدعوها إلى الاستقالة قبل أن تتحول إلى أداة كاملة بيد حزب الله. وأؤكد أننا سنبقى لبنانيين عرباً، وأن المملكة ستبقى بالنسبة لنا البلد الصديق الذي وقف معنا في أحلك الظروف، وأن قيادتها ستبقى بالنسبة لنا عنواناً للوفاء والشهامة العربية الأصيلة». وختم ريفي قائلا «لن أقبل بأن اتحول إلى شاهد زور، ولن أكون غطاء لمن يحاولون السيطرة على الدولة والمؤسسات. لذلك أتقدم منكم ومن رئيس الحكومة تمام سلام باستقالتي». ومنتصف يناير الماضي أفرجت المحكمة العسكرية عن سماحة بكفالة في قرار أثار غضب المعسكر المعارض لنظام الرئيس بشار الأسد في لبنان. وكانت المحكمة العسكرية حكمت في 13 مايو 2015 بالسجن أربع سنوات ونصف على وزير الإعلام السابق وتجريده مدى الحياة من حقوقه المدنية والسياسية بتهمة «تأليف عصابة إرهابية وإدخال متفجرات من سوريا إلى لبنان ومحاولة تفجيرها لقتل سياسيين ورجال دين ومواطنين». لكن محكمة النقض ألغت الحكم فيما اعتبر مدعيها أنه متساهل جداً، وتم فتح محاكمة أخرى جارية حالياً.من جانبه، قال الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، إن علاقة لبنان بالسعودية «لا ترتبط بأي بدل»، والسعودية طالما وقفت بجانب لبنان في العديد من المواقف.ورأى سليمان أنه «كان يمكن الموافقة على قراري مجلس التعاون الخليجي في جدة والقاهرة» لدعم السعودية بعد الاعتداء على بعثتها الدبلوماسية في إيران. وقال «العلاقة مع السعودية يجب أن تكون صلبة»، متسائلاً: «لماذا نطلب من السعودية أن تتفهمنا ولا نطلب ذلك من إيران؟». بدوره، أكد مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان، أن «محاولة إفساد» العلاقة التاريخية بين لبنان والسعودية، التي وصفها بأنها «كانت ولا تزال محتضنة لكل قضايا العرب والمسلمين» هي «محاولة فاشلة».وناشد مفتي لبنان خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود والقيادة السعودية ودول التعاون الخليجي «عدم التخلي عن لبنان وتركه في محنته»، قائلاً إن «لبنان عربي الهوية والانتماء ولن يكون إلا مع إخوانه العرب، فهو جزء منهم ولو كره الكارهون، وستظل المملكة قيادة وشعباً في قلوب ووجدان كل اللبنانيين». من جانبه، انتقد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «النزيف الوطني، المتأتي من فقدان الولاء للوطن، ومن إعطاء الأولوية للمصالح الخاصة والفئوية والمذهبية على حساب الخير العام، والمتأتي من دوام مخالفة الدستور والقوانين والواجبات».من جهته، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية إن «المراجعة السعودية للعلاقة مع لبنان جاءت بعد جهد دبلوماسي دؤوب»، مشيراً إلى أن «بوصلة لبنان لم تعد عربية والقرار الرسمي مخطوف».