تشهد الجزائر في الأسابيع الأخيرة موجة إضرابات اجتماعية وعمالية على خلفية مشاكل ومطالب مهنية، تأتي قبيل أشهر قليلة عن موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في أبريل المقبل. وأضرب الثلاثاء أساتذة التعليم في المدارس والثانويات، استجابة لنداء وجهته نقابة مستقلة، احتجاجاً على محاولة السلطات تقييد الحريات النقابية وملاحقة نقابيين وإحالتهم إلى العدالة. واعتصم كوادر وقيادات في النقابات المستقلة، أمس الأربعاء، أمام وزارة التربية في العاصمة الجزائرية، وقابلتهم قوات الأمن بالعنف، واعتقلت عدداً منهم، كما منعت الصحافيين من تصوير الوقفة. وقال العربي نواري، الأمين العام لـ"مجلس أساتذة الثانويات"، وهي نقابة مستقلة، إن الإضراب والاعتصام الذي نظمته النقابة تحذير موجه إلى السلطات بعدم تكرار حالات ملاحقة القضائية للنقابيين وفصل عدد منهم عن العمل في بعض الولايات. وفي سياق آخر، شل الأربعاء عمال المؤسسة الحكومية للنقل حركة النقل العام في العاصمة الجزائرية وأعلنوا عن إضراب بسبب مشاكل مهنية وتأخر تلقي أجورهم ورفض السلطات الاستجابة لمطالبهم. وفي 28 سبتمبر الماضي أعلنت التنسيقية الوطنية للشباب العاطل عن العمل يوما للغضب الوطني، للمطالبة بحق العاطلين في مناصب شغل، خاصة في ولايات الجنوب النفطية. وقبل 10 أيام نفذ الأطباء وعمال قطاع الصحة إضرابا عاما، وشلوا المستشفيات والمراكز الصحية. وتنهي هذه الاحتجاجات فترة هدنة اجتماعية استفادت منها الحكومة منذ أشهر، وتأتي في خضم جدل سياسي كبير يحيط بالانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في أبريل المقبل. الظرف المناسب ويرى الناشط في منظمة مكافحة الفساد، محمد طيبي، أن هناك جملة من المطالب المهنية التي تتماطل السلطات في الاستجابة لها، تدفع النقابات إلى العودة في كل فترة إلى الإضراب. وأشار طيبي إلى أن "هناك شعورا لدى التنظيمات النقابية أن الظرف السياسي مناسب، قبيل أشهر عن موعد الانتخابات، لابتزاز السلطة والحكومة، التي تسعى إلى الدفع باتجاه تحقيق السلم الاجتماعي وتهدئة الأوضاع لتوفير ظروف جيدة لإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة". وأضاف أن "النقابات تبتز النظام الضعيف الذي يعمل على إسكات كل من يضرب بالمزيد من التنازلات". وحذر طيبي من أن "تتطور المطالب الاجتماعية والمهنية، في حال عدم الاستجابة إليها، إلى حراك سياسي مع تزايد المخاطر الأمنية، خاصة أن لجنة الشباب العاطل عن العمل مصرة على العودة إلى الاحتجاج في وقت لاحق تحت شعارات سياسية". ولفت الناشط في هيئة مكافحة الفساد إلى أن "السلطة تصر على نهج الحل الأمني لقمع النقابات والإضرابات، لقد أوقفت التوظيف في كثير من القطاعات، ماعدا الجيش والشرطة".