مملكة البحرين، ذاع صيتها من غابر الزمان، وجذورها الحضارية موغلة في القدم، وعرفتها دول كثيرة ضاربة في التاريخ الإنساني، مثل فارس وما بين النهرين والسند والصين ودول أوروبا الجنوبية وفي مقدمتها الإغريق -وجدت في البحرين نقوداً ذهبية شعارها الأسكندر الأكبر-، ومن ثم البرتغال التي حاولت الاستيلاء عليها، لكنها لم تفلح، حتى جاء عصر الإنجليز الذين دخلوا الخليج العربي عن طريق شركة الهند الشرقية، وبسطوا نفوذهم على دولة من شط العرب شمالاً إلى مضيق هرمز جنوباً، وأهم الأسباب الداعية لذلك، موقعها الوسط بين القارات، وما حباها الله تعالى به من نعم العيش الرغيد، وأهالٍ مسالمين ودودين، وماء عذب، وزراعة مزدهرة، وبحر سهل الملاحة فيه كطريق مواصلات بين العالم، وغني بالمحار الحاضن للؤلؤ وبالأحياء البحرية، وسواحل وموانئ آمنة -لم يذكر لنا التاريخ شيئاً من تلك الموانئ- إلا إننا عرفنا فرضة المنامة في الشمال (المرفأ المالي حالياً) وفرضة المحرق الواقعة على جسر الشيخ حمد في الجنوب، وهناك موانئ صغيرة في كل القرى المطلة على السواحل، كموانئ لسفن الغوص وسفن صيد الأسماك، وسفن العبرات بين الجزر البالغ تعدادها 33 جزيرة، وبعض هذه الجزر غير مسكونة، لكنها تشكل مأوى مؤقتاً للسفن العابرة في الأيام والليالي العاصفة (بندر)، ومأوى للطيور المهاجرة.ومن أهم وسائل التنقل في الداخل، الحمير والبغال والجمال، ذلك قبل دخول السيارات بأنواعها.أما بالنسبة إلى النقل الجوي، هناك أقوال بأن أول طائرة هبطت على أرض البحرين في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي في أرض سباق الخيل القريب من أم الحصم، والبعض يذكر أن قرية عالي هي أول مهبط لطائرة، وهذه الطائرة من نوع (هانيبال)، وهناك المطار البحري على الساحل الشرقي لمدينة القضيبية، وفي كتاب مسيرة وطن للأستاذ عبدالعزيز يوسف أحمد السيد: (أول شركة طيران تأسست في البحرين باسم طيران الخليج في 24/3/1950)، أرجو من هيئة شؤون الثقافة والآثار الاهتمام بهذا الكتاب المهم ونشره. مبنى المطار في تلك الحقبة، برستج (برستي) ويقع بالمحرق في الطرف الغربي من المطار الحالي، ويطلق عليه (R.A.F.) كونه في ذلك الوقت مهبطاً لطائرات القوة الملكية الجوية البريطانية، ثم اختفى المبنى القديم وحل محله مبنى مبني بالمواد الحديثة بالبناء، كمعلومة، أن موظفي الجوازات قديماً ثلاثة موظفين، وكل موظف يتولى وردية، ومن أشهرهم المرحوم علي راشد المسقطي، والمرحوم علي بوخوة، والمرحوم عيسى محمد الجامع (سفير سابقاً)، وطويل العمر عيسى هلال المحري دام بقاؤه، والجمرك له موظف واحد يستدعى عند هبوط طائرة لقلة الحركة الجوية، وهو المرحوم سيد محمد بدر السادة، لقلة الحركة الجوية، بالإضافة إلى موظف الصحة، وأفراد من الشرطة لحفظ الأمن، وقد عاصرتُ أنا كل أولئك الرجال الأفذاذ!.ويقول مؤلف كتاب مسيرة وطن: (في 21/12/1961 تم افتتاح المطار الأوسط، إلى الشرق من سابقه برعاية صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البحرين تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، وكان والده هو الذي وضع حجر الأساس لهذا المطار الجديد عام 1959).وكانت البحرين بقيادة حكومتها الرشيدة، في سباق مع الزمن، حتى بني المطار الحالي الذي أدخلت عليه عدة توسعات، أيضاً، لم يرض هذا طموحات الحكومة، لتزايد حركة الطيران والنشاط الاقتصادي المتسارع في دول الخليج، فقد شاهدنا صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفه رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه يضع حجر الأساس للمبنى الجديد تاريخ 17/2/2016 والذي يعد نقلة حضارية كبرى في عالم المطارات الدولية، (إذ تبلغ مساحة المبنى 4 أضعاف الحالي، ويضم ثمانية أحزمة للأمتعة، وسبعة آلاف موقف للسيارات، و104 مناضد لتسجيل المسافرين، و24 بوابة صعود، و70 مكتب جوازات، وكلفته 1,1 مليار دولار)، كما ورد في الصحف المحلية. حفظ الله تعالى بلادنا وقادتها وشعبها، وأدام الأمن والاستقرار، ودامت وحدتنا الوطنية التي هي أساس حصننا المنيع ضد أي دخيل طامع، وأستذكر هنا قول الشاعر: (وللأوطان في قلب كل حر .. يد قد سلفت ودين مستحق).يوسف محمد بوزيدمؤسس نادي اللؤلؤ سابقاًوعضو مجلس بلدي سابق