وانة - (أ ف ب): تتنازع مشاعر من القلق والتشكيك أهالي بلدة وانة الواقعة على منحدر سد الموصل، إزاء تقارير تتحدث عن احتمال انهيار السد بشكل مفاجئ ما قد يؤدي إلى غرق بلدتهم بالكامل خلال دقائق.ويعاني سد الموصل الذي شيد في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين من مشكلة بنيوية دفعت المهندسين في الجيش الأمريكي إلى وصفه بأنه «أخطر سد في العالم» في تقرير نشر في 2007. وحتمت المشكلة إنشاء آلية لحشو السد بشكل متواصل على مدى 24 ساعة في اليوم بمواد إسمنتية. لكن أعمال الصيانة توقفت بعد الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة «داعش» في المنطقة في يونيو 2014. وعلى الرغم من استعادة القوات الحكومية للمنطقة، لم تستأنف أعمال الصيانة بسرعة وبفاعلية. وتقع وانة على بعد 10 كيلومترات إلى الجنوب من السد، وهي أقرب البلدات والأكثر تعرضاً للخطر في حال حدوث انهيار. ويقول خبراء إن انهيار سد الموصل سيؤدي إلى اندفاع ملايين الأمتار المكعبة من المياه التي قد يصل ارتفاعها إلى أكثر من 15 متراً. وأصدرت السفارة الأمريكية في بغداد تقريراً الأسبوع الماضي أوصت فيه بإفراغ سد الموصل من المياه من أجل حماية نحو مليون ونصف مليون شخص. ودعا التقرير إلى ضرورة ابتعاد سكان مدينتي الموصل وتكريت بين خمسة إلى ستة كلم عن ضفتي نهر دجلة ليكونوا بأمان.وحتى الآن، تتواصل الحياة بشكل طبيعي في وانة التي يعيش فيها 10 آلاف شخص. ويمكن مشاهدة الأطفال يلهون خارج المنازل، والأبقار ترعى في حقول ممتدة على جانب نهر دجلة. ويثق بعض الأهالي بالسلطات المحلية التي تتابع بقلق تحذيرات مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والقوات الأمريكية. ويقول فاضل حسن خلف «52 عاماً»، وهو موظف حكومي مازال يتذكر فترة بناء السد في ثمانينات القرن الماضي، «نحن نعتمد على الخبراء العراقيين الذين يقولون ليست هناك مخاوف من انهيار السد، وهي مجرد ضجة إعلامية».لكن بشير إسماعيل «63 عاماً»، وهو صاحب محل تجاري في وانة ورب أسرة مسؤول عن 13 طفلاً، يعيش قلقاً حقيقياً. ويقول «إذا كان السد سينهار، عليهم أن يبلغوننا بمغادرة المنطقة «...» مستحيل ألا يقولوا لنا». ويشعر الموظف الحكومي زيد سعيد «31 عاماً» بقلق أكبر. ويقول بدوره «لن أكذب، نحن خائفون جداً من انهيار للسد». ويتابع «كثيرون من الأهالي يفكرون بترك منازلهم والذهاب إلى إقليم كردستان» القريب من محافظة نينوى. ويضيف سعيد، وهو ينظر مع مجموعة من أصدقائه إلى مستوى مياه النهر حيث يقع السد، «لا ندري ماذا نفعل، «داعش» أمامنا ومدافعهم تصلنا، والسد خلفنا ونخاف من انهياره». وسيطر «داعش» بعد هجوم شرس في يونيو 2014 على مناطق واسعة شمال العراق بينها سد الموصل لفترة محدودة قبل أن تستعيد القوات الحكومية المنطقة. وتتولى قوات البشمركة الكردية حماية السد حالياً. ووقعت الحكومة العراقية بداية الشهر الحالي عقداً من شركة «تريفي» الإيطالية بقيمة تناهز 300 مليون دولار للقيام بأعمال ترميم على السد بهدف منع وقوع كارثة. ويتوقع مسؤولون محليون أن تبدأ الأعمال سريعاً بسبب تصاعد القلق حول وضع السد مع تزايد ذوبان الثلوج في الأيام القادمة وارتفاع منسوب المياه في خزان السد. ويؤمن السد المياه والكهرباء إلى القسم الأكبر من منطقة الموصل، كما تستخدم المياه التي يخزنها لري مساحات واسعة في محافظة نينوى. وعلى الرغم من القلق السائد، يقول مدير السد محسن حسن معاون «بعد تحرير السد من سيطرة «داعش»، قمنا بفحص الأساسات وتبين عدم تعرضها لأي خطر». وبحسب الفريق الهندسي التابع للجيش الأمريكي الذي تحدث عن «حدوث تآكل في أساسات السد»، فإن «سد الموصل أكثر سدود العالم خطورة». وأمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتسريع الإجراءات لمعالجة الخلل بعد التحذيرات الأمريكية. إلا أن مدير ناحية وانة علي محمد صالح يقول «حتى الآن لا توجد أي تحذيرات رسمية أو خطة طوارئ «...» الأمور تسير بشكل طبيعي». ويضيف «لكن إذا انهار السد، لن نتمكن النجاة بأي حال من الأحوال».
«وانة» العراقية تعيش على منحدر أخطر سد في العالم
08 مارس 2016