عواصم - (وكالات): أكدت المعارضة السورية أنها ستحضر جولة المحادثات القادمة غير المباشرة التي تبدأ فعلياً الاثنين القادم بجنيف، وقللت من فرص التوصل لاتفاق مع نظام الرئيس بشار الأسد، في حين عبر المبعوث الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا عن أمله أن يتم التوصل لاتفاق على حكومة شاملة.وأعلنت الأمم المتحدة أمس تنظيم انتخابات في سوريا بعد 18 شهراً من بدء جولة مرتقبة للمفاوضات بين الحكومة والمعارضة في جنيف في ظل اتفاق هدنة هش شهد أمس مقتل مدنيين شمال البلاد. وتبدأ محادثات جنيف رسمياً الاثنين المقبل بعد تأكيد كل من المعارضة والنظام مشاركتهما، وتضغط القوى الدولية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية لنزاع يدخل عامه السادس مع تركة ثقيلة من الضحايا والدمار والمآسي الإنسانية. وصرح دي ميستورا في مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي» الروسية نشر أمس أن مفاوضات السلام المقررة في جنيف بين 14 و24 مارس ستتناول «3 مسائل هي تشكيل حكومة جديدة جامعة ودستور جديد وإجراء انتخابات في الأشهر الـ 18 المقبلة اعتباراً من موعد بدء المفاوضات أي 14 مارس الحالي». وأضاف، بحسب الترجمة الروسية لكلامه، أن «الانتخابات الرئاسية والتشريعية ستتم بإشراف الأمم المتحدة». ودعت الحكومة السورية في فبراير الماضي إلى انتخابات تشريعية في 13 أبريل المقبل، الأمر الذي لقي انتقادات من واشنطن وباريس، بينما اعتبرت موسكو أن تنظيم الانتخابات «لا يعيق عملية السلام». ومنذ بدء النزاع، أجرى النظام انتخابات تشريعية في 2012 انتهت بتكريس وجود حزب البعث الحاكم في البرلمان، وأخرى رئاسية في 2014 أبقت بشار الأسد على رأس السلطة. وبعد طول تردد، أكدت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية أنها ستشارك في جولة المفاوضات المقبلة، «بناء على التزامها بالتجاوب مع الجهود الدولية المخلصة لوقف نزيف الدم السوري وإيجاد حل سياسي للوضع في سوريا». وأشارت الهيئة في بيان إلى أنها ستركز خلال المحادثات على بيان جنيف الصادر في يونيو 2012 «وغيره من القرارات الدولية في ما يتعلق بإنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية (...) وإقامة نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري، دون أن يكون لبشار الأسد وأركان ورموز نظامه مكان فيه أو في أية ترتيبات سياسية قادمة». وينص بيان جنيف على تشكيل حكومة من ممثلين عن الحكومة والمعارضة بصلاحات تنفيذية كاملة تتولى الإشراف على المرحلة الانتقالية. وتعتبر المعارضة أن الصلاحيات الكاملة تعني تنحي الأسد، بينما يؤكد النظام أن مصير الرئيس يقرره السوريون من خلال صناديق الاقتراع. وأعلن دي ميستورا في وقت سابق هذا الأسبوع أن وفدي النظام والمعارضة سيكونان في قاعتين منفصلتين، وستتم المحادثات عبر وسيط للأمم المتحدة. ومنذ 27 فبراير الماضي، تسري في سوريا هدنة بناء على اتفاق روسي أمريكي مدعوم من الأمم المتحدة. ويقول راعيا الاتفاق إن الهدنة تتعرض لخروقات محدودة. وقتل أمس مدنيون في غارة نفذها الطيران الحربي التابع لقوات النظام على حي الصالحين في مدينة حلب، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وهي المرة الثانية التي تتعرض فيها الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة في حلب لقصف جوي منذ سريان اتفاق وقف الأعمال القتالية. ويستثني الاتفاق المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة «داعش» وجبهة النصرة - ذراع تنظيم القاعدة في سوريا - ما يعني عملياً أنه يقتصر على مدينة حلب وبعض ريفها شمالاً وريف دمشق وريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي ودرعا جنوباً واللاذقية غرباً.وقال مصدر قريب من الحكومة السورية إن الجيش مدعوماً بغارات جوية روسية يسعى لانتزاع مدينة تدمر التاريخية من «داعش» ليفتح لنفسه طريقاً صوب محافظة دير الزور الشرقية في هجوم بدأ بالفعل هذا الأسبوع.وتأتي جولة المفاوضات المرتقبة والهدنة المستمرة عشية دخول النزاع عامه السادس بعد أن أودى بحياة أكثر من 270 ألف شخص. وأكدت منظمات دولية تعنى بالإغاثة وحقوق الإنسان أن عام 2015 كان «الأسوأ على الإطلاق» بالنسبة إلى السوريين منذ بدء النزاع. وأفادت 30 منظمة غير حكومية دولية بينها أوكسفام والمجلس النروجي للاجئين ومنظمات سورية كالجمعية الطبية السورية الأمريكية في تقرير مشترك «يتوجب على روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة المحافظة على بصيص الأمل الذي لاح للمدنيين مع الهدنة عوضاً عن تأجيج الصراع». وبدأت موسكو الداعمة للنظام منذ نهاية سبتمبر الماضي حملة قصف جوي اوقعت عشرات القتلى بينهم العديد من المدنيين وفق منظمات حقوقية، فيما تواصل واشنطن حربها على المتطرفين في سوريا منذ صيف 2014، كما تدعم مجموعات من المعارضة تصنفها «معتدلة» وبينها الأكراد. ويسلط تقرير المنظمات الضوء على فرار «قرابة مليون شخص من مساكنهم» منذ مارس الماضي وارتفاع عدد الأشخاص المقيمين في مناطق محاصرة «ليصل إلى قرابة نصف مليون بحسب الأمم المتحدة».وفي لاهاي، قال كبير مدعي محكمة جرائم حرب يوغسلافيا سيرج براميرتز «بوصفي مدعي عام دولي وشخص يؤمن بالعدالة، ارى انه من الواضح ضرورة محاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم في سوريا أجلاً أم عاجلاً».من ناحية أخرى، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «مسلحي «داعش» أعدموا الشاعر محمد بشير أحمد العاني وابنه إياس بتهمة الردة».