تونس - (أ ف ب): تسعى تونس التي تصاعد فيها العنف إلى محاربة التطرف الذي انتشر بين الشباب وفي السجون وبات يمثل تحدياً كبيراً للبلاد التي شهدت خلال عام واحد 4 هجمات إرهابية دامية ألحقت أضراراً بالغة بالاقتصاد وخصوصاً السياحة. وهذا الأسبوع، أعلنت وزارة الشؤون الدينية إطلاق «حملة» فكرية تستمر عاماً كاملاً لمكافحة التطرف خصوصاً في صفوف الشباب، فيما أعلنت وزارة العدل الشروع بث «خطاب مضاد» للتطرف داخل السجون. ونوه مراقبون بهذه الخطوات لكنهم أكدوا حاجة تونس إلى «استراتيجية متكاملة لمكافحة التطرف» تتداخل فيها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية. وأعلن وزير الشؤون الدينية محمد خليل ان وزارته ستطلق اعتباراً من اليوم «حملة» تستمر سنة كاملة لمكافحة التطرف خصوصاً بين الشباب الذي «وقع غزوه والسطو على فكره عبر الإنترنت» من قبل تنظيمات متطرفة. وأفاد خليل «وجب علينا بناء قلعة افتراضية تحمي شبابنا وفكرهم من الإرهاب» لافتاً إلى ان حملة وزارته ستركز بالخصوص على التواصل مع هذه الفئة عبر الإنترنت التي يبلغ عدد مستعمليها في تونس نحو 6 ملايين أغلبهم من الشباب. وتشمل الحملة بالخصوص إطلاق «بوابة إلكترونية لنشر القيم الإسلامية الصحيحة (..) باعتماد المنهج الزيتوني المعتدل» في إشارة إلى منهج علماء جامع الزيتونة التونسي الشهير. كما تشمل إنشاء «موقع إلكتروني متطور ومرتبط بمختلف المواقع الاجتماعية، للتفاعل والمواكبة» بالإضافة إلى «إرساء مركز نداء للإنصات والإجابة عن تساؤلات الشباب حول قضايا الإسلام». وتابع أن الحملة تشتمل كذلك على «تكثيف الدروس الدينية بالجوامع والمساجد» و»تنظيم لقاءات بالشباب في النوادي وسائر الفضاءات المتاحة لطرح القضايا التي يروج لها الفكر المتطرف». وقال محمد خليل إن الوزارة سوف تمول إنتاج «برامج أسبوعية إضافية ضد الإرهاب والتطرف» لبثها عبر الإذاعات والقنوات التلفزية التونسية. وأعلن وزير العدل عمر منصور أنه سيستعين بـ»كفاءات مثقفة» بهدف «إصلاح عقلية» نحو ألفي شخص يقبعون في السجون بين مدانين وموقوفين بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وبحسب صابر الخليفي مدير عام إدارة السجون والإصلاح بوزارة العدل، فإن «الفكر المتطرف العنيف» قد «غزا» سجون البلاد التي قال إنها تشهد «ظاهرة جديدة» هي دخول مساجين حق عام يحملون هذا الفكر بعدما كان منحصراً في سجناء «الإرهاب». وأفاد الخليفي «انطلقنا في بث الخطاب المضاد. هؤلاء المساجين عندهم خطاب ونحن نرد عليهم بخطاب مضاد، هي مساحة يجب احتلالها». وانضم أكثر من 5500 تونسي غالبيتهم تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً، إلى تنظيمات متطرفة في الخارج في سوريا والعراق وليبيا، بحسب تقرير نشرته في يوليو الماضي مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة حول استخدام المرتزقة. وأشار التقرير إلى أن عدد المقاتلين التونسيين في التنظيمات «هو بين الأعلى ضمن الأجانب الذين يسافرون للالتحاق بمناطق النزاع». وفي 2015 نفذ 4 شبان تونسيون 3 هجمات دامية تبناها تنظيم الدولة «داعش» المتطرف وأسفرت عن مقتل 59 سائحاً أجنبياً و13 عنصر أمن، ما ألحق أضراراً بالغة بالسياحة أحد أعمدة الاقتصاد. وفي السابع من الشهر الحالي دخلت الهجمات المتطرفة مرحلة جديدة عندما نفذ عشرات المتطرفين هجمات «متزامنة» على ثكنة الجيش ومديريتيْ الدرك والشرطة في مدينة بن قردان الجنوبية الحدودية مع ليبيا وحاولوا إقامة «إمارة داعشية» في المدينة، حسب ما أعلن رئيس الحكومة الحبيب الصيد. وقتل 49 مهاجماً و13 عنصر أمن و7 مدنيين في مواجهات حصلت يوم الهجوم ثم في عمليات مطاردة للمهاجمين خلال الأيام التالية. واعتبر الباحث التونسي في مركز «كارنيغي» حمزة المؤدب أن إطلاق «حملة» لمكافحة التطرف في تونس «خطوة بناءة تدل على أن السلطات بدأت تأخذ بعين الاعتبار ضرورة إيجاد أرضية فكرية لمكافحة الإرهاب» وعدم الاكتفاء باعتماد المقاربة الأمنية فقط. وشدد على ضرورة الابتعاد خلال الحملة عن «اللغة الخشبية والخطاب الفوقي المسقط والجاف الذي لا يلامس واقع الشباب لأنه تسبب في نفوره من الدولة وأصاب شرعيتها بالتهرئة». وذكر بـ»نفور الشباب من دور الشباب والثقافة الحكومية لأنها تشتغل بأسلوب بيروقراطي وتعتمد خطاباً فوقياً لا يلامس واقعهم»، مشيراً في المقابل الى حاجة تونس الى «استراتيجية متكاملة لمكافحة التطرف» وليس لمجرد حملة محدودة زمنياً. وقال إن استراتيجية كهذه ستمكن من «مكافحة التطرف قبل أن يصبح إرهاباً».وبحسب البنك الدولي، فإن 33 % من الشباب التونسي الذي تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً هم «خارج دائرة التعليم والعمل والتدريب» وهي من «أعلى المعدلات في المنطقة».