أكد أمين عام الملتقى الخليجي الثالث للحقوقيين د.فهد الشهابي أن تطور الأمم يقاس بمدى التزامها بتشريعاتها، وهو ما كان لب المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لافتاً إلى أن المشروع حظي بالدعم الكامل من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، ودعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.وأشار، في كلمته بختام الملتقى، إلى أن للمشروع الرائد العديد من النتائج وفي مقدمتها سلطة تشريعية كاملة الصلاحيات بجناحيها المعين والمنتخب، استطاعت أن تكون خلال عمرها القصير تجربة برلمانية يشار لها بالبنان، وكذلك ديوان مستقل للرقابة المالية والإدارية، ساهم بشكل كبير في رصد شتى أنواع المخالفات المالية والإدارية، وتلك هي المسألة التي أقيم هذا الملتقى من أجل مناقشتها والوقوف على مختلف جوانبها، دونما اكتفاء باكتشافها والإلمام بأساليب التحقيق فيها، بل ومركزين على أفضل السبل لعدم تكرارها، بالاستعانة بتجارب بعض الجهات التي استطاعت أن تثبت تطوراً ملحوظاً في هذا المجال.وناقش الملتقى الأساليب الحديثة في التعامل مع المخالفات الإدارية والمالية، تحت رعاية رئيس مجلس الشورى علي الصالح، بالتعاون مع جمعية الحقوقيين البحرينية.من جانبه، أشار رئيس الجمعية البحرينية للحقوقيين عبدالجبار الطيب إلى أن الملتقى يعد التجمع الشامل الأول للقانونيين والحقوقيين في البلاد بمشاركة إخوانهم من دول الخليج العربي، وأضاف أنه «يطرق موضوع الساعة؛ بالتركيز على المخالفات الإدارية والمالية التي تستنزف المال العام، وتهدد تكافؤ الفرص».وركزت الجلسة الثانية من الملتقى على طرق الكشف والتحقيق في المخالفات الإدارية والمالية، والتي قدّم فيها د.أحمد البلوشي الوكيل السابق لديوان الرقابة المالية والإدارية والرئيس التنفيذي لشركة سمارتيم للاستشارات، تجربة البحرين في التعامل مع تقارير ديوان الرقابة الإدارية والمالية، مؤكداً أن عدم الالتزام بقانون المناقصات من الملاحظات الشائعة، فيما ركز عبدالجبار الطيب في ورقة عمل حول «الآثار المترتبة على شفافية الإجراءات الحكومية»، على التجربة الأمريكية وأهمية الإدلاء بالمعلومات لطالبيها، ومؤكداً أنه من حق الناس أن يتأكدوا من نزاهة وشفافية الإجراءات الحكومية.واستعان المستشار ياسر رمضان، المستشار القانوني بديوان الخدمة المدنية، بالمادة 22 بند 1 من قانون الخدمة المدنية لسنة 2010، في مناقشته للتحقيق الإداري ودوره في مدى ارتكاب المخالفات الإدارية والمالية وردع مرتكبيها، مشيراً إلى أن القانون أدرج 121 مخالفة، تهدف التوضيح من أجل حفظ حق الموظف وكرامته ولكي لا يقع تحت تعسف السلطة للتحقيق فيما هو خارج نظام الجدول. مشيراً إلى أن الغاية من التحقيق ليست إيذاء الموظف أو إيقاع العقوبة عليه وإنما إيقاف المخالفة.وتناول د.صقر عيد الفالح أكاديمي بجامعة البحرين، في كلمته حول «دور التشريعات في الحد من المخالفات الإدارية والمالية في البحرين»، بعضاً من المحاور الهامة ووقف على كون «المخالفات الإدارية والمالية مسألة سلوكية ترتبط بالعمل، فأينما وجد العمل لابد من وجود أخطاء أو مخالفات، ومن لا يعمل لا يخطئ؛ فالخطأ ظاهرة طبيعية جداً، ولكن التشريعات تعمل على الحد من هذه المخالفات قدر المستطاع». وقدم الصقر عدداً من التوصيات الهامة في ورقته واقتراحاً بتعديل بعض نصوص القوانين المتعلقة بالمخالفات الإدارية والمالية، مسترشداً ببعض النماذج الخليجية.وأكد أنه على ديوان الرقابة المالية والإدارية العمل على الجانب التثقيفي، مشيراً إلى أنه مهما كان التثقيف مكلفاً، فإنه سيكون أوفر بكثير من العلاج، لاسيما أن إهدار المال العام سينعكس على المواطن، وبالتالي فإن المخالفات الإدارية والمالية ستكون من أكبر معوقات التنمية في مجتمعاتنا. أما الجلسة الثالثة من جدول أعمال الملتقى لليوم الأول فقد تناولت «المهارات المتقدمة في التحقيق الإداري والمالي»، وركز د.محمد الأنصاري الوكيل المساعد لشؤون العمل بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، على الإجابة عن سؤال «لماذا خلت تقارير ديوان الرقابة من أية ملاحظات جوهرية على وزارة العمل على مدى خمس سنوات؟.وانطلق في كلمته بالتأكيد على جدية الدولة في محاربة الفساد وتفعيل قانون صارم ملزم، وهو ما دعا لاستكمال أهم الأجهزة الضرورية لمحاربة كل أشكال الفساد على المستويين السياسي والتنفيذي، والمتمثل في تأسيس وإنشاء مجلس نواب منتخب، ديوان الرقابة المالية والإدارية، مجلس المناقصات والمزايدات، والإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني، إذ جاء ذلك كله خلال عامين (2002-2004).وتحدث الوكيل المساعد للموارد البشرية بوزارة التربية والتعليم د.محمد جمعة حول «المخالفات المتكررة من الموظفين في قانون الخدمة المدنية وقانون المناقصات والمشتريات الحكومية» وركز في هذا الجانب على المادة 18 لقانون الندب، وكيف أنه إلى جانب تطبيق هذه المادة تعد وزارة التربية والتعليم الوزارة الوحيدة التي لجأت لحلول أخرى بالتعاون مع ديوان الخدمة المدنية، وذلك لتجنب المساءلة القانونية وحفظ حقوق الموظف، وهو ما دعا للجوء إلى المادة 20 من اللائحة القانونية والمتعلقة بالإيفاد بما يضمن ضبط تحريك القوى العاملة البشرية في الوزارة والغير متفقة مع المادة 18 من قانون ديوان الخدمة المدنية.وعالج مستشار التطوير الإداري وقياس أداء المؤسسات د.محمد الكويتي الموضوع بمنظور شمولي طرح من خلاله نماذج تجريدية نحو «الدولة كمنظومة إنسانية غائية، وتعددية وفصل السلطات، وكذلك تركز السلطات» جاء ذلك بعد الوقوف على تعريف الفساد وأنواعه وتأثيراته والنظرة الإسلامية له، إلى جانب أسباب وآثار الفساد والتي لخصها في الحالات الإدارية والتنظيمية والأخيرة التي ركز عليها الحالات «المنظومية» السياسية، والتي أشار إلى أنها تحدث لعدم توفر الحوافز والروادع الكافية لمكافحة الفساد على مستوى الدولة، أهمها النظام السياسي بشكل عام «المساءلة المجتمعية – وجود نظام صلاحية إحالة للقضاء – القدرة على التحري والتحقيق وجمع الأدلة».