عواصم - (وكالات): عبر مساعدة جيش الرئيس بشار الأسد في استعادة مدينة تدمر من تنظيم الدولة «داعش» أكدت روسيا دورها الرئيس في النزاع السوري وأن لديها ما يكفي من المعدات العسكرية للتدخل بفعالية إلى جانب نظام الأسد. وأعلنت موسكو في 14 مارس الحالي سحب القسم الأكبر من قواتها من سوريا التي بدأت فيها قبل 6 أشهر حملة جوية لدعم الجيش وتوصلت مع واشنطن إلى وقف لإطلاق النار في 27 فبراير الماضي بين النظام والمعارضة. والانتصار الذي سجلته قوات الأسد عبر استعادة مدينة تدمر والقلعة الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونيسكو بعد أسابيع من المعارك هو أهم انتصار في مواجهة «داعش» ويمهد للتقدم باتجاه الحدود مع العراق التي يسيطر المتطرفون على القسم الأكبر منها. وسهلت المروحيات الروسية والقوات الروسية الخاصة على الأرض المكلفة توجيه الضربات وتقديم المشورة للضباط السوريين استعادة المدينة «ذات الأهمية الاستراتيجية» وفق تعبير قيادة الأركان الروسية. ومع إعلان الجيش الروسي الانتهاء من سحب قسم من طائراته الحربية إلى روسيا، واصلت الطائرات المتبقية توجيه ضربات ومساندة القوات السورية التي أعلنت تصميمها على التقدم باتجاه معاقل التنظيم المتطرف في دير الزور والرقة. وكتبت صحيفة «كومرسانت» أن معركة استعادة تدمر تم التخطيط لها بشكل مشترك بداية مارس الحالي بين قيادة الأركان السورية والجنرالات الروس. وقال المحلل بافل فلجنهاور إن «مثل هذه العملية هي ما كان العالم ينتظر من روسيا أن تقوم به أخيراً في محاربة «داعش» بدلاً من ضرب المعارضة» مشيراً إلى «تأثيرها الإيجابي» على صورة موسكو. والآن، بعد مشاركتها في استعادة «لؤلؤة» الصحراء السورية التي صدم العالم لدى مشاهدته المتطرفين يدمرون آثارها، يمكن لروسيا أن تفخر بالانتصار الرمزي وباعتبارها حامية للتراث العالمي. وأعلنت موسكو أن خبراء تفخيخ الألغام الروس بدؤوا بنزع العبوات الناسفة التي زرعها المتطرفون في تدمر قبل انسحابهم. ويوفر نجاح جيش الأسد في التقدم نحو الرقة مبررات جديدة لموسكو من أجل تشكيل تحالف واحد يكون نظام الأسد جزءاً منه، وهو ما رفضه الغرب حتى الآن. ومكن وقف إطلاق النار من إعادة تموضع القوات السورية لشن الهجوم على «داعش»، كما أتاح استئناف مفاوضات السلام بين النظام والمعارضة برعاية الأمم المتحدة في جنيف. ويقول فلاديمير افسييف من المركز العام للدراسات السياسية في موسكو إن «روسيا تريد تحقيق الاستقرار في سوريا خلال السنة الحالية». وأتاح التدخل الروسي منذ 30 سبتمبر الماضي تقوية نظام الأسد الذي كان يواجه صعوبات بعد حملة كثيفة من الضربات الجوية استهدفت قوى المعارضة أكثر من استهدافها المتطرفين. وبعدما أصبح في موقع قوة، ضاعف فلاديمير بوتين الضغوط على الأسد من أجل التفاوض مباشرة مع المعارضة ومن أجل القيام بعملية انتقال سياسي في سوريا، يتحدد مصيرها خلال مفاوضات جنيف.لكن مصير الأسد لايزال يشكل موضع خلاف بين روسيا والغرب. ويواصل جيش الأسد تعقب «داعش» غداة طرده من تدمر في تقدم ميداني يعد الأبرز له ضد المتطرفين، تزامناً مع إعداده لشن هجمات جديدة ضد معاقل التنظيم الرئيسة في البلاد.وبدت تدمر أشبه بمدينة «أشباح» وخلت من المدنيين الذين فر معظمهم في الأيام الأخيرة جراء الاشتباكات العنيفة. وقال المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبدالكريم إن «80% من آثار المدينة بخير»، مضيفاً «إذا حصلنا على موافقة منظمة «اليونيسكو»، نحتاج إلى 5 سنوات لإعادة ترميم الآثار التي تضررت وتعرضت للدمار على أيدي «داعش»». من ناحية أخرى، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية أن الاشتباكات بين «داعش» وجبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة امتدت من سوريا إلى منطقة سهل البقاع شمال لبنان أمس.
استعادة تدمر.. نظام الأسد لا شيء دون روسيا
29 مارس 2016