تحدثنا سابقاً عن أبنائنا المراهقين كيف نكون معهم؟ كيف نتمكن من الوصول إلى مستوى التعامل مع التغير في أحاسيسهم وقدراتهم أثناء فترة التحول؟ ونكمل الحديث اليوم عن أبنائنا وقد تعدينا المرحلة الأولى. فهنا أبناؤكم قد كبروا وفي هذه المرحلة ليس بالصحيح ولا يجدي أن يترك الطفل أو الطفلة ليستعين بالغير في النصح وحل المشاكل، فقد يستغل من قبلهم أو قد يحاد به عن طريق الصواب، وإذا لم يكن طفلك قد أسس وربي على قيم معينة والتزامات لا مجال لتجاوزها فقد يبدأ العنف والانحراف السلوكي من هذه النقطة، خصوصاً مع الإنثى التي تفضل أن تشرح علاقتها بشخص لزميلة قد تكون منحرفة، فتقودها لما هو أسوأ فتكون البداية في التواجه مع أسرتها، بتجاوز الأوامر، والتطاول بالألفاظ، وعدم الالتزام، وقد يصل الحال إلى التعدي على الوالدين والإخوة في مراحل متقدمة أو العكس.فكيف ستكون طريقة رسم الحدود ونظام التعامل والتفاعل مع أبنائنا المراهقين ليكونوا بعيدين عن العنف والاستغلال وتجنيبهم وإبعادهم عن محيط الجرائم التي قد تقودهم إليها أحوال وحالات لم يحسب لها أحد حساباً وكان يمكن السيطرة عليها؟ فن التعامل مع الأبناء له حدود واضحة، فعند التعامل معهم لابد أن نعودهم أن الحدود واضحة، وما تم من قرارات قد يتعارض والرأي الآخر وقد يحمله الطفل لأكثر من معنى، استغربت عندما تعدت التجاوزات القانونية في إحدى الحالات الحد الطبيعي للخلاف الأسري، وهو ما رأيته في بعض القضايا الأسرية والتعامل المجحف أحياناً في التعامل مع الآباء أو بين الأبناء أنفسهم ووقائع وقضايا أبطالها آباء وأمهات، إخوان وأخوات، وأزواج وزوجات، وكثيراً ما يكون العنف فيها هو النهج المتبع، وقد ينتج الاعتداء والعنف عن أسباب تافهة كان يمكن تحاشيها، وفي النهاية أودت ببطلها إلى المساءلة القانونية، وخوض تجربة لا يتمناها ولم يحسب لها حساباً، وآثارها كانت منعكسة على أطرافها وعلى المتعامل معها، أو من عايشها وبشكل كبير جداً، فما الذي يخلق الصراع بين الآباء والأبناء؟ ما الذي دفع الأبناء لارتكاب جرائم التعدي على أفراد أسرهم وبهذا العنف؟ ورأيت أن هناك احتمالين، إما أن تكون تربية التعامل والحدود والاحترام بين أفراد الأسرة غير واضحة، وإما أن يكون التسلط الفعلي من أحد الزوجين ظاهرة بارزة في الأسرة ونشأ عنها التقليد من الصغار، ففي أحد البلاغات التي وردت لنا وجدت أن هناك اعتداء بليغاً من ابن بالغ على والدته المسنة!! اعتداءً مبرحاً لم أجد ما يبرره، جريمة لابد أن نبحث في مسبباتها، ولزاماً علينا أن نحمي أبناءنا من الوصول إلى هذه الدرجة الرهيبة من العنف ومن الوصول إلى هذا الانحراف السلوكي الخطير ومن المستقبل غير الواضح، والذي سينشئ يقيناً أسراً متصدعة.وفي بلاغ آخر كانت المعنفة لوالدتها طفلة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، تعامل الأم كأمة بازدراء وتعنيف لفظي ذهلت من مصدره، في مواجهة أم حانية تذرف الدمع بعينين، تنظر بتفحص وجه ابنتها كأنها تترجاها أن تخاطبها ولو بكلمة واحدة تنم عن خلق وطيبة، تحسسها أنها هي من ربتها، ما السبب؟ كيف وصل الأمر إلى هذا المستوى، حتى إنها ترفض أن تجلس بقرب المقعد الذي تجلس عليه والدتها مشمئزة ممن أنجبتها؟ هي فعلاً جانية وفي نفس الوقت مجني عليها لنكتشف بقية قصتها ومسبباتها في لقائي القادم معكم.المحامي العام الشيخة نورة آل خليفة