زهراء حبيبأكدت رئيسة مختبر البصمة الوراثية نورة الحمد، زيادة عدد القضايا الواردة إلى مختبر الأحياء والبصمة الوراثية، إذ بلغ في عام 2014 حوالي 429 مقارنة بـ380 في عام 2014. مشيرة إلى أن أكثر القضايا الواردة للمختبر هي الاعتداء الجنسي وفحوصات الحمض النووي (دي.إن.إي).وقالت الحمد التي تعد أول بحرينية تعين في مختبرات الأدلة المادية في النيابة العامة في حوار مع «الوطن»، إنهم يدرسون حالياً تطبيقاً حديثاً حول فحوصات البنوة للمرأة الحامل. مضيفة أنه يمكن البدء في إجراءات إثبات النسب لقضايا البنوة مباشرة بدلاً عن انتظار ولادة المولود، إذ يتم تطبيق الاختبار من خلال الدم المسحوب من الأم.وأوضحت أن المختبر يباشر فحص القضايا المحولة من قسم الطب الشرعي، بإدارة الأدلة المادية، بالإضافة إلى القضايا المرسلة مباشرة من وكلاء النيابة العامة. ويتعامل مع مختلف أنواع القضايا مثل الاعتداءات الجنسية والمشاجرات، وقضايا القتل والسرقة والبنوة من خلال فحوصات البصمة الوراثية (DNA).وأكدت الحمد أن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى منح البحرينية حقاً متساوياً مع الرجل في الفرص، ما جعل المرأة تتبوأ أرقى المناصب في الدولة وأدقها من الناحية الفنية. مشيرة إلى أن البحرينية التقطت هذه الفرصة لتؤكد استحقاقها الفعلي لهذه الجدارة.التدريب والخبرةكيف كانت البدايات؟عقب حصولي على البكالوريوس في الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية من المملكة الأردنية وعودتي إلى مملكة البحرين وبمناسبة تأسيس مختبر الأحياء والبصمة الوراثية بإدارة الأدلة المادية بالنيابة العامة، تقدمت للتعيين بالمختبر، وقد اجتزت الاختبارات فتم تعييني.كانت بدايتي في هذه الوظيفة عام 2006، وتشرفت بأن أكون من أوائل العناصر النسائية التي واكبت هذا الطريق في مملكة البحرين، وتم إلحاقي للحصول على تدريب مبدئي في مختبر الأحياء والبصمة الوراثية بإدارة الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، ثم بدأت في مشاركة زملائي بالمختبر التابع للنيابة العامة في القيام بالعمل، إذ تعهدوني بالتدريب العملي المكثف على أحدث الأجهزة تطوراً في مجال الكشف الجنائي، وشاركت في العديد من المؤتمرات والدورات التدريبية التخصصية داخل وخارج المملكة حتى تكاملت لدي الخبرة الكافية للقيام بالعمل.مع بدأ افتتاح مبنى الإدارة العامة للأدلة المادية بالنيابة العامة في سنة 2007، كانت قد تراكمت لدي الخبرة والمعرفة الفنية لتأسيس وإدارة مختبر الأحياء والبصمة الوراثية وتدريب الموظفين على العمل به.والآن وبعد مرور عشر سنوات عمل في مختبر الأحياء والبصمة الوراثية في مبنى الأدلة المادية بالنيابة العامة وبالرغم من كل التحديات التي واجهناها والتي مثلت تحدياً علمياً هائلاً في مجال جديد وغير مطروق من قبل في المملكة، أستطيع تأكيد أن المرأة البحرينية أثبتت جدارة غير عادية لخوض غمار أي عمل مهما كانت صعوبته العلمية والفنية والمادية وأنها بوسعها منافسة الرجال في إثبات كفاءتها وجدارتها لتبوء أرقى المناصب وأدقها، حيث تتاح لها الفرص لخوض غمار هذا التحدي.المشروع الإصلاحي والاستحقاقما هي الفرص التي توفرت لكم؟ وكيف استفدتم منها؟وكان الفضل الأعظم في أن تتاح للبحرينية هذه الفرصة في إثبات جدارتها يعود إلى المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى الذي منح فيه المرأة البحرينية حقاً متساوياً مع الرجل لأن تتبوأ أرقى المناصب في الدولة وأدقها فنياً، وقد التقطت البحرينية هذه الفرصة السانحة لتؤكد على استحقاقها فعلاً لهذه الجدارة، ومن ثم إظهار الوجه الحضاري لمملكة البحرين في التأكيد على عدم التمييز على أساس الجنس أو غيره من أوجه التمييز، حتى أصبحت البحرين سباقة إلى إنهاء أوجه التمييز في محيطها العربي والشرق أوسطي.كما كان للنائب العام فضل كبير في إيمانه بالمرأة البحرينية وبجدارتها على أداء أي عمل تتولاه مهما كانت صعوبته، فضلاً عن اهتمامه عموماً بالتنمية البشرية داخل النيابة العامة، من خلال إتاحة الفرصة للتدريب الفني والإداري لكوادر النيابة سواء داخل المملكة أو خارجها. وبالفعل حصلت من خلال هذه البرامج على العديد من الدورات التدريبية في الإمارات العربية والمملكة الأردنية وتايوان وغيرها، مما ساعدني على أن أراكم الخبرة في مجال عملي.البصمة الوراثية طبياً وجنائياً ما أوجه الاختلاف بين فحص العينات الوراثية في المجال الجنائي عنه بالطبي؟هناك عدد من الأجهزة المخبرية، وبعض التقنيات تستخدم في المجالين الجنائي والطبي، إلا أن الغاية مختلفة بين المجالين، ففي المجال الجنائي يتم التركيز على تحديد هوية وشخصية الجاني أو المجني عليه من خلال مقارنة العينات البيولوجية، مثل عينات الشعر أو اللعاب أو الدم، ومقارنتها مع ما تم العثور عليه في مسرح الجريمة، أو جسم المجني عليه، بينما يركز الجانب الطبي على دراسة الأمراض الوراثية وتأثيرها على الشخص والكشف المبكر عن الأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية وغيرها.ما هي القضايا التي يباشرها المختبر؟يباشر المختبر فحص القضايا المحولة من قسم الطب الشرعي، بإدارة الأدلة المادية، بالإضافة إلى القضايا المرسلة مباشرة من وكلاء النيابة العامة. ومن ناحية أخرى يتم استلام قضايا إثبات النسب والبنوة المرسلة من المحاكم الشرعية، حيث يتم التعامل والبت مع مختلف أنواع القضايا مثل قضايا الاعتداءات الجنسية والمشاجرات وقضايا القتل والسرقة والبنوة من خلال فحوصات البصمة الوراثية (DNA).وتمر هذه القضايا بعدة مراحل من بداية استلام العينات، وحفظها، وفحصها، وتسليم التقارير النهائية إلى الجهة المختصة بشكل دقيق وسري، حيث تجرى عدة فحوصات تأكيدية لجميع القضايا حسب معايير علمية وعالمية معتمدة.هل وجود مختبرين ساهم في سرعة إجراءات التقاضي؟تعتبر البحرين من أوائل الدول الخليجية والعربية التي لديها مختبران، وهما البحث الجنائي التابع لوزارة الداخلية، ومختبر الأدلة المادية التابع للنيابة العامة، وأغلب الدول لديها مختبر واحد لدى وزارة الداخلية أو العدل، ووجود المختبرين خفف ضغط القضايا على مختبر البحث الجنائي فضلاً عن رغبة النيابة في أن يكون لها مختبرها الخاص.ويتميز مختبرنا بوجود كفاءات بحرينية من ذوي المستويات العالية من التعليم الأكاديمي والتدريبي، وهو ما يؤكد حرص النائب العام على تطوير الكوادر البشرية.ما هو انطباعك عن التجربة الأولى لمعاينة مسرح الجريمة؟في بادئ الأمر شعرت بالخوف والرهبة الداخلية باعتبارها المرة الأولى لي لدخول مسرح الجريمة في قضية سرقة، حيث كنت خلال الفترة السابقة أتعامل مع العينات والآثار داخل المختبر فقط. وتعلمت من هذه التجربة كيفية دخول مسرح الجريمة والطرق المتبعة فيها، ورفع الآثار البيولوجية للحصول على الحمض النووي منها لتحديد هوية المتهمين، ولكن مع مرور الوقت وتراكم الخبرات وحب المجال تبدد الخوف وزادني إصراراً وعزيمة للكشف عن الحقائق. ما مدى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا التخصص؟يعتبر علم البصمة الوراثية الجنائية من العلوم السريعة التطور، لذا فإن التعرف على تجارب مختبرات الدول الأخرى والتقنيات المتبعة في فحوصاتها وأجهزتها ومعداتها يعد من أهم الأمور التي تساعد على التطور واكتساب المعرفة ونقل الخبرات للعاملين في المجال. قضايا تمثل تحدياًما هي أبرز التحديات التي واجهتكم في ممارسة العمل؟في بعض الأحيان تكون الأدلة البيولوجية قليلة جداً، أو مختلطة فيصعب على الفاحص إثبات مصدرها ولمن تعود. لذلك فإن عملية رفع الأدلة وحفظها يجب أن تكون بطريقة صحيحة، ودقيقة جداً، للحد من التلوثات. وهو الأمر الذي يتطلب البحث والدراسة والاطلاع على أحدث البحوث والمواد الكيميائية الحديثة المستخدمة لحل بعض القضايا وتطبيقها. بالإضافة إلى أخذ العينات المرجعية من المتهمين والمشتبه بهم مباشرة مما يعرضنا لخطر انتقال الأمراض المعدية، إن لم يتم تطبيق إجراءات السلامة بحذر في أخذ وحفظ العينات المرفوعة.كيف يتم التعامل مع الأجنة؟يتم التعامل مع العينات المرفوعة من الجنين المتوفى من خلال فحص عينة من طحال أو كبد الجنين المتوفى، أو أجزاء من عظامه -في حال تحلله- ويتم استخراج الحمض النووي، ومقارنته بأطراف القضية.وماذا عن الأجنة المجهولة في المقابر؟ وكيف يتم التوصل لهوياتهم؟يعتمد ذلك على الفترة الزمنية والعوامل البيئية للأجنة المجهولة. في حالة تحلل جسد الجنين واستحالة أخذ عينات دم من أوعيته الدموية، كما ذكرنا سابقاً، يتم الاعتماد على فحص العظام والذي يتم على عدة مراحل، بدءاً من استخدام جهاز طحن العظام لتحليلها لحين الوصول إلى هوية وجنس الجنين. استخدمت هذه التنقية في عدة قضايا لأجنة مجهولة ومدفونة أو جثث متحللة.ما الإجراءات المتبعة في قضايا البنوة؟يتم استلام طلب الفحص من الجهة القانونية، مثل النيابة العامة أو المحاكم الشرعية، ومن ثم أخذ العينات البيولوجية المرجعية مثل الدم ومسحة فموية من جميع أطراف القضية وإجراء فحوصات البصمة الوراثية (DNA) باستخدام أحدث المواد الكيميائية والتقنيات المطبقة عالمياً.القضية اللغزما هي القضية الجنائية التي مثلت لغزاً في حلها؟قضية الآسيوي المقتول الذي تم وضعه بحقيبة، ومن ثم دفنه تحت الإسفلت، حيث تمثلت الصعوبة في أن الدم الموجود بداخلها يعود للمتوفى، وكانت بقع الدم متعفنة ومنتشرة بالشنطة بصورة كبيرة، لكن تم استخلاص الحمض النووي من خلال الحبل المربوط بالحقيبة، بعد قطعه من الجوانب التي لم يلطخها الدم، ومن خلالها تم إيجاد الحمض النووي الخاص بالمتهمين.كما أن هناك إحدى قضايا السرقات التي استهدفت كبار السن وتم التوصل للجاني من خلال البصمة الوراثية المرفوعة من جيب أحد المجني عليهم.وعلى سبيل المثال قضية سيدة معتدى عليها تم التوصل إلى آثار الجاني من خلال أظافر المجني عليها بالرغم من مرور عدة أيام من الواقعة، وأظهرت الفحوصات أن الآثار ترجع إلى المتهم. وخلال إحدى الدورات التدريبية بدبي تم فحص قضية حرق سيارة بعد ارتكاب الجريمة، لكن النار لم تأت على القفاز المتروك بداخلها وتم كشف الجاني من خلاله.كيف يتم الكشف عن قضايا الاغتصاب التي يرتكبها أكثر من متهم؟في السابق كان يصعب البت في هذا النوع من القضايا، لوجود خليط من الآثار لعدة أشخاص. أما حالياً فقد تم توفير مواد كيميائية متطورة لفحص القضايا، وتطوير الفحوصات المتبعة. وفي حال مواجهة الصعوبة بعد إجراء تلك الاختبارات، يتعذر إبداء الرأي ويتم الأخذ بالأدلة الأخرى.ما الجديد في علم البصمة الوراثية؟يعتبر علم البصمة الوراثية من العلوم الحديثة التي تتطور بشكل كبير ومتسارع سواء من ناحية الأجهزة والمواد الكيميائية المستخدمة في الفحوصات. ومن أمثلة الفحوصات الحديثة، فحوصات البنوة للمرأة الحامل، فيمكن البدء في إجراءات إثبات النسب لقضايا البنوة مباشرة بدل من الانتظار لحين ولادة المولود، ويتم تطبيق الاختبار من خلال الدم المسحوب من الأم، وندرس تطبيق هذه الفحوصات قريباً.بالإضافة إلى استخدام البصمة الوراثية للنباتات وتحديد فصيلتها إن كانت ضمن النباتات المخدرة، من خلال الحمض النووي. فضلاً عن فحص الحمض النووي الميتوكندري والفحوصات الجارية على الكروموزومات الذكرية Y وكروموسوم X.ما سر نجاح المرأة في هذا المجال؟المرأة تتسم بالصبر والدقة والمثابرة، كما أنها وظيفة تتطلب الشجاعة في فحص العينات. فمثلاً، هناك قضايا تتجه إلى طريق شبه مسدود لكن مع المثابرة والاجتهاد في تكرار الفحوصات التأكيدية، يتم الوصول إلى الجاني من خلال الآثار البسيطة المتخلفة منه. ما مدى تأثير عملك على حياتك الخاصة؟بسبب طبيعة عملنا في المختبر الجنائي ولأهمية القضايا الواردة يستدعي العمل في أي وقت حتى في الإجازات الرسمية. لذلك أحاول موازنة وقتي بين العمل وواجبي نحو أسرتي.بعد 10 سنوات من عملك، ماهي أمنياتك؟الحصول على شهادة الدكتوراه من أهم طموحاتي في مجال البصمة الوراثية، وذلك بعد حصولي على شهادة الماجستير. بالإضافة إلى التطوير المستمر للمختبر سواء من ناحية الكوادر البشرية أو الأجهزة إضافة إلى الفحوصات المتقدمة والدقيقة لتحقيق العدالة. كما أشجع المرأة للخوض في التخصصات الاستثنائية والنادرة لحاجة الدولة إليها وبالخصوص في المجال الجنائي.وأتوجه بالشكر إلى النائب العام لدعمه المستمر في تعزيز دور المرأة البحرينية في النيابة العامة، وتشجيعه المتواصل وسعيه لتطوير العمل والعاملين فيه. كما لا أنسى فضل المرحوم فقد كان نعم الأب والمعلم، ودوره في تأسيس إدارة الأدلة المادية وتجهيزها بأحدث الأجهزة وتقنيات الفحوصات وصقل خبرات موظفيها وتشجيعهم بسواسية على المثابرة والتطوير المستمر والاعتماد على النفس والدقة في العمل لتقديم التقارير والنتائج بشكل صحيح للجهات المعنية والمثول أمام المحاكم لتقديم الشهادة بثقة.وأشكر والدي وزوجي وعائلتي على دعمهم المستمر ووقوفهم بجانبي أثناء عملي لأوقات متأخرة.