حسن الستريرفض مجلس الشورى أسلمة استثمارات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.وصوت المجلس أمس على رفض مشروع قانون بتعديل البند (1) من المادة السادسة من القانون رقم (3) لسنة 2008 بشأن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي.من جهته رأى العضو جواد بوحسين أن الأجدى وجود هيئة شرعية تراجع استثمارات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي. وقال: «إن الأخذ بالشريعة الإسلامية جانب مهم في الحفاظ على الأموال العامة، ويجب أن يبقى الحفاظ على الأموال العامة طبقاً للشريعة الإسلامية»، متسائلاً «هل توجد هيئة شرعية تراجع استثمارات الهيئة؟».وأضاف بوحسين: «ضوابط الشريعة الإسلامية، ليست سيفاً مسلطاً، فتوافق المعاملات المالية مع ضوابط الشريعة ضمانة للحفاظ على الأموال العامة».من جانبه رأى العضو رضا فرج أن اللجنة وفقت في توصيتها برفض مشروع القانون. مطالباً بضرورة استثمار أموال الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي في أنشطة آمنة.وقال فرج: «لا يمكن إلزام صندوق التأمين بالشريعة الإسلامية لأنه غير مختص بهذا الغرض»، لافتاً إلى أن ما يطبق حالياً يتوافق مع ضوابط الشريعة الإسلامية.وأيدت النائب الثاني لرئيس المجلس جميلة سلمان توصية اللجنة برفض المشروع، وقالت «ألاهم أن تكون الاستثمارات آمنة ومشروعة ضمن ضوابط الشريعة الإسلامية».وقالت: «إن استثمارات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي تخضع لرقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية ولرقابة ومصرف البحرين المركزي، ولا يتصور أن تستثمر أموال الهيئة في أمور غير مشروعة».وأضافت: «لا يمكن تقييد استثمارات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي وحصرها في الأنشطة المتوافقة مع الشريعة نظراً لمحدودية هذا النوع من الاستثمارات، كما أن حصرها في البنوك الإسلامية فيه ظلم للبنوك التي تعمل بنظام تقليدي، كما أن اقتصادنا اقتصاد حر».وأوضحت: «الاستشهاد بما ورد في النص الدستوري بتوافق التشريعيات مع الشريعة الإسلامية غير سليم، فهناك حكم للمحكمة الدستورية أوضح أن نص المادة الثانية من الدستور هو توجيه للمشرع بالأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ما وسعه ذلك، كما أنها مصدر مادي من المصادر الأخرى للتشريع، ولا يمنع من استسقاء القواعد من المصادر الأخرى».وتنص المادة (2) من الدستور على أن «دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية».وقالت سلمان: «إن هدف التشريع متحقق على أرض الواقع، فالشركة تعمل وفق الأطر الدستورية ولا يمكن لها أن تخالف بذلك الشريعة».واتفقت معها رئيسة لجنة الشؤون التشريعية والقانونية دلال الزايد موضحة: «إن القوانين تبنى على حجم الاستثمارات الآمنة، كما أن التعديل المقترح في المشروع سيمس عدداً من القوانين المهمة، ويجعل الموافقة على الاستثمارات أمراً صعباً». وأضافت: «إذا كان هناك توجه بالدولة لأن تكون الاستثمارات وفق الشريعة الإسلامية، فالمراعاة ليست فيها مشكلة، لكن النص المقترح بين أنه «بما لا يتعارض مع الشريعة» ما يعني وجود إلزام».وتساءلت الزايد «لماذا لم يناقش مجلس النواب الموضوع مع الحكومة عند مناقشة برنامج عمل الحكومة ويضغون خطوات التطبيق».وقالت الزايد: «لا يمكن لأحد أن يزايد على تطبيق الشريعة الإسلامية، وحتى نغير السياسة المتبعة لابد أن تسبق العملية التشريعية عملية مواءمة بموجب الصلاحيات الممنوحة لمجلس النواب».من جهته قال العضو أحمد الحداد: «إن استثمارات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي لم تواجه أي مشاكل على مدى السنوات السبع الماضية، وهو ما يعني عدم وجود داعٍ لهذه التعديلات، إضافة إلى أن إنشاء شركة استثمار أخرى يترتب عليه هدر لأموال الهيئة».واعترض العضو عادل المعاودة على مداخلات الأعضاء قائلاً: «إن الكلام بالمجلس متناقض، إذ كنتم تؤكدون على سيادة الشريعة في كل القوانين، فما المانع من الموافقة على الصيغة الواردة في المشروع». وأضاف ندعي أننا على الجادة، ونرفض إضافة العبارة الواردة في مشروع القانون، هذا أمر يثير علامات استفهامات كثيرة».وقال: «إن الأصل في معاملات الناس الحل وليس الحرمة، فالأمور متاحة إلا فيما يخالف النص الشرعي، فالتجارة من الأمور الحياتية المتروكة للناس إلا فيما خالف الشرع».وأضاف: «من الغريب أن ندافع كلنا عن الدين ثم نتصدى لما ورد في المشروع، لم لا تكون هناك هيئة شرعية للنظر فيما يخالف الشريعة الإسلامية، ألسنا مسلمين ونثق في التشريع الإلهي»، مطالباً الأعضاء برفض توصية اللجنة والموافقة على المشروع.وقال: «إذا كانت اللجنة تقول إنه لا يمكن أن تخالف الشريعة الإسلامية وهذا أمر متحقق، فلم نرفض مشروع القانون، علماً أن المقترح لن يطبق بأثر رجعي، ألا نتفق جميعاً أن الحلال أطيب وأنفع، وأن الرزاق هو الله وليس البنك الدولي».من جانبه، رد مقرر لجنة الخدمات د.منصور سرحان قائلاً: «إن الجميع يعمل على الحفاظ على قيم الإسلام، وهي قيم لا نرضى أن تمس، ولكن الواقع يختلف بسبب كثرة التطورات وتأثيرها على أسلوب حياتنا، وتشابك المصالح في كل أمر، فالاستثمار أصبح الضمانة لتنمية الثروة، كما أن التطور نتاج الفكر الاستثماري المتنوع ولا يرتبط بدين أو مذهب والا تنوع الاقتصاد بتنوع الأديان».وأضاف: «إن المجتمعات التي لا تريد استثمار أموالها في الاقتصاد العالمي لا تواكب الواقع، فجميع الدول اقتصادها منصهر في الاقتصاد العالمي شاءت أم أبت، فلماذا يضع البعض العصا في العجلة، ومن الذي يستطيع فرز المال إلى حلال وحرام، وما هي الأدوات لذلك، فهذه أمور اقتصادية بحتة معقدة طورها علماء الاقتصاد من أجل المساهمة في تنمية الثروات الاقتصادية».من جانبها قالت ممثلة هيئة التأمينات إيمان المرباطي: «إن شركة الأصول تدير العمل وفق القوانين المعمول بها في الدولة وفق رقابة مصرف البحرين المركزي كما تخضع لرقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية».وعلق رئيس مجلس الشورى علي الصالح قائلاً: «تريدون أن تكون استثمارات الهيئة وفق الشريعة الإسلامية، ألا يفترض أن تكون الأموال الواردة للهيئة أموالاً وفق الشريعة الإسلامية، وهذا يعني أن نغلق البنوك التقليدية وأن ننسف كل ما بنيناه على عشرات السنين».وبين: «هناك تفسيرات في الشريعة الإسلامية، ويجب النظر للموضوع بشكل أوسع، فالشريعة مقاصد والمقاصد خير للإنسان».وأوضح: «ما يقال عن معاملات البنوك التقليدية قيل كذلك في البنوك الإسلامية، وهذه الأموال أمانة للأجيال المقبلة، ويجب أن تحقق أكبر عائد، والإسلام دين سمح ترك المجال لتجديد الاجتهادات حسب مراحل العصر، وأعضاء لجنة الخدمات كلهم ملتزمون ومسلمون».وأضاف: «إذا أقر مشروع القانون، فيجب أن ينسحب الأمر على كل القوانين، ويجب أن نعيد النظر في جميع القوانين التي مرت، ولا أعتقد أن أحداً يقبل بذلك».واختتم مداخلته قائلاً: «إن المحكمة الدستورية حصنت المادة الوارد في الدستور بأن الشريعة الإسلامية مصدر رئيس من مصادر التشريع، أي أن هناك مصادر أخرى يمكن اللجوء إليها».وأجابه العضو عادل المعاودة: «هناك أغلاط في المفاهيم، فالبنوك حولت من ربوية إلى تقليدية». واستدرك: «ليس كل معاملاتها ربا، كما أن البنوك الإسلامية قد تضطر أحياناً بسبب النظام العالمي الذي يخرج عن إرادتها للوقوع بالمخالفة، ويجب أن نجتهد في كثير من القوانين الوضعية والتدرج ليس عيباً».