أكد الخبير العالمي في حل المنازعات الباحث الفلسطيني البروفيسور عزالدين أبوالعيش أن المرونة والتسامح يحتاجان إلى قوة أكبر من القوة التي نحتاجها للانتقام.وقال في محاضرته التي نظمتها المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار المدني مساء أمس الأول بعنوان «بناء جسور السلام من أجل الإنسانية ومحاربة الكراهية»، إنه «يجب أن نحرر أنفسنا من جهلنا والحل في العلم والحلم وتحمل المسؤولية والعمل الصالح»، مبيناً أن «التعليم هو سترة الإنقاذ لمواجهة جميع التحديات ويمنح الحرية والاستقلالية». وأوضح أبوالعيش أن التهرب من المواجهة وانعدام المسؤولية هو التحدي الأكبر الذي يواجه العالم، وخصوصاً الأمة العربية والإسلامية داعياً الإنسان العربي إلى أن يتعلم كيف يتحدى نفسه أولاً قبل أن يتحدى الآخرين. وقال أبوالعيش «يجب أن نعرف ما نريده وما نهدف إليه مهما كانت التحديات.. ندعو إلى إبقاء الإنسان في دواخل الجميع لئلا تشط بنا الكراهية»، مشدداً على ضرورة التحلي بالصبر والتسامح لتحقيق الهدوء والطمأنينة والسلام داخل نفوسنا ولمن حولنا. وسرد أبوالعيش تجربته ومعاناته الشخصية بقوله: «ولدت وتربيت في مخيمات اللجوء والتشرد.. لم أذق طعم الطفولة والحياة كمن ولد ليكابد البؤس والألم»، مستدركاً: «كما زادت الحياة أوجاعي وآلامي ومعاناتي، فإن الحياة زادت من النضج والوعي والقوة والتصميم والإرادة بداخلي ولم أسمح لكل الصعوبات أن تقتل أحلامي». ويضيف: «أدركت أن هذه المعاناة التي ولدت فيها هي من فعل البشر، وأن كل ما نراه في هذا العالم من شرور فهو من فعل البشر، وأن حياتنا هي من صنع أيدينا، فكان لابد أن أعمل بنفسي لأتغير وأغير».ويقول أبوالعيش: «أعطتني الحياة نضجاً ومعارف مهمة لتحدي الواقع»، داعياً الجميع إلى العمل على التغيير لأن «لدى الجميع القوة والإرادة والصبر والعاطفة لتحقيق ذلك». واستعرض أبوالعيش تجربته المريرة مع الحروب والكراهية والظلم والخوف، معتبراً أن الصراع والعنف نتيجة لعدم الثقة، وقال: «في الحرب ينعدم الأمل، فهي نهاية لكل جميل وبداية لكل تعيس، وهي وحش حقود جاهل يحاول التهام أشخاص وبيوت وأشجار وسماء.. الحروب لا تستعر نيرانها في أجواف المدافع بل في قلوب الناس وأفكارهم أيضاً». وأشار إلى ما عاناه من الحروب بفقده بناته الـ3 وابنة أخيه في لحظة واحدة بقذيفة إسرائيلية في العام 2009، وقال: «كأبٍ مجروحٍ فقد فلذات كبده: بيسان، وميار، وآية، وابنة أخيه نور، أشعر بمعاناة جميع البشر، وأفهم وأدرك معنى المعاناة وفقدان الأحبة ومفهوم السلامة والأمن».ودعا أبوالعيش إلى وقف الكراهية والحروب وإراقة الدماء واستعادة الأمل المفقود من أجل مستقبل أفضل للجميع مبني على العدالة والحكمة والتفاهم والمصالحة.
أبوالعيش يروي قصته: المرونة والتسامح يحتاجان إلى قوة أكبر من «الانتقام»
15 أبريل 2016