لن أنسى يوم وصلني الخبر كالصاعقة، «عظم الله أجرج»! نظرت إلى الهاتف برهة بغير اهتمام، كنت أظنها مزحة أو شخص ذو صلة بعيدة أو حتى قريبة لكن لا يعني لي أي شيء، لكن هيهات فقد كان اسم من كانت من أقرب البشر إلى قلبي إذا لم تكن الأقرب. عهود الرخيمي، ابنة عمي، صديقتي، بل أختي التي لم تلدها أمي. بكيتك، حتى لحظة دفنك وبعدها وما تلاه من أيام حتى لحظتنا هذه، بل مر أمام عيناي وفي ذاكرتي شريط حياتنا. وقتنا معاً كان ثميناً وإن لم يكن كافياً، فقد رحلت قبل أن أودعك، قبل أن أتبادل معك آخر حديث أخبرك فيه كم كنت تعنين لي وكم أحببتك، قبل أن أحضنك لآخر مرة كما فعلت دائماً، بل وقبل أن أخبرك بأشياء لا أخبرها غيرك. بيننا قصص وأسرار أحفظها لك، وأخرى لي، وأخرى لنا أخذتيها معك ولن أنساها ما حييت، أذكر جيداً عندما يسألنا الناس عن صلة قرابتنا ببعض، فنقول، بنات عم، مع أن والدتك ابنة عم والدي، لكن كلانا لم نرغب في شرح الكثير كما إننا كنا نعلم جيداً أننا أكثر من ذلك. عهود، أو كما أسميك كثيراً عهودو، أو بشكلٍ أدق كما أناديك غالباً «بنت العم» لا أذكر أنني طلبت منك شيئاً وأتاني ردك بالرفض، ولا أذكر أنني حزنت يوماً ولم تكوني موجودة حين كنت في أمس حاجتي لك، وروايات لنا ومشاعر بي لك لو سطرتها على ورق لجفت أقلام وأقلام. كنت معي حين ابتعد الجميع، أحس بالاطمئنان كلما ضاقت بي السبل واجتاحني الحزن عندما أرى ابتسامتك الجميلة ومحاولاتك الناجحة طوال الوقت في تغيير أي مزاج سيئ أكون به، لا أذكر أنني احتجتك وسمعت منك كلمة «مشغولة» أو «لا أستطيع»، حتى أنك لا تترددين لحظة في القدوم إلي أينما كنت أو استقبالي أينما كنت أنت. لن أنسى آخر محادثة بيننا «انتي تدرين أني أحبج وما بيننا هالسوالف» وأنا كذلك أحبك يا أطهر من عرفت وصادقت، قلت هذه الجملة وكأنك تودعينني وأنت لا تعلمين.رحلت، ونظرت إلى السماء لحظة دفنك وكأنني أرى الليل حالكاً ونحن في عز النهار، وضاق بي الكون الكون الفسيح، بل فقدت لحظتها حبي للحياة ورغبتي للفرح والابتسام. لكن وكما قيل «لو كانت الدنيا تدوم لأهلها .. لكان رسول الله حيا مخلداً».من رحلت عنده سبحانه فقط يعلم كم عنيت لي في حياتك قبل مماتك، أسأله أن يمسح على قلب من ربتك على طهارة قلبك وصفاءه ويجمعني بك في أعلى الدرجات.فاطمة بوحسن
في رثاء الغالية... عهود الرخيمي
17 أبريل 2016