^ دول الربيع العربي، ونقصد بها تحديداً كلاً من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن تتجه اليوم نحو إيجاد حلول سياسية للأزمة التي شهدتها نتيجة تداعيات الفوضى الخلاقة التي سميّت بالثورة الشعبية ضد الاستبداد والطغيان. هذه الدول تبحث اليوم تشكيل مجالس تأسيسية من أجل صياغة وتشكيل دستور جديد يساهم في إحداث التحول الديمقراطي المطلوب بهدف ولادة أنظمة سياسية مختلفة يمكن أن تحقق تطلعات هذه الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية والمشاركة السياسية. وبعضها أيضاً يبحث صياغة ميثاق سياسي طموح من أجل أن ينتقل النظام السياسي الذي تم تغيير نخبته الحاكمة إلى نظام آخر تتعاقب عليه النخب الحاكمة الواحدة تلو الأخرى، بحيث يكون هذا الميثاق مخرجاً سياسياً صريحاً وبمثابة خارطة طريق للتغيير السياسي المطلوب في بلدان الربيع العربي، على أن تعقبه خطوات أخرى في إطار التغييرات الدستورية وإعادة بناء المؤسسات السياسية بما يتناسب والمرحلة الجديدة. هذا المشهد الواسع بتفاصيله الدقيقة والكثيرة موجود بقوة في الذاكرة السياسية البحرينية، عندما نتذكر العام 2000 والظروف التي كانت سائدة في البلاد في تلك الفترة، وخصوصاً نهاية هذا العام بظهور جدل ونقاش على مستوى النخب والقواعد الشعبية حول كيفية الخروج من الأزمة السياسية التي ظهرت في منتصف تسعينات القرن العشرين كنتاج لحركة الاحتجاج السياسي. في تلك الفترة كان الحديث حول كيفية إيجاد مخرج سياسي يمكن أن ينهي تداعيات تلك الأزمة، فظهرت فكرة إعداد مشروع ميثاق العمل الوطني الذي تم تشكيل لجنة وطنية خاصة به، وكان مقرراً طرحه على مؤتمر شعبي للموافقة عليه، ولكن الرغبة الشعبية والإرادة الملكية توافقتا عليه فتقرر طرحه في استفتاء شعبي عام ليكون أول استفتاء تشهده بلدان مجلس التعاون الخليجي في تاريخها. الميثاق تضمن أهمية إجراء مجموعة من التعديلات الدستورية لتغيير بنية وتركيبة النظام السياسي، إضافةً إلى إعادة بناء المؤسسات الدستورية، وتطوير منظومة التشريعات خاصة وأن النظام تحول من إمارة تقليدية إلى نظام ملكي دستوري ديمقراطي. هذه الحقائق ينبغي التوقف عندها جيداً، ففي الوقت الذي كانت فيه العديد من البلدان العربية تأن تحت سيطرة أنظمة سياسية ونخب حاكمة لم ترغب بها شعوبها، اختلفت البحرين عن هذه البلدان لأنها بادرت بشكل توافقي بين النخبة الحاكمة والشعب على المخرج السياسي آنذاك من أجل التحول الديمقراطي الذي مازال مستمراً رغم أزمة فبراير 2011، وأبرز مظاهره الإصلاحات السياسية التي ستتم خلال الفترة المقبلة كنتاج لحوار التوافق الوطني عبر التعديلات الدستورية التي يتوقع إقرارها قريباً. فهل سبقت البحرين بلدان الربيع العربي بنحو 11 عاماً عندما طرحت فكرة ميثاق العمل الوطني، وأجرت التعديلات الدستورية لتغيير النظام السياسي برغبتها؟
فعلتها البحرين قبلهم
15 أبريل 2012