أكد سفير الصين لدى البحرين تشي تجين هونغ، دعم بلاده المستمر للإجراءات والجهود المبذولة من قبل حكومة المملكة لحماية أمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية.ونوه بأهمية بتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البحرين وبلاده، مشيراً إلى أن البلدين يعملان على تفعيل اتفاقية «الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي الجوازات الدبلوماسية وموظفي المهمات الرسمية» والتي بدورها تساهم في توطيد التواصل بين مواطني البلدين، لافتاً إلى أن البحرين تعتبر وجهة رئيسة للمواطنين الصينيين حيث تمنح المملكة تأشيرة هبوط للمواطنين الصينيين.وشدد السفير الصيني لدى البحرين في مقالة له بعنوان: «معاً نبني مستقبلاً واعداً للتعاون العربي الصيني»، أن بلاده تحترم خيارات مملكة البحرين لطرق التنمية الخاصة بها وفقاً لحاجاتها وظروفها.وأعرب هونغ في هذا الصدد عن استعداد بلاده لتعزيز الاستفادة الإيجابية بين استراتيجية الصين المستقبلية المعروفة باسم «الحزام والطريق» وبين «رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030» وتقديم الدعم لتوسيع التنمية الاقتصادية وتطوير الأعمال للمملكة.وحول العلاقات العربية الصينية قال «عندما نسترجع تاريخ علاقات الصداقة بين الصين والدول العربية في الألفي سنة الماضية، فلابد من استذكار طريق الحرير البري وطريق التوابل البحري التاريخيين».وأشار إلى أن «اللقاءات الأولى بين أجداد الأمتين العظيمتين بدأت بالتقاء رسلنا ورسلكم في صحراء جوبي وواحاتها وعبر البحار وأمواجها، وتصدرت علاقاتنا منذ القدم جميع علاقات الصداقة الأخرى بين شعوب العالم القديم.. كتب طريق الحرير القديم فصلاً هاماً في علاقات التبادل والتواصل بين الحضارتين الكبيرتين على طرفيه الشرقي والغربي».وتابع: «منذ آلاف السنين وطريق الحرير يحمل على طوله السلام والتعاون، الانفتاح والوئام، التواصل والتعلم المتبادل، ويحقق على طرفيه النجاح والمنفعة المشتركة».وأكد «أن الشعبين العربي والصيني ومن خلال الاحترام المتبادل والكفاح من أجل حماية السيادة الوطنية، ما فتئا يتبادلان الدعم، وفي سبيل البحث عن طرق التطوير والتقدم وتحقيق تطلعات الشعبين في التنمية، ما انفكا يتبادلان المساعدة، وفي تعميق التواصل الإنساني وإغناء العمل الثقافي بين الشعبين ما برحا يتبادلان التكامل، ومازال الشعبان يكرسان روح طريق الحرير ويمضيان قدماً في تعزيزها وتطويرها». وأشار إلى أنه منذ مطلع القرن الـ21، شكل إنشاء منتديات التعاون الصيني العربي خياراً استراتيجياً هاماً للتركيز على تنمية علاقات صينية عربية طويلة الأمد. وأضاف أنه مع مرور 14 عاماً من التطوير، أصبحت منتديات التعاون العربي الصيني أداة فعالة في إثراء وجهات النظر بين الطرفين والدفع قدما بالتعاون الواقعي بينهما لافتاً إلى أن البناء المشترك لـ«الحزام والطريق» هي فرصة جديدة لتطوير المنتدى، ونقطة انطلاق تاريخية جديدة لتأسيس منطلق قوي ومستدام للتنمية.وأوضح أنه منذ يونيو العام 2014 حيث أقيم اللقاء السادس للمنتدى على مستوى الوزراء وتم طرح مبادرة البناء المشترك لـ»الحزام والطريق»، شهدت جميع الأهداف المعلنة في ذلك الاجتماع تجسيداً إيجابياً بسبب الجهود المبذولة من قبل الطرفين، وحملت النتائج عوائد إيجابية لجميع البلدان والشعـــوب من كلا الجانبيــن.وأكد ازدياد الثقة المتبادلة في المجال السياسي، مشيراً إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس اللجنة الاستشارية للسياسة الصينية يو جينغ شينغ وغيرهم من الساسة الصينيين، قاموا بزيارات ميدانية للدول العربية، وفي المقابل قام رؤساء دول عربية مثل مصر والسودان وموريتانيا والأردن وولي عهد أبوظبي بالإضافة لرئيس الوزراء العراقي ورئيس البرلمان الجزائري وغيرهم من الشخصيات القيادية الهامة بزيارة الصين. وأضاف أن سبعاً دول عربية هي مصر والجزائر والسعودية وقطر والسودان والأردن والعراق، قامت بإنشاء أو رفع مستوى التعاون مع الصين إلى شراكة استراتيجية شاملة أو شراكة استراتيجية، حيث قامت جميع الأطراف بإطلاق جولة أولى من حوار سياسي استراتيجي على مستوى كبار المسؤولين وذلك ضمن إطار منتدى التعاون.وقال إنه في نفس الوقت، قامت الصين بالمشاركة الإيجابية في الجهود الدولية المتعددة الأطراف فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وسوريا وليبيا واليمن وغيرها من المناطق التي تشهد قضايا ساخنة، حيث أمر الرئيس الصيني بمساعدات قيمتها 100 مليون يوان صيني لسوريا ولبنان والأردن فيما يتعلق بالمشكلة السورية، وخمسة ملايين يوان صيني أخرى كمساعدات إنسانية لقطاع غزة هي الآن في طور التنفيــذ.وحول التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين العربي والصيني أكد هونغ أنه يتقدم بخطى ثابتة، إلا أنه تأثر بانخفاض أسعار النفط في عام 2015، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية 202.778 مليار دولار بانخفاض 19.2%، لكن في الوقت ذاته بلغت الواردات الصينية من النفط الخام العربي 148 مليون طن بزيادة قدرها 8.1%. على صعيد آخر، تم الانتهاء من بناء مشروع مصفاة ينبع السعودي-الصيني حيث بدأت المصفاة بالإنتاج، كما نجحت الصين أيضاً بالتعاقد مع الإمارات العربية المتحدة لتطوير حقل مندر النفطي ومصفاة الزور الجديدة بالكويت.وأشار إلى أنه منذ اللقاء السادس لمنتدى التعاون على مستوى الوزراء، وقعت الصين عدة اتفاقيات للتعاقد الهندسي بمبلغ يزيد عن 70 مليار دولار. وفي المملكة العربية السعودية أيضا شارف مشروع السكة الحديدية من الشمال للجنوب CTW200 على الانتهاء ودخل مراحله الأخيرة. أما في مصر فتم التوصل إلى اتفاق بشأن تمويل مشروع تطوير وتحديث شبكة الكهرباء الوطنية ماليا وتكنولوجيا. وفي السعودية كذلك تم بدء العمل في مشروع محطة كهرباء جيزان للنقل والتوزيع. وأضاف أن الصين قامت بتوقيع مذكرة تفاهم حول البناء المشترك لـمشروع «الحزام والطريق» مع 5 دول عربية هي مصر والسعودية وقطر والكويت والعراق. كما أن هناك 7 دول عربية لديها النية للاشتراك في عضوية البنك الآسيوي للاستثمار هي السعودية ومصر والأردن والكويت وعمان وقطر والإمارات، وأنشأت الصين مع قطر والإمارات صندوق استثمار بمبلغ 20 مليار دولار. وفي سبتمبر العام 2015، تم الافتتاح الرسمي لمركز التحويل التكنولوجي الصيني-العربي. ومن المخطط له في المرحلة القادمة إنشاء 10 مختبرات مشتركة خلال 5 أعوام وذلك ضمن إطار التعاون العلمي والتكنولوجي بين الصين والدول العربية، ومن بينها تم في مارس الماضي افتتاح المختبر الصيني المصري المشترك لمصادر الطاقة المتجددة، وفي نفس الوقت يتم التحضير للمختبر الصيني الأردني المشترك للزراعة الحديثة. وتم كذلك توقيع مذكرة التعاون للمشروع العربي في نظام الملاحة الصيني «الدب القطبي».وحول التبادل الثقافي بين الصين والدول العربية، أشار إلى أنه في سبتمبر عام 2014 تم الإعلان عن افتتاح الدورة الثالثة من مهرجان الفن العربي، وأقامت الصين فيما بين ذلك سلسلة من الفعاليات منها: منتدى وزراء الثقافة في الصين والدول العربية، ومنتدى رؤساء المكتبات، ومنتدى سلسلة ثقافات طريق الحرير وغيرها. وقال «خلال العاميين الماضيين قامت الصين بإرسال أكثر من 30 فرقة فنية للدول العربية ما مجموعه 900 شخص، كما قامت بدعوة أكثر من 140 من الفنانين العرب لزيارة الصين وعرض فنونهم، وتم إنشاء ما يقارب المائة مؤسسة مشتركة بين الصين والدول العربية تقوم على أساس التعاون المباشر».ولفت إلى أن الصين قدمت في العام 2015 نحو 3066 منحة دراسية للدول العربية، حيث يصل عدد الطلبة العرب في الصين الآن إلى 14000 طالب وطالبة. وقامت بإنشاء 11 فرعاً لمعهد كونفوشيوس في 9 دول عربية و3 فروع لأكاديمية كونفوشيوس، ويبلغ عدد المستفيدين من دروس تعلم اللغة الصينية إلى 36563 طالباً وطالبة. كما بلغ عدد المستفيدين العرب من البرامج التدريبية المختلفة التي طرحتها الصين منذ انعقاد الدورة السادسة لمنتدى التعاون 3363 شخصاً.وأشار إلى ارتفاع عدد الرحلات الجوية بين الصين والعالم العربي ليصل إلى 183 رحلة أسبوعيا، حيث تحولت 12 دولة عربية إلى وجهة رئيسية للمواطنين الصينيين. وحول تعزيز فرص التعاون المؤسسي، قال: «منذ انعقاد الدورة السادسة لمنتدى التعاون، أقيمت في إطاره العديد من الفعاليات، منها اجتماع مسؤولين رفيعي المستوى، وحوار السياسات الاستراتيجية على مستوى كبار المسؤولين، ومنتدى التعاون الصيني- العربي للإذاعة والتلفزيون، والاجتماع العام للتعاون في مجال الطاقة، ومؤتمر أصحاب الأعمال وفرص الاستثمار، ومنتدى التعاون الصحي، ومؤتمر حوار الحضارات والعلاقات الصينية العربية وغيرها من فرص التعاون المؤسسي. وكشف انه خلال العامين 2016 و2017، وضمن إطار منتدى التعاون، سيتم تطبيق 3 من المشاريع الكبيرة بين الجانبين الصيني والعربي، وهي إنشاء المركز الصيني العربي لبحوث التطوير والتنمية، إعداد خطة للتدريب المشترك للترجمة بين الصين والدول العربية، وإنشاء بيت الخبرة العربي الصيني لبحوث القضايا المشتركة. كما عقدت إلى الآن 5 فعاليات مؤسسية، منها التعاون المشترك في مجال الطاقة وإطلاق حوار أصحاب الأعمال وحوار الحضارات، والتعاون في مجال البث الإخباري، واجتماع لجمعية الصداقة بين الجانبين. وعن النظرة المستقبلية لآفاق التعاون، قال «من الملاحظ أن الجانب الصيني والعربي دخلا مرحلة هامة في مجال التنمية، إذ بدأت الصين بتنفيذ قرارها الحاسم ببناء مجتمع رغيد وزاهر على جميع المستويات بتعميق وتأصيل عملية التطوير، وتعمل من أجل ذلك على توسيع المنفعة المشتركة والتقارب مع كافة الدول والتشجيع على الفوز المشترك». وفي الجهة المقابلة، فإن الوضع الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط يمر بمرحلة تغيير وإصلاح، كما أن المنطقة في مواجهة مهمة صعبة بمجالي الإصلاح السياسي والتحول الاقتصادي، حيث تتطلب التحديات المشتركة من الجانبين المضي قدماً في تجسيد «روح طريق الحرير» وزيادة القوة الدافعة للتنمية والتطور، والدفع المشترك بعلاقات التعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية.ونوه إلى أن الدول العربية لاتزال تسعى حثيثاً لاكتشاف طرق التنمية، وأن الجانب الصيني على استعداد تام للتشارك مع الجانب العربي على كافة الصعد وتبادل الممارسات الحكيمة التي حققت التنمية للحضارتين العريقتين منذ القدم. وأوضح أن «الحزام والطريق» هي رؤية ونهج لتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك، والتي ستقود اقتصادات جميع الدول الواقعة على ذلك الخط للمزيد من القوة والاندماج المتماسك، وسيكون الدفع بتطوير البنية التحتية للدول العربية منطلقاً جديداً للمزيد من الأعمال التنموية والاقتصادية.وأكد أن الجانب الصيني على استعداد للمزاوجة الإيجابية بين استراتيجية «الحزام والطريق» ورؤية الخطة الاستراتيجية البحرينية 2030» وتقديم الدعم لمملكة البحرين في سبيل توسيع التنمية الاقتصادية وتطوير الأعمال.وجدد مواقف بلاده من قضايا المنطقة مؤكداً أن الصين تدعم باستمرار عملية السلام في الشرق الأوسط وتدعم قيام دولة فلسطينية، وتأمل في اتخاذ جميع الأطراف لتدابير عملية لكسر الجمود في محادثات السلام؛ وتنادي أيضاً بحماية سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وتدعو إلى الإسراع في تنفيذ انتقال سياسي شامل والتعجيل بحل مشكلة اللاجئين السوريين وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية؛ وتدعم كذلك إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وتدعو لحل الخلافات العربية مع إيران عن طريق الحوار؛ وتعارض كافة أشكال الإرهاب، وتأمل في تعزيز التبادل المعلوماتي مع دول المنطقة والتعاون في مجال مكافحــة الإرهــاب.وأبان أن الصين على استعداد للمشاركة البناءة في شؤون المنطقة العامة وتتمسك بنهج العدالة والمساواة على طول الطريق مع الدول العربية للدفع بحل جميع النزاعات عن طريق الحوار، وإن الصين على استعداد لتقديم المزيد من السلع العامة في سبيل حل مناسب للمشاكل في المناطق ذات القضايا الساخنة. ونوه السفير الصيني، بأن الشعبين الصيني والعربي نجحا ببناء حضارتين متألقتين عبر التاريخ، وفي خضم التغيرات الزمنية في العصر الحديث ها هما يواجهان التحديات مرة أخرى، مؤكداً أن ازدهار الأمتين الصينية والعربية هو مبتغى كلا الطرفين، ولذلك يجب وضع أيدينا معاً وأن نحيي «روح طريق الحرير» ونعمق التعاون الصيني العربي، ونكافح معاً من أجل تحقيق الازدهار العربي والحلم الصيني.