أكد عضو هيئة التدريس في كلية الحقوق بجامعة البحرين المستشار القانوني للمجلس الأعلى للمرأة د.محمد المصري أن المرأة البحرينية باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى قادرة على الإمساك بزمام الأمور والدفاع عن حقوقها والوصول إلى سبل الإنصاف والعدالة في ظل منظومة تشريعية نوعية ترتقي إلى مستوى تطلعاتها وآمالها، وفي ظل ثقافة مؤسسية تتنامى يوماً بعد يوم لتتواكب مع تشريع يهدف إلى تحقيق الاستقرار الأسري والحفاظ على مكتسبات المرأة وإنجازاتها. ورأى في ورقة علمية طرحها أمس، في ثاني أيام الملتقى الحقوقي الثاني بالجامعة، أن المرأة البحرينية وصلت إلى مرحلة متقدمة في التمكين السياسي والاقتصادي والقانوني، موضحاً أن المراسيم بقوانين التي صدرت مؤخراً في مجال الأسرة تواكب أحدث النظريات والمعايير المعمول بها في مجال القضاء الأسري والمنازعات الأسرية.وبحث الملتقى، الذي يقام في نسخته الخامسة بعنوان: «المرأة والشباب في ظل القانون» محورين: المراسيم النوعية ذات العلاقة بالمرأة والأسرة، وقراءة في أهم التشريعات ذات العلاقة. وتحدث المصري في الجلسة الأولى، التي أدارها رئيس قسم القانون الخاص في كلية الحقوق بالجامعة د.محمد العنزي عن المرسوم المتعلق بإلزامية اللجوء إلى مكتب التوفيق الأسري، وتعديل بعض أحكام قانون محكمة التمييز الذي قضى بالسماح بالطعن في الأحكام الشرعية أمام محكمة التتمييز. وقال: «إن إلزامية الإحالة إلى مكتب التوفيق الأسري يهدف بشكل أساسي إلى حل المنازعات الأسرية بطريق الصلح أو التسوية في القضايا التي يجوز فيها الصلح»، مشيراً إلى أن «ذلك يجنب الزوجين عناء اللجوء إلى المحكمة والتقاضي لفترة طويلة ويجنبهم مشكلات التنفيذ، ويوفر على المحاكم عددا كبيرا من القضايا». ونبه إلى أن المشرع البحريني حدد مدة 10 أيام لإنهاء التسوية بمكتب التوفيق الأسري بدءاً من تاريخ تقديم الطلب، ويمكن أن تمدد 10 أيام أخرى بناء على طلب الأطراف وفي حال غياب أحد الأطراف عن جلسة التسوية تمنح له مدة يومين، فإذا لم يحضر للمرة الثانية اعتبر رافضاً للتسوية، فيحيل المكتب الملف للمحكمة الشرعية للفصل بالدعوى.ولفت المصري إلى أن القانون ألزم الطرفين اللجوء إلى مكتب التوفيق الأسري، لكنه لم يجبرهما على قبول الصلح أو التسوية، موضحاً أن من بين مزايا مكتب التوفيق الأسري الصلاحية التي منحت له في حال الاتفاق والتسوية، إذ يستطيع المكتب منح محضر الصلح أو التسوية المبرم بين الأطراف والموقع من قبلهم الصفة التنفيذية ليصار إلى تنفيذه مباشرة دون إحالة الملف إلى المحكمة الشرعية.وأشار إلى أن من بين خصائص مكتب التوفيق أن القضايا تبحث بسرية تامة، وبحيادية، وفي وقت قصير، فضلاً عن ذلك فإنه مدعم بأخصائيين قانونيين ونفسيين واجتماعيين لكل منهم دوره وأهميته في حل النزاع الأسري. وعن معدل الإنجاز في المكتب وانسياب العمل أوضح أن التجربة مشجعة بحسب الأرقام المعلنة، حيث تشير إلى أن المكتب أنجز نسبة مرتفعة من القضايا التي وصلت إليه في المرحلة السابقة، مشيراً في الوقت ذاته إلى التصاعد المستمر في عدد الحالات الواردة إلى المكتب وضرورة اتخاذ ما يلزم لضمان استمرارية العمل في المكتب من حيث النوعية والكمية على السواء. ورداً على بعض التساؤلات، أكد المصري أن نسبة الطلاق في البحرين في انخفاض مستمر، وهي أقل النسب مقارنة بدول الخليج العربية، وأن علينا أن نعطي بعض الوقت لتجربة التوفيق الأسري الرائدة وعدم الاستسلام أمام بعض العثرات.وتحدث المصري عن المرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام قانون محكمة التمييز، الذي سمح بالطعن بالأحكام الشرعية أمام محكمة التمييز والذي يعد إنجازاً تشريعياً في غاية الأهمية لأنه ضمن فرض رقابة هذه المحكمة على حسن وصحة تطبيق قانون أحكام الأسرة وقانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية.وفي الجلسة الثانية التي أدارها الإعلامي حسين علي، بحث المشاركون قانون أحكام الأسرة وقانون الجنسية، حيث استضافت الجلسة رئيس المحكمة الكبرى الشرعية القاضي حمد الدوسري، ورئيس الدعم القانوني والأسري في الاتحاد النسائي البحريني المحامية شهزلان خميس، والمحامية في الكويت مريم المؤمن، وعضو هيئة التدريس في قسم القانون الخاص وفاء جناحي. وأكد الدوسري أن الإسلام عنصر قوة للمرأة، فهو الذي عزّها وكرّمها تبعاً لما ورد في القرآن الكريم، مشيراً إلى أن القضاء امتداد للتعاليم الإسلامية. وقال: «توسعت المحاكم ووضعت وقسمت القوانين لتنظيم عملية الخلاف الأسري داخل المذاهب الأربعة، فقانون أحكام الأسرة ابتدأ في مواده، فلا يتم تعديله أو تبديله إلا بوجود لجنة أعضاء من القضاة، علماً بأنه وضع بما يتوافق مع المصلحة العامة».وتابع: «للأسف فإن بعض الناس بدأت تسرف في التقاضي واللجوء إلى المحاكم بكثافة في ظل وجود هذا القانون ولو نقارن بفترات خلت سنرى فرقاً شاسعاً».رئيس الدعم القانوني والأسري في الاتحاد النسائي البحريني، أكدت أن صدور الشق السني في قانون أحكام الأسرة لم يمنع التقديرات الشخصية للقضاء فلا يزال القانون بحاجة إلى المزيد من التطوير.ورداً على سؤال بشأن صدورالشق الجعفري واللغط بشأنه قالت شهزلان: «إن كل مسألة ترتبط بالمرأة دائماً يليها جدل ومعارضة، ولاشك أن صدور قانون مسطور من شأنه أن يضع الأمور في نصابها وأن يقلل الجهد والعبء على القضاة». ونوهت المحامية مريم المؤمن المهتمة بالقضايا المتعلقة بأحكام الأسرة في الكويت إلى أن تطبيق القانون المتعلق بأحكام الأسرة جديد في الكويت إذ جرى العمل بتنفيذه منذ شهر فقط. وقالت: «لا تزال هنالك صعوبات عدة في المحكمة الجعفرية التي تعمل وفق لائحة، خصوصاً فيما يتعلق بالطلاق، ولذلك فإن بعض الراغبات في الطلاق يلجأن إلى المحكمة السنية».وتحدثت جناحي عن قانون الجنسية البحرينية، مشيرة إلى أن القانوني البحريني مثله مثل غالبية القوانين التي تعطي الحق في الجنسية من جهة الأب، موضحة أن البحرين تحفظت على أحد بنود اتفاقية «السيداو» الذي ساوى بين الرجل والمرأة في امتداد الجنسية للأبناء. ولفتت إلى أن القانون منح الجنسية لأبناء البحرينية في حالات قليلة جداً، كأن يكون الأب مجهول النسب، أو أنه لم تثبت نسبة الإبن لأبيه. ومن المقرر أن يبحث الملتقى الذي يختتم أعماله اليوم محورين، هما: الفرص الواعدة لمستقبل الشباب الجامعي في الختصصات القانونية، ودور القانون في تحقيق فرص نجاح شبابية، بمشاركة قانونيين وقضاة، ورواد أعمال.