حذيفة إبراهيمأكد المتحدثون في الجلسة الأولى في المؤتمر الخليجي الاستراتيجي الثاني التي جاءت بعنوان «النظام العالمي وديناميكية التشكل»، أن العالم يشهد تحولات كبيرة بسبب الإعلام الإلكتروني، فضلاً عن التغيرات السياسية التي تحدث، موضحين أن هناك تغيراً في موازين القوى لصالح الصين وغيرها من الدول، محذرين من استمرار الأزمات الاقتصادية التي قد تؤدي لثورة جياع.وقال المدير التنفيذي لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة د. خالد الرويحي، إن العالم تشكل بعد الثورة الصناعية من خلال الأسلحة، وذلك حتى الألفية الثالثة إلا أن ذلك الأمر أصبح الآن مختلفاً.وأشار إلى وجود تغييرات سياسية كبيرة منها تراجع الطبقة الارستقراطية في المنطقة خلال الفترة الماضية، كما إن القرن العشرين شهد العديد من الحروب، ومنطقة الشرق الأوسط عانت كثيراً من ازدياد نفوذ رجال الأعمال.وتابع «جاءت ثورة المعلومات وأحدثت تغيرات لم يستوعبها العالم حتى الآن، حيث أصبح العالم قرية صغيرة خلال 10 أعوام، وهناك شخصيات جديدة لدى أفراد المجتمعات النامية، كما انتشر التطرف والإرهاب، وهي من أكبر مشاكل ثورة المعلومات»، مشيراً إلى أن تلك الثورة، أسهمت في تعاظم تأثير الأفراد، ما أدى لمعاناة دول الشرق الأوسط من ذلك الموضوع.وقال الرويحي، إن حجم ما أنتجته البشرية عام 2015 من معلومات بلغ 7.5 زيتابايت، فيما لم ينتج العالم منذ آلاف السنين أكثر من 7 زيتا بايت.وتابع «في عام 2020 من المتوقع أن يكون حجم الإنتاج العالمي للمعلومات 44 زيتا بايت، وسيساهم فيه 5.5 مليار شخص، ومن الممكن أن يكون لكل شخص أكثر من شخصية».وأوضح أن العالم لازالت تتحكم فيه الدول العظمى من خلال المعلومات، حتى من خلال وسائل التواصل، مشيراً إلى أن العولمة عندما دخلت بإسم تطوير الدول وهلهل لها المثقفين في جميع دول العالم، إلا أن ما حصل لم يكن متوقعاً.وأردف: «أصبحت الآن الدول النامية فاقدة لسيادتها بسبب وجود منظمات عالمية تحلل وتشرع لتلك الدول سياساتها وقوانينها، كما أعطت أدوات التواصل الاجتماعي الفرصة للوصول لمنظمات العالم، وأصبح هناك ميزاناً مزدوجاً في إصدار القرارات كافة، ونستطيع القول بأن العالم فقد شرعيته الحقيقية التي أنشأت بعد الألفية الثالثة».وأشار إلى وجود لاعب جديد في المنطقة عائد، وهي المملكة العربية السعودية خصوصاً في مجال الاقتصاد بعد إطلاق مشروع رؤيتها الاقتصادية، وستصبح من أكبر الدول الاقتصادية إذا ما تم تحقيق رؤية 2030، كما سيحدث انتقال تدريجي لمركز ثقل القوة الذي كان موجوداً في آسيا قبل بدء الثورة الصناعية الأولى، وسيعود لهناك المركز من جديد.وأشار إلى أن خصائص القوة وعناصرها تغيرت من العتاد العسكري إلى برامج الكومبيوتر، والتي أصبحت تستطيع إسقاط دولة أو شلها أو حتى هزيمتها دون أي حرب.وبيّن أن هناك تغيراً سريعاً للأنظمة الرقمية، ولا تستطيع حتى الدول المتقدمة فضلاً عن النامية مجاراته، والتنبؤ من قوة وسائل التواصل الاجتماعي، كما لم يتوقع أحداً أنها جاءت كجزء من مشروع كبير يهدف لزعزعة الاستقرار في دول الشرق الأوسط.وشدد على أن الصين بدأت تسيطر على العالم بمنظومة جديدة، فيما سيتغير ميزان القوة الاقتصادية المؤثرة في الشرق الأوسط وتصبح الصين والمملكة العربية السعودية بدلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، والتي ستحافظ على دورها وقوتها العسكرية.فيما قال المستشار في الأمن الرقمي في جامعة آلتو بفنلندا د.جارنو ليمنيل، إن الأمن الإلكتروني هو جزء من العالم السياسي، وأصبح من الضروري الاهتمام بأمن الإنترنت، والذي يعتبر من الأمور الأكثر أهمية في الوضع الحالي.وبيّن أن الإنسان في تاريخه لم يعمل بهذه السرعة والطريقة الراديكالية، مشيراً في الوقت نفسه إلى تغييرات كبيرة شهدتها أوروبا خلال العامين الماضيين بسبب الهجرة والإرهاب.وتابع «سابقاً، كان يجب أن نتحدث عن أن الإنترنت يعامل كشيء سياسي، لكنه الآن أصبح أمنياً، وفي ظل كل تلك المتغيرات، لم تتغير سياسات الدول تجاه الإنترنت».وأشار ليمنيل إلى أن دول النيتو ستجتمع في قمتها المقبلة لبحث مسائل الانترنت والفضاء الواقعي والافتراضي، وستسع لوضع مناهج تعليمية خاصة في ذلك المجال.وحذر من إمكانية أن تقوم داعش بأعمال قرصنة إلكترونية، خصوصاً مع مدى تعقد شبكات التواصل الاجتماعي لدى داعش، وقدراتها الإلكترونية الكبيرة، مشدداً على أهمية تغيير الثقافة الأمنية الإلكترونية لدى الشعوب بالطريقة الصحيحة والتي تتناسب مع المتغيرات المتسارعة.وقال مدير مركز «هيغ» للدراسات الاستراتيجية في هولندا روب دي فيك، إن التغيرات الجيوسياسية أدت لصعود الصين مجدداً كقوة عظمى، وهي أقوى بكثير مما كانت عليه في القرن الـ19، عندما كان هناك طريق الحرير الشهير.وأوضح أن الصين لديها قوة اقتصادية ومعلوماتية هائلة وهي أصبحت الشريك الأكثر أهمية بالنسبة لدول الخليج العربي والاتحاد الأوربي وروسيا، نظرا لقوتها الاقتصادية.وأشار إلى أن الصين أبرمت اتفاقيات عدة على الصعيد الاقتصادي والعسكري، ما عزز نفوذها المتنامي خلال الـ25 سنة الماضية، فضلاً عن كونها الدولة الوحيدة التي استفادت من الأزمة الاقتصادية عام 2008 وانتقل اقتصادها ليصبح أكثر إيجابية.وتابع «لازالت الصين أقل قوة وروسيا نقابل الولايات المتح ة الأمريكية، إلا أن قواهم لا يستهان بها»، مبيناً أن دول الشرق الأوسط القوية الثلاث وهي المملكة العربية السعودية و تركيا وإيران، وربما لو تحالفت لشكلت قوة عظمى.وبين أن انخفاض أسعار النفط مقابل ارتفاع أسعار الغذاء سيلعب دوراً كبيراً في ثورة للجياع، مشدداً على أن روسيا الخاسر الأكبر من انخفاض أسعار النفط.من جهته، قال مدير معهد الدراسات الشرقية في الأكاديمية الوطنية الأرمينية روبين سافراستيان، إن العالم يتنامى سريعاً ومخاطره تزداد يوماً بعد يوم بشكل كبير جداً، مشدداً على أهمية أن تعرف كل دولة مقوماتها والمخاطر المحدقة بها.وأشار الباحث بمعهد كارنيجي في بلجيكا سينان أولجين إلى أن الانظار متجهة نحو الانتخابات الأمريكية وخصوصاً الدعم الذي يلاقيه المرشح دونالد ترامب، موضحاً أن هناك تساؤلات تطرح حول لماذا يتقبل بعض المجتمع الأمريكي الأيدولوجية التي يتمتع بها ترامب.وبين أن العولمة أدت لزيادة دخل البعض وهبوط دخل آخرين مع إلغاء عدة وظائف والتحول نحو الوظائف غير المستقرة، مشيراً إلى أهمية أن يكون الغرب عامل استقرار ولاعباً أكثر فاعلية في الشرق الأوسط وأن يساهم في زيادة الاستقرار للدول المنهارة.
الرويحي: العالم أنتج معلومات عام 2015 أكثر مما حصدته البشرية في 30 قرناً
23 مايو 2016