أكد نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي د. الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة أن الظروف المحيطة التي يعيشها واقع منطقتنا المرير حتمت بالأخذ في عين الاعتبار توعية الشباب وتحصينهم معرفيا وتمكينهم من استيعاب ظاهرة التطرّف من شتى النواحي، ولعل أجمل ما في الأمر هو تولي الشباب أنفسهم هذه المهمة النبيلة، فتكون بذلك الرسالة أكثر بلاغة وتأثيراً.وافتتح د. الشيخ خالد بن خليفة أمس أعمال جلسات مؤتمر «شباب ضد التطرف» الذي يستمر يومين وينظمه المركز برعاية رئيس مجلس أمناء المركز سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، وبالتعاون مع عدد من الجامعات والمؤسسات في البحرين.وأشار الشيخ خالد بن خليفة في كلمة إلى أن مركز عيسى الثقافي يمثل بيت الثقافة والمعرفة، وأن المؤتمر الهام الذي يُعاين واقعنا العربي ويشخص ظاهرة من ظواهره، وهي ظاهرة التطرف، من أبعاد ترتبط بالشباب وتحاكي واقعهم.وأضاف «أن الأمم تزهو بشبابها دوماً، وترنو بقدراتهم وإبداعاتهم في كل المجالات، فهم روح الغد وصانعو المستقبل، وهم مُأمنون على ثروات الأوطان ومقدراته، وتلك مسؤولية عظيمة في ظل ما تعيشه أمتنا من تشرذم وانقسامات ونزاعات كان ضحاياها الأوائل هم الشباب». وأكد نائب رئيس مجلس الأمناء، أن المجتمع اليوم يشهد عظمة قدر الشباب، وليكون مركز عيسى الثقافي بؤرة من بؤر العطاء الإنساني، وحاضنا من حواضن الارتقاء التي يعتلي منابرها الشباب البحريني الأمين، ليوصلوا رسالتهم عن الاعتدال والتسامح بين الناس إلى أقرانهم، وللتصدي لأكثر الظواهر التي تواجهها مجتمعاتنا تعقيداً، وهي ظاهرة التعصب الفكري والتطرف الأيديولوجي.وأكد أن المؤتمر ينعقد انطلاقاً من توجه «عيسى الثقافي» بتبني المبادرات الفكرية الشبابية، واتخاذه «شباب ضد التطرف» شعاراً لعام 2016، حيث يهدف المؤتمر إلى احتواء فئة الشباب البحريني ومناقشة القضايا والتحديات التي تواجههم في ظل موجة التطرف الفكري التي تعصف بالمنطقة، ودورهم في معالجتها، على اعتبارهم الفئة المحركة للمجتمع ومصدر ازدهار الأوطان وتقدمها، بالإضافة إلى نشر مفهوم الوسطية والاعتدال وتقبل الآخر واحترام الاختلافات، من خلال إتاحة الفرصة لهم لتقديم أفكارهم ولاستعراض جهودهم وتجاربهم الفكرية والإبداعية بلغة عصرية مشتركة بينهم.وأوضح أن هذا المؤتمر يحمل في طياته جهوداً جبارة، بمشاركة عدد من الطالبات والطالبة الجامعيين، تحت إشراف أساتذة أجلاء، وتناقش التطرف من عدة أبعاد، والتي نأمل في أن تحصد ثمارها عاجلاً أو آجلاً، وأن نرى عوائدها في مجتمعنا ووطننا الحبيب.وقدم شكره لكافة القائمين على المؤتمر من مركز عيسى الثقافي، مشيداً بتعاون كل من جامعة البحرين والجامعة الأهلية والجامعة الملكية للبنات وجامعة العلوم التطبيقية وجامعة المملكة وكلية البحرين التقنية «بوليتكنك البحرين» والأكاديمية الملكية للشرطة ومؤسسة المبرة الخليفية، وشركة سوفرين على أدوارهم الفاعلة والمتكاملة التي أسفرت عن ولادة هذا الجمع المبارك.فيما أكد رئيس جامعة البحرين د.رياض حمزة، أن انعقاد المؤتمر في هذا الصرح العلمي لمركز عيسى الثقافي هي دعوة لاهتمام الجامعات في البحرين لحماية أجيالها من خطر التعرف الفكري والذي استشرى على خريطة الوطن العربي ليحصد الأخضر واليابس، ويجعل الدول العربية تعاني من انعكاسات خطيرة على عدد من بنيتها الاجتماعية ما يستوجب أن تتداعى جميع المؤسسات الأكاديمية لدرء هذه الأخطار وحماية أجيالها من خطر هذا التطرف للحفاظ على الذاتية الثقافية للمجتمعات العربية، حيث جاء المؤتمر كباكورة تعاون بين مركز عيسى الثقافي وجامعة البحرين وجميع الجامعات لدرء هذا الخطر.وأضاف أنه اذا كان التطرف في جوهره حركة في اتجاه مخالفة القيم الاجتماعية والقانونية والأخلاقية يتجاوز مداها الحدود التي وصلت إليها هذه القمم بينما نجد الجامعات بتكوينها الأكاديمي تتمثل وظيفتها الأساسية لتقديم المعرفة في الاستجابة للاحتياجات الفعالة والأساسية لتنمية المجتمع وقوانينه وأخلاقه من خطر هذا التجاوز فيما يعرف بالتطرف الفكري.وأكد حمزة، أن نشر مفهوم الوسطية والاعتدال وتقبل الآخر واحترام الاختلافات، فضلاً عن المناداة بالحرية الأكاديمية في مجال البحث العلمي ومقارعة الحجة بالحجة للارتقاء بالمعرفة في المجتمعات هو ما تدأب الجامعات على ممارسته ضمن تقاليدها الأكاديمية، منوهاً بأنه من الطبيعي أن تكون الجامعات هي من أقدر مؤسسات المجتمع على محاربة التطرف بشتى أشكاله، إذ أن الجامعة وليدة بيئتها والجامعة تعكس مجتمعها. وأوضح حمزة أن الجامعة تلعب دوراً أكاديمياً في حماية طلبتها من خطر التطرف الفكري سواءً من خلال الوسطية في مناهجها وفي مقررات العلوم الإنسانية التي تدرس في كليات الآداب والحقوق فضلاً عن مقرري التاريخ الحديث والمواطنة ومقرر حقوق الإنسان كمقررين ضمن المقررات الإجبارية لجميع طلبة الجامعة أو من خلال الأنشطة اللاصفية الطلابية والتي تتيح للطلبة ممارسة أنشطتهم الثقافية والاجتماعية في جو الانفتاح على مختلف الفئات والمشارب بما يعود للطالب على تقبل الآخر واحترام الاختلافات.وشدد رئيس الجامعة على أن مشاركة جامعة البحرين في المؤتمر يعد فرصة لبناء الشخصية الجامعية لطلبتها وتفجيراً لطاقات الطلبة الثقافية والفكرية من خلال مساهمتهم في هذا المؤتمر الذي يستضيف نخبة متميزة من شباب الجامعات في البحرين.رئيس الجامعة الأهلية د.منصور العالي، قال إن المؤتمر يعد انطلاقة هامة، وجاء في وقت يحتاجه الجميع للأخذ بيد الشباب والشابات ليأخذوا زمام المبادرة في تقديم حلول يعجز عنها الأكاديميون والسياسيون وعلماء الاجتماع وأرباب الأعمال ورجال القانون وذلك ليقفوا ضد التطرف. وأضاف العالي أن انعقاد المؤتمر وجهود مركز عيسى الثقافي في تنظيم مثل هذه الفعالية، يأتي ضمن البصمة الاجتماعية والثقافية الواضحة التي يضعها المركز في توجيه الفكر الاجتماعي والثقافي.وأكد أنه حان الوقت لسن ووضع القوانين والتشريعات اللازمة من قبل الهيئات الدولية لمنع أي قناة من أن تدخل إلى أي بلد إلا بعد حصولها على الترخيص لذلك البلد في وقت انتشرت فيه قنوات الفتن والتطرف التي تبث سمومها في المجتمعات العربية وفي نفوس الشباب.ودعا إلى فتح المجال للشباب للإبداع والمشاركة في الأنشطة وشغل أوقات الفراغ والمشاركة في مختلف النوادي سواء الفنون أو المسرح أو المناظرة وتغيير المناهج، بحيث تركز على جوانب الإبداع والفكر الحر وتشجيع الشباب على تقبل الآخرين، مؤكداً أن أمن الوطن هو خير للجميع وان الاختلاف هو سر الاتفاق .وبدأت أولى جلسات المؤتمر التي أدارها د.حسين ضيف وتحدثت فيها الطالبة فاطمة القلاف عن التطرف الفكري وأسبابه وطرق القضاء عليه، وتحدث فيها أيضاً الطالب حسين جباري عن رؤية فولتير، كما شاركت فيها الطالبة ابتسام عمر عن الغلو والتطرف كما شاركت الطالبة إسراء العرادي عن التطرّف كمشكلة عالمية .أما الجلسة الثانية، فأدارها د.أبوبكر زهر وتحدث فيها الطالب حمد الماجد عن الإعلام والتطرف، وتحدثت فيها الطالبة فاطمة الشروقي عن الإعلام وتضخيم الأحداث، بالإضافة إلى الطالبة فاطمة البلوشي التي تحدثت عن دور الإعلام الإيجابي، كما تطرق الطالب أحمد بن خالد آل خليفة إلى السلاح الجديد للتطرف.يذكر أن المؤتمر يتناول 4 محاور رئيسة وهي: نشأة وأسباب وآثار ومخاطر التطرف، التطرف من منظور فكري وقانوني وديني واجتماعي، الإعلام والتطرف، وأخيراً حماية وتحصين النشء والشباب والمجتمع من التطرف.