لطالما عبر الملاكم الأسطورة الراحل محمد علي كلاي في أكثر من مناسبة أن أسعد لحظات حياته عندما أعلن اعتناقه للإسلام وذاق حلاوة الإيمان، فكيف كانت رحلته لبلوغ تلك اللذة؟إرهاصات عديدة مهدت لذلك على صعيد شخصيته التي وصفت بالإنسانية لكن المنعرج الحاسم كان في عام 1964 وهو في ذروة شهرته وانتصاره حيث فاز في ذلك العام لأول مرة بلقب بطولة العالم وأعلن كلاي اعتناق الإسلام، ووصفت وسائل إعلامية ذلك بانتقاله من عرش الملك إلى خادم للدعوة الإسلامية.. وتحولت قبضتاه الحديديتان القاسيتان إلى يدين حنونتين تعطف على الفقراء والمساكين. وبذلك غادر كاسيوس مارسيللوس كلاي ماضيه ليبدأ مرحلة جديدة في حياته باسم محمد علي كلاي المسلم المستعد لبذل الجهد والمال في سبيل مبادئه وعقائده.‏قال عن إسلامه كما جاء في كتاب عظماء ومفكرون يعتنقون الإسلام للأستاذ محمد طماشي الذي التقاه وتحدث معه: «إن ذلك كان في عام 1964 في ولاية فلوريدا الأميركية وكانت المرة الأولى التي أسمع فيها أن الله واحد فهزني ذلك وأن النبي محمد هو آخر الأنبياء وأن عيسى عليه السلام هو نبي من أنبياء الله والقرآن هو الوحي الكامل الذي حافظ على ذاته، كل ذلك كان جديداً بالنسبة لي وقد ترك أثراً رائعاً، وبعد إسلامي وجدت السلام الإنساني والحقيقة، وقد تعلمت الصلاة والصوم والصلة بالله وصرت أدعو إلى دين الله والإسلام الحنيف وبفضل الله سبحانه أسلم على يدي أكثر من مليوني أميركي، وخصصت دخلي السنوي الذي يقارب (200 مليون دولار) وقد يزيد للنشاط الذي يخدم الإسلام وليس من حق زوجتي وأولادي أن يرثوه وقد حوّلت قصري إلى جامع ومدرسة لتعليم القرآن الكريم كما بدأت ببناء أكبر مسجد في شيكاغو وسيكون هذا المسجد مركزاً إسلامياً وحالياً أشتري كتباً إسلامية أوزعها مجاناً على المسلمين في أمريكا.وكان للمفكر الأمريكي مالكوم إكس وقع على فكر محمد علي كلاي وكان صديقه المقرب، وقد لعب كذلك إليجاه محمد، الذي يشار إليه بالشريف، زعيم منظمة «أمة الإسلام»، دوراً مهماً في حياة البطل.تعلم محمد علي كلاي مبادئ الإسلام من إلياجاه، إذ كان يتردد عليه سراً، ويحضر دروسه الدينية في مطلع الستينات.وعلى الرغم من أن بداية إسلام محمد على كلاي كانت مع جماعة أمة الإسلام إلا أنها لم تستمر طويلاً، فقد اختلف مع كثير من أفكارهم، واستمر في أعماله الخيرية والدعوية محاولاً تصحيح الصورة الخاطئة التي رسخت في أذهان الغرب عن الإسلام والمسلمين. وأدى الأسطورة فريضة الحج سنة 1972.وصرح كلاي في إحدى لقاءاته: قريباً سأصبح رجلاً متقدماً في السن ويمكن أن يدركني الموت في أية لحظة، فالله سبحانه وتعالى جعلني أفضل رياضي وأشهر إنسان في العالم وسوف أستخدم هذه الشعبية الكبيرة التي من الله علي بها من أجل نشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في كل مكان وكذلك من أجل محاربة الجريمة والدعارة والكحول والمخدرات.‏ وعن تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف والإسلاموفوبيا صرح كلاي في إحدى المناسبات: «أنا مسلم ولا يوجد شيء يمت للإسلام في قتل أناس أبرياء في باريس أو أي مكان آخر في العالم، المسلمون الحقيقيون يعرفون أن العنف الوحشي لمن يطلق عليهم (المتطرفين الإسلاميين) يتعارض مع صميم مبادئ ديننا».