«المرة لول تختم القرآن وتخدم في البيت العود وترعى زوجها ولين أدى الليل تزينت وجلست كالعروس».جملة قالتها ابنة المحرق مريم عبدالله مسيفر بكل بساطة وعفوية، تختزل برنامج حياة كامل أيام لول، فهي تحكي تفاصيل حياة النساء في رمضان بكل حب، معبرة عن شوقها لتلك الأيام الجميلة التي تميزت بالبساطة في كل شيء.تقول مريم مسيفر: «أولاً نبارك بالشهر الفضيل لملكنا ورئيس الوزراء الموقر والأميرة سبيكة بنت إبراهيم والبحرين جميعاً، وعساكم من عواده لا فاقدين ولا مفقودين».بيت واحدوبعد التهنئة الحارة تبدأ بسرد ما في ذاكرتها عن رمضان لول قائلة: «المحرق كلها أسرة واحدة، من حالة بوماهر إلى البسيتين، كلهم أهل وحبايب، ففي رمضان لول كانت النسوة يعملن في البيت، تعد نساء البيت اللقيمات والجبة وخبز الطابي كل يوم، إضافة إلى الأطباق الرئيسة الهريس والعيش (الأرز)، كنا نتبادل الأطباق بدون تغطيتها بالقصدير كما هو الآن، بل نغطيها (بالمكبه) أي صحن فوق صحن.. في المحرق الكل عائلة واحدة، الفقراء والتجار والشيوخ كلهم كانوا كالعائلة الواحدة، كان التواضع سمة المحرق وأهلها الطيبين».تضيف مريم: «أتذكر المجالس العامرة مثل مجلس عبدالله المناعي وبن هندي وبيت علي راشد وبيت السعد وبيت مطر، كلها مجالس كانت مفتوحة للغبقات، والله يرحم الشيخة لولوة بنت محمد آل خليفة، والشيخة لولوة بنت أحمد، والشيخة عايشة بنت إبراهيم، كلهن شيخات كن يحتضن نساء البحرين، وكانت قلوبهن مفتوحة قبل بيوتهن».«الجدة» الكل في الكل تصمت قليلاً وكأنها تستذكر الزمن الجميل ثم تقول: «أذكر أننا كنا نلعب معاً بنات وأولاداً في صغرنا طبعاً، كانت الجدة في المنزل تأمر فقط، كانت هي كبيرة المنزل العود، تشرف على إدارة البيت، وكل نساء البيت يعملن، كنا نحن نساء المحرق جميعاً نعد الهريس والصالونة والجبة ونعد قرص الطابي، والسفرة كانت عامرة، هكذا كانت أجواؤنا في الخمسينات، أيضاً كنا نعد البلاليط واللقيمات لما بعد الفطور، أو بعد صلاة التراويح مع القهوة أو لحين استقبال الضيوف عند التزاور».خدمة الرجال «غير»وعن خدمة النساء للرجال، وعن طريقة التعامل التي تنم عن احترام كبير بين الجنسين في المنزل الواحد تقول مريم مسيفر: «نحن نساء لول ، إذا انتهى رجالنا من تناول فطورهم، كنا نقوم بغسل أيديهم، كنا نصب الماء على أيديهم ليغسلوها، والفوطة على كتفنا، وبعد الانتهاء من الغسيل كانت بعض النسوة تقوم بتعطير يد زوجها أو أبيها بالقليل من ماء الورد أو المشموم.. هكذا كنا نخدم رجالنا في المنزل، ونباشرهم في تفاصيل يومهم».أيضاً تقول مريم مسيفر: «سفرة النسوان بروحهم وسفرة الرجال بروحها، هكذا كانت المائدة الرمضانية، كانت المرأة طول اليوم في المطبخ، كانت تعمل في البيت وتنظفه وتغسل الملابس.. أذكر أننا كنا لا نصنع جدراً واحداً بل نعد الجدور الكثيرة بما لذ وطاب من أطباق رمضان وخيراته.. المرأة مالت أول بعد أن تنتهي من عملها طوال اليوم، تقوم بالاغتسال ووضع المشموم والدورمه وهي بمثابة حمرة الشفافيف، وتضع دهن العود وتجلس لتستقبل زوجها بعد يوم طويل وشاق وكأنها عروس.. كانت حياتنا عامرة بالحب والبساطة والاستقرار».وقت العبادة عمل المنزل لم يكن يبعد النساء عن العبادة، وعن هذا التفصيل تقول مريم مسيفر: «كانت المرأة قديماً تحرص على ختمة القرآن، كانت تقرأ القرآن فجراً وبعد صلاة التراويح، كانت المرأة تعمل في المطبخ وتتعبد وتربي وترعى زوجها.. لا تكل ولا تمل.. أيضاً كانت المرأة تحرص على مواصلة الأهل والجيران، فتسير على أحبابها بعد صلاة التراويح، كان الجيران في ذاك الوقت بمثابة أهل، كان الوصل أساساً للعلاقات بين الناس».كنا نعيش حياة طازجة.. هكذا قات مريم: «كان كل شيء لدينا طازجاً، لا يوجد لدينا معلبات أو مثلجات، كنا ننعم بخير كثير، كانت البيوت عامرة بكل ما فيه صحة، أما الآن فكل شيء مثلج، حتى حياتنا ومشاعرنا أصبحت مثلجة».«جريب العيد»تقول مريم مسيفر عن أجواء أواخر الشهر الكريم: «كانت النساء في أواخر رمضان يحرصن على العبادة وصلاة قيام الليل في البيوت، كما كانت النساء تستعد لاستقبال العيد، حيث تعد ما يحتاجه المنزل يوم العيد من ترتيب وتنظيف مختلف عن سائر الأوقات، إضافة إلى إعداد غداء العيد بعد صلاة العيد مباشرة، حيث كان غداء العيد في ذاك الوقت الساعة التاسعة صباحاً، كان غداء عيد الفطر عيش وسمك صافي أو جنعد أما غداء عيد الأضحى فقد كان لحماً.. هكذا كانت أجواؤنا وهكذا كانت أيامنا في رمضان لول الجميل في كل شيء».