عواصم - (وكالات): أجمعت الصحف اللبنانية على الربط بين الانفجار الذي استهدف مصرف «لبنان والمهجر - بلوم» أمس الأول، والتزام البنوك اللبنانية بالعقوبات التي فرضتها واشنطن على «حزب الله»، واعتبر بعضها أن ما جرى هو «رسالة» إلى القطاع المصرفي، فيما أكدت مصادر أن تفجير بيروت يهدد ودائع مصرفية بـ152 مليار دولار».وتحت عنوان «ترهيب المصارف.. الرسالة وصلت ولا شيء تغير»، اعتبرت صحيفة «النهار»، المقربة من فريق «14 آذار» المناوئ لـ «حزب الله»،أن هناك «موقفاً ثابتاً حيال القانون الأمريكي والتزاماً بتطبيقه». وكتبت الصحيفة «إذا كان المنفذون اختاروا مساء الأحد ووقت الإفطار لتجنب سقوط ضحايا، فإن الهدف بدا جلياً بتوجيه رسالة إلى المصارف». وأشارت إلى أنه «ربما وقع الاختيار على بنك لبنان والمهجر لأنه الأكثر تشدداً في تطبيق قانون العقوبات الأمريكي ضد «حزب الله»، كمحاولة للإيقاع بين القطاع بمجمله والحزب الذي رفع حدة خطابه ضد المصارف في الأسبوعين الأخيرين». وأصدر البنك بياناً أكد فيه أنه «لم تمس أي أوراق أو مستندات للبنك»، وهو مستمر «بتقديم كافة خدماته المصرفية في جميع فروعه». وتابع أن «البنك يمثل كافة شرائح المجتمع اللبناني وطوائفه سواء لجهة زبائنه البالغ عدد حساباتهم أكثر من 400 ألف في لبنان أو لجهة مساهميه الذين يفوق عددهم الـ 10 آلاف أو لجهة موظفيه البالغ عددهم 2500 في لبنان فقط». وأضاف «بلوم» أنه «يجب الالتزام بقانون منع تمويل «حزب الله» وإلا فسيتم عزل القطاع المصرفي اللبناني عن النظام المالي الدولي». ويعد بنك لبنان والمهجر واحداً من أكبر المصارف اللبنانية، ويرد اسمه إلى جانب 3 مصارف لبنانية أخرى على قائمة فوربس لأقوى 100 مؤسسة في العالم العربي. والتزم المصرف منذ البداية بالتعميم الصادر عن المصرف المركزي في مايو الماضي حول ضرورة تنفيذ مضمون القانون الأمريكي الذي أقره الكونغرس في ديسمبر الماضي ويفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع «حزب الله». ومنذ صدور التعميم، تسيطر حالة من التوتر بين «حزب الله» والقطاع المصرفي. وقد اتهم الحزب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بـ»الانصياع» لطلبات واشنطن واعتبر أن القانون «يؤسس لحرب إلغاء محلية يسهم في تأجيجها المصرف المركزي وعدد من المصارف».وأوضح تنال صباح، المدير العام للبنك اللبناني السويسري «عندما يصدر تعميم من مصرف لبنان، تصبح كل المصارف مجبرة على الالتزام به». وأضاف «المصارف دون أن تصرح ملتزمة بهذا القرار»، مشيراً إلى أن «الليرة لن تتأثر وبعد تعميم مصرف لبنان لم نر أي تحرك على الليرة». وكتبت صحيفة «المستقبل» التابعة لتيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري «اهتزت بيروت بدوي رسالة متفجرة استهدفت بنك لبنان والمهجر (...) سبقتها رسائل إعلامية وإلكترونية متواصلة وضعت «حزب الله» في دائرة الاتهام». وعنونت صحيفة «لوريان لو جور» الصادرة بالفرنسية «بنك لبنان والمهجر مستهدف، رسالة إلى القطاع المصرفي؟». واعتبرت الصحيفة أن التفجير «يتضمن أكثر من عامل واحد يربط بين دخول العقوبات الأمريكية ضد «حزب الله» حيز التنفيذ وخيبة ظن الأخير»، كما بدا ظاهراً وفق الصحيفة خلال لقاءات الأسبوعين الماضيين بين مسؤولين في الحزب والقطاع المصرفي. أما الصحف المقربة من «حزب الله» فرأت في التفجير محاولة لإشعال «الفتنة في البلاد». من جانبها، اعتبرت جمعية المصارف اللبنانية أن التفجير يهدف إلى «زعزعة الاستقرار الاقتصادي» في البلاد، مؤكدة التزامها بتعاميم المصرف المركزي.ودانت جمعية المصارف التي تضم ممثلين عن كافة المصارف بعد اجتماع مغلق عقدته أمس التفجير الذي استهدف «مؤسسة اقتصادية رائدة»، مشيرة إلى أنها «تعتبر أن هذا التفجير أصاب القطاع المصرفي بكامله، ويهدف إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي في لبنان». ودعت الجمعية في بيان أصدرته «السلطات والأجهزة القضائية والأمنية لكشف الفاعلين»، مؤكدة أن «المصارف تعمل وفق أعلى الممارسات المهنية وضمن القواعد السائدة في الأسواق الدولية. كما تخضع في لبنان للقوانين اللبنانية المرعيّة ولتعاميم مصرف لبنان حفاظاً على مصالح جميع اللبنانييّن». ويهدد القانون الأمريكي - المعروف بقانون مكافحة تمويل «حزب الله» دوليا والذي صدر في ديسمبر الماضي - بمعاقبة أي منظمة أو شخص يوفر دعماً مالياً كبيراً للحزب الذي يعتبر منظمة إرهابية بموجب القانون الأمريكي، كما أنه مصنف إرهابياً عربياً ودولياً. ويشكل القانون تحدياً مالياً غير مسبوق للحزب المدعوم من إيران. ويقول محللون إن حزب الله يمكن أن يعيش بدون حسابات مصرفية، لكنهم يعتقدون أن الوضع له تكلفة سياسية للحزب. وقال مصرفي لبنان «هم ربحوا في حرب عسكرية وربحوا في حرب سياسية لكنهم لا يستطيعون كسب حرب مالية وعليهم أن يجدون طرقاً للعمل في الظل، ولكن المشكلة أن كل من يتعامل منهم سيكون تحت المجهر». وعندما دخل القانون حيز التنفيذ لأول مرة بدأت المصارف اللبنانية بإقفال حسابات أشخاص رأت أن لهم صلات مع الحزب ومن بينهم مسؤولون في الحزب. وأصدر البنك المركزي في وقت لاحقاً تعميماً يطلب فيه من البنوك إحالة الحسابات المشبوهة إلى هيئة تحقيق قبل اتخاذ أي اجراء.وقال محافظ البنك المركزي رياض سلامة الشهر الماضي إن على البنوك الإلتزام بهذا القانون. لكنه سعى في الوقت نفسه للحد من المخاوف إزاءه وطمأنة المواطنين اللبنانيين بقوله إن اللوائح تضمن حماية حساباتهم البنكية من الإغلاق على نحو اعتباطي. وقال رئيس حكومة لبنان تمام سلام إن التفجير خارج أحد أكبر بنوك البلاد يرقى إلى مرتبة المساس بالأمن القومي لأن القطاع المصرفي هو المحرك الأساسي للدورة الاقتصادية في ظل الشلل الذي تعاني منه مؤسسات الدولة الأخرى.