رعد السيدتعرف العلمانية الشاملة بانها رؤية شاملة للواقع تحاول بكل صرامة تحييد علاقة الدين والقيم المطلقة والغيبيات بكل مجالات الحياة، ويتفرع عن هذه الرؤية نظريات ترتكز على البعد المادي للكون وأن المعرفة المادية المصدر الوحيد للأخلاق وأن الإنسان يغلب عليه الطابع المادي لا الروحي ويطلق عليها أيضاً "العلمانية الطبيعية المادية"(نسبة للمادة و الطبيعة). أي فصل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عن الحياة .وبطبيعة الحال فهذه النظرة والفكرة سقيمة وغير صحيحة كونها بعيدة عن ذات الانسان الحقيقي فالإيمان بالله وبالأخلاق والقيم هي غرائز نفسية ولها دوافعها وابعادها التي تجعل الانسان حرا غير منقاد لأفكار رجعية وبدائية تريد سلخه من الكرامة والعزة والكمال وتطرحه بهيمة همه علفه واشباع شهواته .وامام الزخم الكبير من دعاء هذه الفكرة للعلمانية الشاملة فإننا نجد ان هناك ردا يمكن اعتباره السهل الممتنع الذي الجم ألسنة مروجي العلمانية الشاملة ، هذا الرد تابع من فكر اسلامي وجهد علمي كبير لا يصدر الا من كبير ومن عالم بمعنى الكلمة ، حيث وجدناه عن السيد الصرخي الحسني المرجع العراقي المعروف للقاصي والداني والمغيب ظلما وعدوانا ، فالسيد الصرخي يقول في (المنهاج الواضح / كتاب الاجتهاد والتقليد) حيث يقول :- (والمعلوم ان الانسان آمن بالله تعالى منذ ابعد الازمان ، وعبده واخلص له واحس بارتباط عميق به ، وهذا الايمان يعبر عن نزعة اصلية وغريزة طبيعية في الانسان للتعلق بخالقه ، ويمثل وجدانا راسخا يدرك بفطرته علاقة الانسان بربه ومخلوقاته .ولكن مع هذا فان الايمان كغريزة لا يكفي ولا يضمن تحقيق الارتباط بالمعبود بصورته الصحية الصحيحة ، لأن صور وكيفية الارتباط تعتمد وترتبط بدرجة كبيرة ورئيسة مع طريقة اشباع تلك الغريزة الايمانية ، ومع كيفية واسلوب الاستفادة منها ، فالتصرف السليم والصحيح في اشباعها هو الذي يكفل المصلحة النهائية للإنسان وارتباطه بالخالق المطلق بالكيفية الصحيحة المناسبة .والثابت ان اي غريزة تنمو وتتعمق اذا كان السلوك موافقا لها ، فبذور الرحمة والشفقة مثلا ً ، تنمو في نفس الانسان من خلال التعاطف العملي المستمر مع الفقراء والبائسين والمظلومين ، اما لو كان السلوك مخالفا ً ومضادا للغريزة فانه يؤدي الى ضمورها وخنقها ، فبذور الرحمة والشفقة مثلا ً تضمر وتموت في الانسان من خلال التعامل والسلوك السلبي من الظلم وحب الذات .وعليه فالإيمان بالله والشعور الغريزي العميق بالتطلع نحو الغيب والانشداد للمعبود لابد لها من توجيه وتسديد وتحديد الطريق والسلوك المناسب فشباع هذا الشعور وتعميقه وترسيخه ، لأن بدون التوجيه سيضمر الشعور وينتكس ويمنى بالوان من الانحراف والشبهات مما يؤدي الى ارتباط غير صحيح ليس له حقيقة فاعلة ومنتجة في حياة الانسان ولا يكون قادرا على توجيه طاقاته الصالحة الدينية والاخلاقية والعلمية)انتهى كلام السيد الصرخيوالحق يقال ان الكلام في غاية الدقة والروعة والبساطة وهذا ما عهدناه من السيد الصرخي الحسني الذي له في كل مظنة رأي وفكرة نابعة من الاسلام والمذهب الحق . حفظه الله لنا ذخرا وفخرا وللعراق قائدا ونصرا .