عواصم - (وكالات): أعلنت تركيا وإسرائيل رسمياً أمس تطبيع العلاقات بينهما بعد عداء دام 6 سنوات ونجم عن عدوان شنته وحدة إسرائيلية مسلحة على السفينة «مافي مرمرة» خلال نقلها مساعدات إنسانية تركية في محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة ما أدى إلى استشهاد 10 أتراك. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الحصار البحري المفروض على قطاع غزة سيبقى على حاله بعد الاتفاق، على الرغم من حصول تركيا على بعض التنازلات من أجل تقديم المساعدات للقطاع المحاصر. وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم من أنقرة أن تركيا سترسل «أكثر من 10 آلاف طن من المساعدات الإنسانية» من مرفأ مرسين جنوباً إلى مرفأ أشدود للفلسطينيين في قطاع غزة الذي يخضع لحصار إسرائيلي.وقال يلديريم إن إسرائيل ستدفع 20 مليون دولار لعائلات 10 أتراك استشهدوا خلال الهجوم على سفينة «مافي مرمرة»، مقابل التخلي عن الدعاوى القضائية ضد الجنود الإسرائيليين. وصرح نتنياهو في روما بعد محادثات مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري «أعتقد أنها خطوة مهمة أن نقوم بتطبيع علاقاتنا»، مؤكداً أن الاتفاق «ستكون له انعكاسات كبرى على الاقتصاد الإسرائيلي». وأضاف «أستخدم هذه الكلمة عن قصد (...) أعني انعكاسات إيجابية كبرى».وإسرائيل التي ستباشر استغلال احتياطات من الغاز في البحر المتوسط تبحث عن منافذ لتصريف إنتاجها. ورحب كيري بالاتفاق واصفاً إياه بـ»خطوة إيجابية».من جهته، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بالاتفاق بين إسرائيل وتركيا، معتبراً أنه «إشارة أمل» للشرق الأوسط. ولطمأنة الفلسطينيين، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالاً هاتفياً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «ليضعه في صورة» الاتفاق، كما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا».كما التقى أردوغان في إسطنبول رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة خالد مشعل الذي يقيم في الدوحة.ويثير تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل ارتياح الولايات المتحدة الحليفة القريبة لأنقرة العضو في حلف شمال الأطلسي، وتل أبيب معاً. وكانت تركيا حليفاً إقليمياً كبيراً لإسرائيل حتى بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة. لكن العلاقات بينهما تدهورت تدريجياً قبل أن تنخفض بشكل كبير في 2010 على إثر العدوان الذي شنته وحدة إسرائيلية مسلحة على السفينة «مافي مرمرة» التي كانت تنقل مساعدات إنسانية تركية في محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة، ما أدى إلى استشهاد أتراك. وكانت السفينة ضمن أسطول دولي من 6 سفن محملة بمساعدة إنسانية لكسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة. وقدمت إسرائيل اعتذاراتها في 2013 لكن التوتر عاد مجدداً في السنة التالية بسبب عدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة. وفي الأسابيع الأخيرة، قامت تركيا وإسرائيل بوضع الخطوط العريضة للتقارب بينهما بينما ترغب تركيا في استعادة نفوذها الإقليمي، حسب ما يرى محللون.وتشمل الصفقة قيام إسرائيل بدفع مبلغ 20 مليون دولار لصندوق تعويضات لعائلات الأتراك العشرة الذين قتلوا في الهجوم على مافي مرمرة، مقابل إسقاط أنقرة الملاحقات القضائية ضد العسكريين الإسرائيليين، كما قال مسؤول إسرائيلي.وأضاف المسؤول أن الاتفاق يقضي أيضاً بإعادة سفيري البلدين.وكانت تركيا وضعت 3 شروط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل هي اعتذار علني عن الهجوم وتعويضات مالية للضحايا ورفع الحصار عن قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس.وفرضت إسرائيل حصاراً خانقاً على قطاع غزة في عام 2006 بعد أسر جندي إسرائيلي. وتم تشديد الحصار بعدها بعام عندما سيطرت حركة حماس على القطاع.وتمت تلبية الطلبين الأولين جزئياً وبقي رفع الحصار العائق الرئيس أمام التوصل إلى اتفاق.وقال نتنياهو إن استمرار الحصار «مصلحة أمنية عليا بالنسبة لنا ولم أكن مستعداً للمساومة عليها». وتعهدت تركيا أيضاً بمنع «حماس» من تنفيذ أي أنشطة ضد إسرائيل، كما ذكرت صحيفة «هارتس» الإسرائيلية، موضحة أن الحركة ستواصل العمل من تركيا لأهداف دبلوماسية.وتعرض نتنياهو لضغوط في إسرائيل لعدم الموافقة على الاتفاق ما لم يتضمن ضغوطاً على «حماس» لتسليم جثتي جنديين إسرائيليين قتلا في عدوان غزة في 2014 وإسرائيليين اثنين آخرين يعتقد أنهما على قيد الحياة ومحتجزين لدى حماس.وأكد مسؤول إسرائيلي أن أردوغان وافق على توجيه تعلميات «لكافة الوكالات التركية المعنية للمساعدة في حل قضية الإسرائيليين المفقودين».يذكر أنه حتى عندما كانت العلاقات التركية الإسرائيلية في الحضيض، استمر التعاون العسكري والتجاري بين الدولتين، فالتوترات الظاهرية لا تفسر طبيعة العلاقة الاستراتيجية بينهما التي تمتد إلى نحو 60 عاماً. وأظهر اتفاق المصالحة الذي أعلنته أنقرة وتل أبيب، أمس، شرط رفع الحصار عن قطاع غزة التي تم الاتفاق عليها.