سلسبيل وليدتتميز البحرين بتراثها الغني الذي توارثته عبر سنوات طويلة، وتعتبر الأزياء البحرينية ذات مكانة مرموقة في فن التصميم والتفصيل والتطريز، حيث اكتسبت أزياؤها خصوصية في جمال الشكل ورفعة الذوق ودقة العمل، وهي تكشف لنا الكثير عن فنون المجتمع التي كانت سائدة، وجوانب كثيرة من الحياة الثقافية والاجتماعية السابقة.وجرت العادة البحرينية سابقاً أن ترتدي الفتاة الصغيرة بعد سن الرابعة من عمرها «البخنق» ولا تخلعه إلا بعد الزواج الذي لا بد منه في السن الرابعة عشرة على الأغلب.ويتم ارتداء «البخنق» بإدخال الفتاة رأسها في الفتحة المخصصة للرأس، والتي تكون مزينة بالتطريز الذي يأتي حول الوجه ليمسك بالحنك وينسدل على الأكتاف والصدر ويغطي ثلاثة أرباع الجسم.ويكون البخنق قصيراً من الأمام لا يتعدى الخصر، وأطول من الخلف حيث يمكن أن يصل إلى الأرجل، أو أقصر بقليل كي لا يعيق حركة الفتاة في أثناء لعبها مع رفيقاتها، ولأن الغرض من البخنق تعليم الفتاة على الاحتشام منذ الصغر، فخلعه يعد فعلاً شائناً وتصبح «حاســر».ويكون «البخنق» أسود ومطرزاً حول الرأس في نسيج متصل إلى الأمام من الرقبة نزولاً إلى نهايته، ونقوش البخنق هي التي تحدد سعره، كلما ازدادت وكثرت ازداد سعره، والرسومات غالباً ما تكون مشتقة من مفردات البيئة، وهي عادة على شكل أهلة، سلاسل أو نباتات صحراوية أو نجوم أو ورود أو نقاط صغيرة، أو دوائر، ثم تنثر النقشة نفسها على البخنق كله كمفردات صغيرة متفرقة.وكان للزري ثلاثة ألوان «الفضي والأصفر والأحمر». وكان يفضل شراء البخنق المحلى بالبرسيم بدلاً من الزري لمن هن دون الخامسة، وذلك لكي لا يخدش الزري غير المهذب الأطراف وجه الفتاة. أما القماش المستخدم في البخنق فهو (الململ)، وهو قماش أسود غير شفاف، وهو ذاته المستخدم لصنع «الشيـل».وتميزت الأزياء المحلية بملامح عامة، جعلتها تختلف عن دول أخرى، وعلى الرغم من تشابهها في بعض هذه الملامح مع الدول المجاورة إلا أن بها بعض الخصوصية.ومن أبرز الملامح، أن الأزياء الشعبية البحرينية حافظت على سمات الأزياء العربية الإسلامية التي اشتهرت صناعتها في العصرين العباسي والأموي، فتميزت باتساعها الزائد لكي لا تظهر تفاصيل الجسم، كما تعددت أشكالها وتصاميمها؛ فمثلاً نرى عدة تصاميم وأشكال للثوب النسائي والبشت.وتميزت بكثرة التطريز في الأماكن المختلفة من الثوب، باستعمال الخيوط المعدنية كخيوط الذهب والفضة، والخيوط الحريرية الملونة وغير الملونة، وباستعمال غرز تطريز متنوعة جميلة الشكل، تطرز بشكل تلقائي دون رسم على القماش، لتحدث زخارف جميلة وللزخارف النباتية والهندسية مكانتها، وهذا يتفق مع الفنون الإسلامية ومحاولة البعد عن الرسوم الآدمية والحيوانية.كما تميزت بألوانها الجميلة كالأزرق والأخضر والأسود والعنابي والقرمزي والبنفسجي، كما استخدمت الألوان الصارخة بكميات بسيطة ملائمة داخل الثوب كنوع من الكلف.وتميزت الخطوط الخارجية للملابس بأنها مستقيمة على شكل خطوط عمودية تحدث شكلاً مستطيلاً للزي، أما الداخلية فكانت بأشكال هندسية متنوعة؛ وذلك ربما بقصد الاقتصاد في الأقمشة ولسهولة خياطتها.أما الخياطات الداخلية للأثواب كانت تتم بعناية بالغة، واستخدمت خيوط الخياطة بنفس لون القماش، حيث كان يتم نسل الخيوط وبرمها معاً، واستخدامها في الخياطة. كما استخدمت البطانة في الأماكن المعرضة للضغط والاحتكاك كخطوط الرقبة والأكمام والذيل، وكذلك في أماكن التطريز؛ لتقويتها وإعطائها مظهراً متماسكاً.واستخدمت الأقمشة المتناسبة مع الطقس، فكانت الأقمشة الحريرية الموشاة بالخيوط الذهبية والفضية تستخدم للمناسبات الرسمية، والأقمشة القطنية للمناسبات العادية، كما استخدمت أنواع من الصوف والقطن للطقس الحار وأنواع أخرى للطقس البارد.أما أزياء الرجال صنفت إلى صيفية وشتوية، ففي الصيف تلبس الثياب القطنية الخفيفة كثوب «الشلحات» ومن تحتها «وزار» وفوقها «صديري» خفيف، مع «قحفية» فوق الرأس و»غترة» (ويل) وعقال أبيض وبشت خفيف ونعال نجدية. أما في الشتاء فتلبس الثياب القطنية والصوفية الثقيلة، ومن تحتها سروال، وفوقها صديري صوف أو بشت وبر وغترة شال، وبعضهم يلبس الدقلة أو الزبون.يذكر أن أن الأثواب التي يرتديها الرجال في الوقت الحالي في العمل والمناسبات الرسمية أزياء مستمدة من الأزياء القديمة، بعد التقليل من خطوطها؛ ليسهل تصنيعها ولتلائم الأقمشة الحديثة وليسهل حركة لابسها، وهي أزياء جميلة تتميز بروعة خطوطها ودقة صنعها وجمال أقمشتها وصفاء ألوانها خصوصاً البيضاء منها.وتتضمن أزياء الرجال الشعبية حذاء القدم كانت النعال تصنع يدوياً بواسطة الخراز، أو تستورد من نجد أو الهند أو العراق، وهي نعال مغطاة من أعلى وذات فتحة لإبهام القدم، وهي إما مصنوعة من الجلد أو مطرزة برقائق من خيوط الذهب والفضة (نعال زري).يشار إلى أن «الدقلة» وهي من الملابس الإسلامية القديمة أو تشبه في تفصيلها الجب، وهي رداء طويل يصل إلى القدمين، مفتوح من الأمام يغلق عند فتحة الرقبة والصدر بأزرار، وفي جانبيه من أسفل شق طويل يصل طوله إلى 25 سم، وقماشه عادة من الصوف المريني والجوخ أو الصوف الكشميري. وكان يلبسه المقتدرون من الناس.
«البخنق».. لبس العيد المحافظ على أصالته
09 يوليو 2016