خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قفزة في المجهول

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قفزة في المجهول

عواصم - (وكالات): يواجه رئيس الوزراء البريطاني المقبل المهمة الشاقة القاضية ببدء مفاوضات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، في آلية يمكن أن تستغرق سنوات وتبقى نتيجتها غير مؤكدة مع احتمال إلغاء الآلية الذي يراود البعض.
وبالنسبة لبريطانيا، تشكل هذه الخطوة قفزة في المجهول إذ لم يسبق أن غادرت دولة عضو الاتحاد حتى الآن. ويرى العديد من المراقبين أن هذه العملية لا يمكن إقرارها إلا بعد استفتاء ثان او انتخابات تشريعية جديدة.
ويقول المحللون إن البريطانيين يمكن في هذه المناسبة أن يغيروا رأيهم وألا يرغبوا في الخروج من نادي الدول الـ28، حتى بعد تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة الذي سيكون بداية عملية الخروج من الاتحاد.
كما يمكن أن تطرح نقاط قانونية تتعلق خصوصاً بتفعيل المادة 50 لأن الاستفتاء هو تعبير عن إرادة شعبية لكنه مجرد عملية استشارية غير ملزمة قانونياً.
وهناك العديد من التساؤلات الرئيسية المطروحة حول الخروج البريطاني، ومنها هل يمكن بدء آلية الخروج من الاتحاد بدون موافقة البرلمان البريطاني؟ وفي تلك الحالة، يمكن لرئيس الوزراء أن يبدأ عملية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي بدون أن يحتاج إلى موافقة البرلمان، كما أكد رئيس اللجنة المكلفة الإعداد لبريكست اوليفر ليتوين. وأوضح أن رئيس الوزراء يمكنه القيام بذلك عن طريق «الصلاحية الملكية» وهي صلاحية ممنوحة للسلطة التنفيذية لا تحتاج إلى موافقة البرلمان.
إلا أن ليتوين رأى أن القضية يمكن أن تنتقل إلى المحاكم إذ إن مكتب المحاماة ميشكون دي ريا رفع دعوى قضائية تؤكد أنه لا يمكن للسلطة التنفيذية التحرك بدون ضوء أخضر من النواب.
أما الحقوقيون، فيؤكدون من جانبهم أن القانون الذي أقر في 1972 حول انضمام بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي تم التصويت عليه في البرلمان، لذلك يعود إلى هذا البرلمان التصويت على الخروج أو عدم الخروج من الاتحاد.
وفيما يتعلق بدور البرلمان الاسكتلندي، فإنه يخضع للتشريع الأوروبي بموجب «قانون اسكتلندا» الذي أقر في 1998.
لذلك يمكن أن تكون موافقته ضرورية لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، كما قال عدد من الخبراء الدستوريين.
وقال ديفيد ادوارد القاضي السابق في «محكمة العدل للاتحاد الأوروبي» أمام لجنة برلمانية «يجب الحصول على موافقة برلمان اسكتلندا».
لكن آدم تومكينز النائب الإسكتلندي المعارض واستاذ الحقوق في جامعة غلاسكو رأى أن البرلمان الاسكتلندي لا يستطيع عرقلة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف في تغريدة أن «هوليرود «البرلمان الاسكتلندي» يمكنه الدعم أو رفض الدعم للخروج من الاتحاد الأوروبي. لكن رفض تقديم الدعم ليس مثل تعطيل» هذه الخطوة. وفيما يتعلق بإجراء استفتاء ثانٍ أو انتخابات جديدة، رفض المرشحون لخلافة ديفيد كاميرون على رأس الحكومة الخيارين وسيكون من الصعب على زعيم المحافظين المقبل الدفاع عن فكرة تنظيم استفتاء ثانٍ أو انتخابات جديدة، بعد أشهر فقط على الاستفتاء الذي جرى في 23 يونيو الماضي. لكن هذا لم يمنع شخصيات نافذة من إعلان تأييدها لإجراء استفتاء جديد للموافقة أو عدم الموافقة على اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد. وأعلن وزير الصحة المؤيد للبقاء في الاتحاد جيريمي هانت أنه يعارض تفعيل المادة 50 «فوراً».
وقال لصحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية «علينا التفاوض على اتفاق وعرضه على البريطانيين عن طريق استفتاء (...) أو انتخابات تشريعية». وصرح اناند مينون استاذ السياسة الأوروبية في جامعة كينغز كوليدج في لندن أن استفتاء 23 يونيو الماضي لم يسمح للبريطانيين بالتعبير عن رأيهم بشان «نوع العلاقة» التي يريدون اقامتها مع الاتحاد الأوروبي. وكتب في نشرة «فورين افيرز» إن استفتاء جديداً «ممكن جداً». في سياق متصل، ستعين بريطانيا أول امرأة رئيسة للوزراء منذ مارغريت تاتشر، بعدما قرر النواب المحافظون ترشيح وزيرة الداخلية تيريزا ماي ووزيرة الدولة للطاقة اندريا ليدسوم لخلافة ديفيد كاميرون وقيادة خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. وحصلت ماي على 199 صوتاً من أصوات نواب البرلمان الـ329 الذين شاركوا في التصويت على اختيار زعيم الحزب المقبل ورئيس الوزراء. وحصلت ليدسوم على 84 صوتاً، بحسب ما أفاد مسؤول في الحزب. وخرج من السباق وزير العدل مايكل غوف الذي كان أعلن ترشحه المفاجئ الأسبوع الماضي بعد أن كان يدعم رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون لهذا المنصب. من جهة ثانية، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن بلاده ستظل ملتزمة بالدفاع الأوروبي بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وذلك رغم إعلانه الاستقالة عقب خسارة استفتاء بشأن بقاء بريطانيا داخل التكتل الأوروبية الشهر الماضي. من جانب آخر، كشفت الشرطة البريطانية زيادة كبيرة في جرائم الكراهية في الأسابيع التي سبقت وتلت الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي والتي شهدت خلافاً حول الهجرة في المناظرات التي سبقت الاستفتاء. وقال المجلس الوطني لقادة الشرطة إن الأخيرة تلقت أكثر من 3 آلاف بلاغ عن حوادث كراهية في الفترة بين 16 و30 يونيو الماضي أي بارتفاع بنسبة 42 % مقارنة مع الفترة نفسها العام الماضي.