تقرير - تشهد أسواق العقار في بعض الأحيان حالة من استمرار ارتفاع الأسعار أو تماسكها حتى في حالات الركود وانحسار قيم وأحجام المبايعات العقارية، ويكون الأمر طبيعياً أيضاً عند ارتفاع قيم الصفقات العقارية إلى مستويات غير مسبوقة في الوقت الذي تواجه فيه قنوات التمويل والمطورين المزيد من التحديات والعقبات. وقد يكون للجاذبية الاستثنائية للمشاريع والمنتجات العقارية وجانب من الملاذات الآمنة دور في استمرار وتيرة الطلب على المنتجات الجاهزة وتلك التي في طور التنفيذ، وبالتالي رفع قيم السيولة. ويكون لعمليات تبيض الأموال دور كبير أيضاً رفع سيولة القطاع وتزايد عدد المشاريع وتسجيل ارتفاعات متواصلة على الأسعار، حيث تعمل هذه الأموال على رفع قيم السيولة لدى السوق العقاري الأمر الذي يحمل معه في غالب الأحيان مؤشرات أداء خاطئة تؤسس لفقاعات عقارية خطرة على السوق العقاري عند البدء بخروج هذه الأموال من الأماكن المستثمر فيها، وبالتالي فإن عمليات غسيل الأموال تعد من أخطر ما يمكن أن يواجهه السوق العقاري على مستوى العالم، ذلك أن السوق العقاري بأهميته يختلف كثيراً عن باقي القطاعات، وأن الكثير من القطاعات لا تحمل التداخل والأهمية التي يتمتع بها القطاع العقاري على مستوى الأداء الاقتصاد الحالي للدول وعلى مستقبلها.ويقول التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا القابضة أن الأزمات وحدها من يستطيع كشف حقيقة ما يجري لدى الأسواق العقارية، وما دون ذلك سيبقى جزءاً من النشاط الاقتصادي وارتفاع وتيرة الطلب والجاذبية المحلية للعقارات دون النظر بعمق إلى حقيقية ما يجري. والجدير ذكره هنا أن عمليات غسيل الأموال غالباً ما تستهدف القطاع العقاري لدى غالبية دول العالم وتتركز بشكل خاص على العقارات من الفئة الفاخرة والمميزة والتي تتسم بقيم استثمارية مرتفعة وقدرة على التسييل بكافة الظروف دون التعرض للخسارة، مع التأكيد على أن صفقات البيع والشراء تتم من خلال شركات أجنبية وليس أفراد الأمر الذي يمنحها المزيد من الشرعية. ويقول تقرير المزايا أن السوق العقاري البريطاني يعتبر من أنشط الأسواق العقارية في عقد الصفقات ذات المصادر غير المعروفة والتي يرجح أن تكون نتيجة غسيل أموال، يأتي ذلك في الوقت الذي سجلت فيه أسعار العقارات في لندن ارتفاعات قياسية وارتفاعات ملحوظة على قيم السيولة المتداولة، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الشركات الأجنبية التي تتملك للعقارات الفاخرة في العاصمة البريطانية، ولابد من الإشارة هنا إلى أن للقوانين والتشريعات المنظمة دور في السيطرة أو عدم السيطرة على هذه العمليات والحد منها ومن تأثيراتها التدميرية للسوق العقاري والاقتصاد المحلي لدى كافة الدول التي تستوطن فيها هذه الممارسات.وليس من الصعب الكشف عن هذه الصفقات والعمليات لدى كافة الأسواق حول العالم ومن السهل أيضاً إمكانية تتبعها وتحديد أماكن استقرارها وذلك إذا ما توفرت القوانين والتشريعات المنظمة للااستثمارات الأجنبية، وهذا يقودنا إلى الاعتقاد بأن الأسواق التي تنتهج قوانين استثمارية منفتحة على الاستثمار الأجنبي ستكون أكثر عرضة للتأثر بمسارات وأهداف أصحاب هذه الأموال على الرغم من كافة السلبيات والأخطار التي تحدق بالأسواق العقارية التي تستهدفها هذه السيولة، إلا أن لها مساهمات واضحة في رسم معالم الأسواق العقارية الحديثة حول العالم، وتعمل هذه العمليات على تشكيل الأسواق العقارية وتسهم أيضاً في رفع الأسعار مرات عديدة، أوصلتها إلى مراحل لا يمكن معها للمواطن من الفئة العادية والمتوسطة من الحصول على السكن المناسب، مع الإشارة هنا إلى أن تدفق هذه الأموال إلى سوق الإسكان لدى أي اقتصاد سيكون له تبعات وانحرافات ليس لها حدود وان الارتفاع المتواصل على أسعار العقارات دون مبرر وبشكل مصطنع، ستكون إحدى التأثيرات المباشرة والأكثر سلبية.ويؤكد تقرير المزايا على أن عمليات تبيض الأموال تستهدف في الأساس اقتصاديات الدول المتطورة والتي يتمتع اقتصادها بمراكز مالية ذات صفة دولة ووجود خدمات قانونية ومحاسبية متطورة وسوق عقاري نشط ومتطور أيضاً، في حين أن الجاذبية هذه تصطدم بإمكانية تحول الاقتصاد الناجح الى موطن لعائدات الجرائم والفساد.وأشار تقرير المزايا إلى أن الأسواق العقارية لدول المنطقة مازالت بعيدة عن التأثر المباشر لعمليات غسيل الأموال، مع الإشارة إلى أن بعض أسواق المنطقة قد تأثرت سلباً ببعض عمليات غسيل الأموال خلال فترة ما قبل الأزمة المالية العالمية. كما إن مسارات الطلب القادمة من قبل المستخدم النهائي والتنويع المسجلة على صفقات البيع والتصرفات العقارية لدى غالبية أسواق المنطقة بالإضافة إلى التراجع التدريجي الذي سجلته أسعار الوحدات العقارية منذ العامين تقريباً والانضباط الذي تعكسه المعارض العقارية، جميعها مؤشرات تفضي إلى تمتع الأسواق العقارية في المنطقة بشفافية عالية وخلوها من تأثيرات غسيل الأموال، فيما يعود الارتفاع المتوصل على أسعار الأراضي والمنتجات العقارية الجاهزة لدى عدد من أسواق المنطقة إلى عوامل داخلية يأتي في مقدمتها انحسار الأراضي والمنتجات العقارية في مواقع الطلب المرتفع وعدم توفر أراضي مناسبة لإقامة المشاريع العقارية عليها بالإضافة إلى المضاربات الكبيرة التي سجلت خلال الفترة الماضية والتي جاءت نتيجة ارتفاع قيم السيولة المحلية المتوفرة لدى الأفراد والشركات الباحثة عن استثمارات سريعة وعوائد كبيرة.ولم يتوقف تقرير المزايا عند هذا الحد بل تطلع إلى مزيد من الشفافية والمزيد من القوانين والتشريعات التي تنظم أداء السوق العقاري لدى دول المنطقة وبشكل خاص خلال الفترة الحالية والقادمة، يأتي ذلك مع تزايد مؤشرات شح السيولة وتوقعات بتراجع رغبة القطاع المصرفي في ضخ المزيد من السيولة على مستوى المشاريع وعلى مستوى التمويلات المباشرة للأفراد تبعاً لمستوى المخاطر المسجل والمتوقع بين فترة وأخرى، بالإضافة إلى تأثيرات فرض الضريبة على الأراضي غير المستغلة، مع الإشارة هنا إلى أن استمرار تراجع أسواق المال وتراجع فرص الاستثمار كماً ونوعاً من شأنه أن يشجع صفقات غسيل الأموال من الدخول والتغلغل لدى مفاصل الاقتصادات المحلية وقطاعاتها الرئيسية وبشكل خاص القطاع العقاري وأسواق المال.ويتطلع تقرير المزايا إلى مزيد من التنسيق والتعاون بين كافة الأطراف الرسمية ذات العلاقة لرفع كفاءة تتبع العمليات المشبوهة الداخلة إلى شرايين الاقتصاد وإلى قطاعاته المؤثرة، يأتي ذلك في الوقت الذي يعتمد فيه الاستثمار لدى غالبية دول المنطقة على استثمارات حقيقية في الأساس وتهدف إلى تحقيق خطط وأهداف تنموية متوسطة وطويلة الأجل ويعتمد نجاحها وفشلها على مستوى الدعم الحكومي والاستمرار بالمشاريع التنموية وبالتالي فإن أسواق المنطقة لا تحتمل أزمات جديدة وانهيارات سعرية حادة غير متوقعة.وفي السياق يقول تقرير المزايا إلى أن أي تأخير يحدث على تنظيم مهنة سماسرة العقارات والمكاتب والوكالات والشركات العقارية من شأنه أن يبقي الباب مفتوحاً أمام إتمام الصفقات القائمة على مصادر أموال مشبوهة، ولا تنفصل هذه المسائل عن الإجراءات والتدابير المعتمدة والكفلية بضبط السوق العقاري ووقف الانحرافات، أينما توفرت وذلك من خلال رصد أية تعاملات مشبوهة تشكل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القوانين ذات العلاقة، ويقول تقرير المزايا إلى أن فرض المزيد من الرقابة والمتابعة على الصفقات التي تنتجها المعارض العقارية التي يتم تنظيمها يندرج أيضاً ضمن الإجراءات القاضية بضبط إيقاع السوق ورفع الكفاءة والشفافية والتي ستؤدي مجتمعة إلى رفع الجاذبية الاستثمارية للسوق لرؤوس الأموال والاستثمارات الحقيقية وحماية أصول ومصالح الأفراد والشركات، مستخدماً نهائياً أم مستثمرين على المدى طويل الأجل. وأكد تقرير المزايا إلى أن الإجراءات الاحترازية على المستوى المحلي قد تكون نافعة وتؤدي دورها، إلا أنها ليست كافية ولا يمكن الاعتماد عليها كثيراً إذا لم يرافقها إجماع دولي على مواجهتها والاتفاق على إجراءات مشددة لوقف تدفق الأموال المشبوهة إلى القطاعات الرئيسة ومنها القطاع العقاري، ويبدو أن العديد من دول المنطقة باتت أكثر استعداد لمواجهة هذه الظاهرة من خلال المزيد من القوانين ذات العلاقة ومن خلال اعتماد المزيد من القوانين والتشريعات الضابطة للسوق، مع الإشارة هنا إلى الحد من تأثيرات تبيض الأموال على القطاع العقاري والقطاعات الرئيسة الأخرى يتطلب المزيد من التعاون بين أسواق المنطقة في المرتبة الأولى وبين أسواق العالم في المرتبة الثانية.
مقاومة السوق العقاري لعمليات تبييض الأموال تعتمد على قوانين الاستثمار الأجنبي
02 أغسطس 2016