(أ ف ب)- من ملعب ماراكانا، القلب النابض في مدينة ريو دي جانيرو «الرائعة»، تضاء اليوم شعلة الألعاب الأولمبية الصيفية لأول مرة في جنوب القارة الأمريكية، في وقت تعيش البرازيل مرحلة سياسية-اجتماعية مضطربة وتتقاذف أمواج فساد عاتية عالم الرياضة.وكان العالم مختلفاً في 2009 عندما حصلت ريو دي جانيرو على شرف تنظيم الألعاب الأولمبية الصيفية الحادية والثلاثين، متفوقة على شيكاغو الأمريكية وطوكيو اليابانية ومدريد الإسبانية «66-32».وشنت حروب، سقطت انظمة، وتدهورت أسواق مالية ونفطية، لكن الأخطر بالنسبة للرياضة انكشاف الغطاء عن فساد عميق تلطى وراءه مسؤولون وقادة لتجميع ثروات طائلة خلف ستار نزاهة الرياضة وقيمها.وبعد فضيحة الاتحاد الدولي لكرة القدم وتدحرج رؤوسه، تهاوت أركان الاتحاد الدولي لألعاب القوى ورئيسه السابق السنغالي المشتبه به السنغالي لامين دياك، فتحولت «أم الالعاب» إلى مستنقع ملغوم كاد يطيح حتى برئيسه الجديد «اللورد» البريطاني سيباستيان كو.وقصمت ظهر أخلاقيات الرياضة فضيحة منشطات مدوية. فبعد ألمانيا الشرقية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، دفع الرياضيون الروس ثمن تنشط ممنهج أودى بكامل فريق ألعاب القوى، فيما تغص محاكم تحكيم رياضية نقلت أروقتها إلى ريو بدعاوى وطعون باقي البعثة الروسية الراغبة بالتواجد في ملاعب مدينة «الكاريوكا».وفي البرازيل التي استضافت كأس العالم لكرة القدم قبل سنتين، أقصيت الرئيسة ديلما روسيف عن السلطة في مايوالماضي بقرار من مجلس الشيوخ بانتظار حكم نهائي بشأن إجراءات إقالتها بتهمة التلاعب بحسابات عامة، لذا سيفتتح الرئيس الموقت اللبناني الأصل ميشال تامر الألعاب بحضور 45 رئيس دولة وحكومة بينهم الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الحكومة الإيطالي ماتيو رنتسي ورئيسا الارجنتين ماوريسيو ماكري وكولومبيا خوان مانويل سانتوس.وبقي الأمن قضية أساسية مطروحة بعدما شهد العالم هجمات متزايدة في الأسابيع الماضية فقررت السلطات نشر 47 ألف شرطي و38 ألف عسكري لحماية الرياضيين والسياح الذين يتوقع حضور 500 ألف منهم.صحيح أن العنف لم يطل البرازيل حتى الآن، لكن جهادياً فرنسياً هدد في نوفمبر بعيد اعتداءات باريس قائلاً «البرازيل، أنت هدفنا المقبل». كما أوقفت الشرطة قبل أسبوعين 12 شخصاً أعلن بعضهم ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية، وكانوا يخططون لتنفيذ هجمات إرهابية خلال الدورة.ريو جاهزة.. لكن!تقع عاصمة البرازيل السابقة قبل انتقال مركز القرار إلى برازيليا عام 1960، على المحيط الأطلسي ويقطنها أكثر من 6 ملايين نسمة وتشتهر بشواطئها خصوصا كوباكابانا. وهي جاهزة لإيقاد الشعلة برغم تلويح عمال المترو بإضرابات قد تعرقل سير المسابقات.وتواجه البرازيل أسوأ أزمة اقتصادية في 80 عاماً وارتفاع معدل الجريمة، كما تغيب علامات الفرح عن وجوه راقصي السامبا.والتباين لافت في ريو بين شوارع ميسورة ومدن صفيح «فافيلا» تبث الرعب في قلوب زائري مدينة تنظم سنوياً أشهر كرنفال في العالم، ومياهها ملوثة لدرجة أن اقامة سباقات المياه المفتوحة باتت مصدر قلق للسباحين.وتحلم البرازيل بدخول مرحلة جديدة بعد استضافتها أهم حدث كروي في العالم عام 2014 حيث ذلتها ألمانيا 7-1 في نصف نهائي كأس العالم لكرة القدم، ثم أكبر تظاهرة رياضية بعد سنتين، وقد أطلقت على الألعاب شعار «عالم جديد».بولت وفيلبس والآخرونرقم قياسي من 11360 رياضياً «6222 لاعباً و5138 لاعبة» يمثلون 207 دولة وبعثة سيتنافسون بين 5 و21 أغسطس الحالي على 306 ميداليات ذهبية في 28 رياضة أولمبية.من الضيوف الجدد كوسوفو وجنوب السودان، فيما تشارك الكويت تحت العلم الأولمبي لإيقافها دولياً تحت حجة تضارب القوانين الرياضية مع الميثاق الأولمبي.ولأول مرة، تم تشكيل فريق للاجئين طبقاً لمعايير حددتها الاتحادات الدولية ضمن برنامج تشرف عليه البطلة الأولمبية الكينية السابقة تيغلا لوروب، وهو يضم السباحين السوريين يسرى مارديني ورامي أنيس.وكما اختتمت ألعاب لندن 2012، على وقع خطوات العداء الجامايكي أوساين بولت العملاقة، وتحطيم السباح الأمريكي مايكل فيلبس الأرقام القياسية، يأمل الثنائي الأسطوري ان تكون ريو 2016 نهاية مظفرة لمسيرتهما.ويسعى «البرق» بولت «29 عاماً» إلى الاحتفاظ بلقب سباقات 100 م و200 م والتتابع 4 مرات 100 م التي توج بها في بكين 2008 ولندن 2012 في سابقة تاريخية. من جانبه، يخوض فيلبس «31 عاماً»، الرياضي الأكثر تتويجاً في تاريخ الألعاب الأولمبية «22 ميدالية بينها 18 ذهبية»، منافسات 3 سباقات فردية في ريو وهي 100 م و200 م فراشة و200 م متنوعة. وكان فيلبس اعلن اعتزاله بعد حصد 6 ميداليات خلال أولمبياد لندن 2012، ثم عاد عن قراره قبل عامين.ولا شك في ان مشهد ترتيب الميداليات في ريو سيختلف كثيراً عن لندن 2012 خصوصاً في ظل استبعاد أكثر من مائة رياضي روسي عن الألعاب.فبعد حصولها على 24 ذهبية قبل 4 سنوات، ستتوزع الميداليات الروسية المحتملة على باقي المرشحين، وخصوصاً الولايات المتحدة متصدرة 2012 برصيد 46 ذهبية والصين الثانية «38».