عاد التوتّر على أشدّه للساحة السياسية في تونس بين الترويكا الحاكمة والمعارضة عقب إعلان تعليق الحوار الوطني بسبب الخلافات، بشأن اختيار شخصية مستقلّة تترأس حكومة كفاءات مقبلة مهمتها إنهاء الأزمة التي تفجرّت منذ نحو ثلاثة أشهر وإجراء انتخابات جديدة.فما لبث أن أعلن رباعي الوساطة الراعي للحوار تعليق المفاوضات لأجل غير مسمّى حتى بدأ التراشق بالاتهامات بين حركة نداء تونس والجبهة الشعبية -أبرز مكونات المعارضة- وبين حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم، محمّلين بعضهم بعضا مسؤولية تعثّر الحوار.وفي السياق يقول القيادي بالجبهة الشعبية منجي الرحوي إنّ حركة النهضة سعت "لفرض" مرشحها السياسي المخضرم أحمد المستيري رئيسا للحكومة "دون توافق" مشيرا إلى أن كبر عمره (88 عاما) "لا يؤهله للاضطلاع بالمسؤولية في هذا الظرف الصعب".تبادل التهموفي ردّه على ذلك نقلت قناة الجزيرة اليوم الثلاثاء عن الناطق باسم حركة النهضة زياد العذاري إنّ المعارضة "هي من تعنتت وحاولت فرض مرشح لها من بين شخصيات لا يوجد حولها توافق" مقدرا أنّ المستيري هو "الأكفأ لإنجاح ما تبقى من المرحلة الانتقالية".ورشحت المعارضة عدّة أسماء لتولي رئاسة الحكومة كمحمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية السابق، ومحافظ البنك المركزي السابق كمال النابلي، ووزير المالية السابق جلول عياد، ووزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي، وعميد المحامين السابق شوقي الطبيب، وأمين عام اتحاد الشغل حسين العباسي.لكن حركة النهضة فضلت المستيري عليهم، بينما أبدى حزب المؤتمر اعتراضا على الزبيدي الذي قدّم استقالته بالحكومة السابقة عقب توتر علاقته مع الرئيس منصف المرزوقي، والرئيس الشرفي لحزب المؤتمر الذي رفض المشاركة بالحوار الوطني.ومع أنّ حركة النهضة قبلت مقترح الحزب الجمهوري المعارض بدمج أسماء كل المرشحين بحكومة واحدة يرأسها المستيري، فإنّ المعارضة رفضته بدعوى أنّ خارطة الطريق تقضي فقط بتعيين رئيس حكومة يتولى بمفرده تشكيل فريقه الحكومي.تصعيد الموقفوفي ظلّ تعطل خارطة الطريق ألمح رباعي الوساطة على لسان ناطقه حسين العباسي الأمين العام لاتحاد الشغل -أكبر منظمة نقابية- إلى تصعيد موقفه إذا لم تستأنف المحادثات قريبا، مهددا بفضح من أفشل الحوار واقتراح أسماء لتولي رئاسة الحكومة وإلا "فسيكون لكلّ حادث حديث".واللافت أيضا هو تلويح نواب بالمعارضة بالانسحاب مجددا من المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) رغم أنه لم يمض على عودتهم سوى أسبوع واحد، وذلك بسبب تعثر الحوار من جهة وعودة التجاذبات على أشدها بالمجلس من جهة أخرى.وفي هذا السياق يقول النائب المعارض صالح شعيب للجزيرة نت إنّ "نواب المعارضة قد يضطرون للانسحاب مجددا من المجلس إذا أصرت حركة النهضة على إفشال خارطة الطريق نتيجة تعنتها لفرض مرشحها دون توافق سعيا منها للبقاء بالحكم".بموازاة ذلك انتقد الرحوي ما أسماه "انقلابا" داخل المجلس التأسيسي من قبل نواب حركة النهضة وحلفائها على الأقلية المعارضة، قائلا "نحن في وضع شبيه بالتعديل الدستوري الذي انقلب به الرئيس المعزول محمد مرسي على الإرادة الشعبية بمصر".تباين الرؤىوأوضح أنّ نواب حركة النهضة أدرجوا تنقيحات بالنظام الداخلي للمجلس التأسيسي "لتوسيع صلاحياتهم والتغوّل على المعارضة" محذرا من تسبب ذلك في تعطل مسار الحوار وسقوط البلاد في المجهول. ولم يستبعد عودة المعارضة للاحتجاجات.لكنّ العذاري نفى تلك الاتهامات، قائلا إنّ نواب حزبه يسعون فحسب لتنقيح فصول لتسريع أعمال المجلس وإقرار مشروع الدستور في أقرب وقت.كما قال إنّ حركة النهضة "قبلت التنازل عن الحكم في إطار الحوار ودخلت المفاوضات بغاية إنجاحها" مشيرا إلى أنّ تهديد المعارضة بتحريك الشارع "جرّب سابقا لم ينجح"، وأكد بأنّ حزبه يسعى لاستئناف الحوار بأقرب وقت للخروج من الأزمة بأوسع توافق.
International
التوتر يعود لتونس عقب تعليق الحوار
05 نوفمبر 2013