لا حكومة بلبنان في المدى المنظور قبل انسحاب حزب الله من القتال بسوريا، هكذا حسم تيار المستقبل الموقف مع بدء الشهر الثامن على تكليف تمام سلام بتشكيل الحكومة، ففي حسابات السياسة اللبنانية، ليس سرا أن كل شيء -حتى تشكيل الحكومة- مرتبط عضويا بالأزمة السورية.وإذا كانت الشروط والشروط المضادة خلال عملية التشكيل يُقصد منها في العادة تحسين الحصص وعدد الحقائب ونوعيتها لكل فريق، فهي وصلت هذه المرة إلى مستوى التعطيل المتعمد بانتظار تسوية ما يجري إعدادها إقليميا ودوليا.ورغم أن ظروف البلد الضاغطة اقتصاديا واجتماعيا بفعل تدفق النازحين السوريين، وأمنيا نتيجة جولات القتال المتكررة بطرابلس لم تعد تحتمل مزيدا من التأخير، يبدو أن التأجيل بات أمرا واقعا، طالما استمر حزب الله في مشاركته بالحرب السورية.إعلان بعبداويقول محمد شطح -مستشار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري- للجزيرة نت، إن الالتزام "بإعلان بعبدا" الذي يتضمن انسحاب حزب الله من سوريا، شرط أساسي والقاعدة المشتركة لتشكيل حكومة توافقية يتمثل فيها الحزب، معتبرا أن "إعلان بعبدا" الذي وافق عليه الجميع بما فيهم حزب الله، قاعدة وضع شبكة أمان للبلد.وأضاف شطح -الذي حضر قبل أيام اجتماعا لتيار المستقبل وقوى 14 آذار برئاسة الحريري في باريس- أن حكومة غير حزبية تقوم بمهمات الحد الأدنى هو الحل المناسب لهذا الوضع الاستثنائي، واضعا الأمر في تصرف سلام ورئيس الجمهورية ميشال سليمان "اللذين لدينا كامل الثقة بهما"، مشيرا إلى أنهما أُبلغا بموقف تيار "المستقبل".مطلب الحكومة غير الحزبية لا يبدو مستساغا عند حزب الله وحلفائه، وكذلك ربط تشكيل الحكومة بانسحاب الحزب من سوريا.ويقول النائب عن تكتل التغيير والإصلاح بزعامة ميشال عون ألان عون إن استبعاد حزب الله من الحكومة "أصبح وراءنا"، معتبرا أن "الخلاف المشروع حول مشاركته بالحرب السورية لا يُسقط حقه في التمثيل الحكومي المستحق بموجب صفته التمثيلية الشعبية والطائفية والسياسية".وشدد عون للجزيرة نت على أنه لا يمكن فصل عملية التشكيل عن الصراع الدائر في سوريا، وهي تعقدت لأنها مرتبطة بهذا المسار، لكنه رأى في الوقت عينه أنه من الخطأ ربط أطراف لبنانية تشكيل الحكومة بنهاية الأزمة السورية، لأنها قد تمتد لأشهر وليس معلوما متى ستنتهي.وأشار إلى أنه لا يمكن عزل الحكومة عن استحقاقات داخلية هامة على رأسها انتخاب رئيس للبلاد، وتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية. لأن هذه الحكومة قد تحكم البلاد إذا لم ينجح البرلمان بانتخاب رئيس جديد.سلام مستمرورغم صعوبة المهمة الملقاة على عاتقه، يحاول الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مواصلة عملية التأليف دون الدخول في بازار الشروط، ودون أخذ أي موقف لصالح أي من فرقاء الصراع.وهو ما أكده بعد لقائه سليمان أمس أنه "في ظل غابة من الأزمات السياسية داخليا وخارجيا، تكونت صعوبات وعراقيل وموانع عدة أمام التشكيل". وتابع أنه لو وجد في اعتذاره فرصة أو مخرجا للحل لما تأخر.ووضعت مصادر مقربة من سلام الحديث عن انسحاب حزب الله من سوريا شرطا لتشكيل الحكومة في إطار الشروط والشروط المضادة. وقالت المصادر إن سلام مستمر في الاتصالات والمشاورات للقيام بمهمته بدعم من الرئيس "والشعب الذي يطالبه بعدم الاعتذار".وعن احتمال تأليف حكومة من دون حزب الله، قالت المصادر للجزيرة نت إن هذا الأمر لم يُبحث لأن العمل يجري منذ البداية على تأليف حكومة جامعة.وقد دعا الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قبل أيام فريق 14 آذار إلى "التواضع والقبول بصيغة 9-9-6 (أي تسعة وزراء لقوى الثامن من آذار ومثلها لقوى الـ14 من آذار وستة للوسطيين) كما تواضع فريق الثامن من آذار وقبل بتسعة وزراء".ورغم الحديث عن أن الخلاف الحكومي يدور حول توزيع الحصص، تبدو مسألة الأرقام هامشية أمام حجم العقبات الإقليمية والدولية بوجه التشكيل، حسب الذين التقتهم الجزيرة نت.