واشنطن - (أ ف ب): بعد 15 عاماً على اعتداءات 11 سبتمبر 2001، تعلمت الولايات المتحدة حماية نفسها من الهجمات الجهادية المتطورة، لكنها مازالت عرضة للعمليات البدائية التي يقوم بها متطرفون محليون. وقال نيك راسموسي، المدير الواسع النفوذ للمركز الوطني الأمريكي لمكافحة الإرهاب، الذي يضم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه» ومكتب التحقيقات الفيدرالي «أف بي آي» ووكالات أمنية أخرى في البلاد، أن الكشف عن مشاريع الاعتداءات لأنصار تنظيم الدولة «داعش» الذين يستفيدون من التقنيات الحديثة ويعتمدون أساليب تنظيمية تتسم بمزيد من اللامركزية، «يصبح أكثر صعوبة» للأجهزة الأمريكية لمكافحة الإرهاب. وأضاف أن استخدام الهواتف الذكية والإنترنت وتوزيع التطبيقات المشفرة التي يصعب فك رموزها، يجعل المتطرفين «متقدمين على الآخرين». و«الحرب العالمية على الإرهاب» التي شنتها الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر وتمحورت لفترة طويلة حول تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية، تستهدف اليوم «داعش» في المقام الأول. وقد اثبت عناصره قدرتهم على تنظيم واستيحاء هجمات شنها في أوروبا والولايات المتحدة متطرفون من الداخل، ومقيمون ومواطنون غالباً ما يكونون من البلد المستهدف. إلا أن الهجمات التي كانت أصغر حجماً من اعتداءات 11 سبتمبر، ألحقت أذى بالغاً وأضعفت المعنويات. وحتى بعد مقتل مؤسسه أسامة بن لادن الذي قضت عليه في 2011 القوات الأمريكية الخاصة، مازال تنظيم القاعدة يشكل خطراً. وقد تمكنت المجموعتان المتطرفتان من الانتشار، من الفلبين وصولاً إلى غرب أفريقيا. وقال فرانك سيلوفو مدير مركز الدراسات حول الأمن الداخلي في جامعة جورج واشنطن، أن التهديد المتطرف قد «تفشى». وأضاف «أنه يتواصل وهو أكثر تعقيداً في بعض الحالات». وقد رفعت مجموعة مفاجئة من الهجمات في الولايات المتحدة، موضوع مكافحة «الإرهاب الداخلي» ووضعته في صدارة الأولويات. ففي 12 يونيو 2016، أقدم أمريكي أفغاني الأصل عمره «29 عاماً»، ويسود الاعتقاد أنه من أنصار التطرف، على قتل 29 شخصاً في ناد للمثليين بفلوريدا جنوب شرق البلاد. وفي 2 ديسمبر 2015، قتل مواطن أمريكي باكستاني الأصل وزوجته 14 شخصاً في كاليفورنيا غرب البلاد. وذكر مركز البحوث في جامعة جورج واشنطن، أن السلطات القضائية وجهت إلى 102 شخص في الولايات المتحدة، تهم ارتكاب جرائم على صلة بـ «داعش»، وقد تأثر القسم الأكبر منهم بهذا التنظيم عبر الإنترنت. وقال راسموسين إن أجهزة الأمن الأمريكية تواجه صعوبة في مراقبة أكثر من ألف متطرف محتمل لاحظت تصرفاتهم المريبة. وباتت التنظيمات المتطرفة تعد لمشاريع الهجمات بسرعة كبيرة وفي حلقات ضيقة، لذلك بات من الصعوبة بمكان الكشف عنها. ويؤكد المسؤولون الأمريكيون ان التهديد الذي يشكله «داعش» لن يخبو من جراء الهزيمة المعلنة للمتطرفين في معقليهما في كل من العراق وسوريا. ويدأب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كوي ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جون برينان، على القول إن انتهاء «الخلافة» الذي أعلنه المتطرفون، سيحمل أعداداً كبيرة من المقاتلين الأجانب على العودة إلى بلدانهم، لكنهم مازالوا عاقدي العزم على الاستمرار في معركتهم. وقال كومي «يعتبر مكتب التحقيقات الفيدرالي أن التهديد الذي سيسود السنوات الخمس المقبلة، سيكون نتيجة سحق الخلافة». وحذر من أن «مئات من القتلة المتمرسين الذين لن يموتوا في ساحة القتال، سيتوزعون» في أماكن أخرى وخصوصاً في الغرب، محاولين «نقل المعركة» إلى ارجائه.ويتحدث مكتب التحقيقات الفيدرالي عن تهديد يتسم بمزيد من الخطورة يحمل الأجهزة الأمنية على بذل جهود مضاعفة، لأن المتطرفين يستخدمون بطريقة منهجية تطبيقات مشفرة يصعب فك رموزها. ويطالب بإلحاح الشركات الكبيرة التي تسوق المبتكرات التكنولوجية بتسلميها وسائل فك الرموز عندما يأمر القضاء بذلك. ويعرب مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عن قلقهما من تقصير أجهزة مكافحة الإرهاب الأوروبية على صعيد تبادل المعلومات المتعلقة بالمتطرفين الذين يدخلون البلاد. وقد تحرر راسموسي إلى حد ما من الأوهام التي كانت تحمله على الاعتقاد بقدرة الولايات المتحدة وحلفائها على التصدي معاً للإرهاب. وقال «لدي انطباع بأننا نسبح عكس التيار»، مشيراً إلى أن التعاون الثنائي هو الذي يتقدم على ما سواه. ويشدد مسؤولو مكافحة الإرهاب أيضاً على وجود معركة أساسية على الصعيد الأيديولوجي. فهم يعتبرون أن الولايات المتحدة أحرزت قليلاً من التقدم من أجل التصدي للدعاية المتطرفة. وأعرب مايكل ليتر من مجموعة ليدوس الأمريكية للدفاع والاستخبارات، أن الولايات المتحدة تحتاج إلى استراتيجية بعيدة المدى تشارك فيها شبكات التواصل الاجتماعي، لكن الوسائل غير متوافرة.