أكد رئيس مجلس الأوقاف الجعفرية محسن آل عصفور ضرورة تجنيب استغلال وتسييس وتحزيب المنبر الديني للدعوات الطائفية وإثارة الانقسامات، مشيراً إلى أن الانتماء الوحيد الذي ينبغي أن يكون له إنما هو للإسلام بكل ما يحتضنه من جوامع القيم والمثل والمبادئ السامية، ولا يجوز أن يجير إلى أي انتماء حزبي أو سياسي أو فئوي أو طائفي.وقال، بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1438 الموافق لـ2016، إن إدارة الأوقاف الجعفرية تؤكد على ضرورة منع استغلال دور المآتم والروضات الحسينية كمواقع لبث الفتن والاحتراب الطائفي والتجاذبات السياسية التي تتنافى جملة وتفصيلاً مع دورها الرسالة الريادي في نهضة الأمة.ودعا شعب البحرين وشعوب أمتنا الإسلامية إلى اليقظة والحذر مما يدبر لها من مكائد واستهداف علني من قبل القوى الاستعمارية العالمية والتي تستدعي منا جميعاً تعزيز وشائج اللحمة الوطنية وتنقية الأجواء والتقارب بما نجتمع عليه من ثوابت في الدين والعقيدة والقيم والموروثات الأصيلة التي ورثناها عن الأجداد جيلاً بعد جيل وتمثل الإرث الأصيل والعريق لأمتنا وتاريخنا التليد للوقوف في وجه مؤامرات القوى الاستعمارية الحديثة التي تسعى للنيل من أمتنا الإسلامية والكيد والفتك بها وابتزازها والاستيلاء على ما حباها الله من خيرات وثروات والعمل الدؤوب لتوثيق عرى الأخوة الإيمانية والالتفاف حول المصالح الوطنية والإسلامية العليا وتناسي كل الخلافات المصطنعة التي كرستها قوى الاستعمار الحديث وحاكتها عبر دسائس استعبادها ووسائل استبدادها وضرورة تلاحم الشعوب مع أنظمتها الرسمية الحاكمة من أجل خلق واقع جديد ينعم فيه الجميع بالعدالة والأمن والاستقرار، واقع تصان فيه الحرمات والكرامات، ويعيش فيه الكل بكرامة وعزة.وقال إننا نبارك للأمة الإسلامية في شرقها وغربها ذكرى الهجرة النبوية الشريفة تلك الهجرة المباركة التي أسست لنقلة نوعية حضارية في تاريخ البشرية وأضاءت وأشرقت على العالم بنور رسالتها الإلهية السمحاء ومبادئها المثالية ومقاصدها السامية والتي بفضلها أصبحنا ننعم فيما نعيش فيه من تمدن ورقي وقيم، وما أحوجنا اليوم في خضم ما ابتلينا به من فتن إلى تجديد العهد بالالتزام بها والوفاء لها لنجاتنا وإنقاذ أمتنا بالتمسك بحبل نجاتها لأنها الدليل والنبراس والضياء الذي ينير لنا درب السعادة والخير والرخاء ما قدر للحياة من بقاء في عالم الدنيا.ونوه بأن مطلع العام الهجري له رمزيته الكبيرة في عالم وجدان كل الأحرار والغيارى، حيث نعيش ذكرى عاشوراء ونهضة الإمام الحسين (ع) التي انطلقت لصيانة كيان الأمة ووحدتها وشرعيتها وشريعتها من عبث العابثين وكيد البغاة المتآمرين والقيادات الحزبية المصطنعة وأضاف: «ونحن إذ نعيش إطلالة شهر محرم الحرام نستذكر بألم وحزن شديد ما وقع على ذرية المصطفى خاتم المرسلين (ص) يوم العاشر من محرم من سفك وهتك وبطش بفلذة كبده الإمام الحسين (ع) وخيرة أهل بيته الأبرار في واقعة كربلاء على يد أشرار يندر التاريخ بمثلهم في الانسلاخ من كل قيم الإنسانية، ومن سوء الطالع أن نبتلي ونشهد في أيامنا هذه واقعاً مؤلماً مشابهاً على يد فلول من أذيال وأذناب شرار الخلق من أعداء أمة الإسلام يشنون فيه الحرب على الأمة الإسلامية جمعاء بلا هوادة، ويحرقون الأخضر واليابس ويعيثون الفساد وينشرون الرعب والإرهاب والدمار لكل ما تطاله أيديهم ويسفكون الدماء ويزهقون الأرواح ويقطعون الرؤوس ويمثلون بالجثث وينتهكون كل الحرمات والكرامات باسم الدين بلا حياء ولا خجل.وعلى الصعيد الوطني، أشار إلى إننا وفي خضم هذه الابتلاءات مطالبون أكثر من أي وقت مضى بتحصين الجبهة الداخلية لوطننا وتجنيبه كل أنواع المخاطر الخارجية التي تتهدده.ووجه الدعوة للفرقاء داخل البحرين إلى ضرورة أن يكونوا رفقاء درب في صيانة جميع المكتسبات الوطنية وحماة إنجازاته والعمل بكل ثبات واقتدار من أجل تقوية الجبهة الداخلية لمجابهة مخططات مطامع القوى الاستعمارية العالمية والتحلي باليقظة من الغفلة عما تعيشه الأمة الإسلامية من واقع مزرٍ ومؤسف يستوجب منا العمل بكل ما تسعه قدرتنا على تعزيز اللحمة الوطنية وتأمين أمن ورخاء وطننا.وشدد على أن الوضع الراهن يتطلب التضحيات من الجميع لصيانة حدود الوطن وتوفير الأمن والاستقرار وتحكيم العقل وتغليب المصالح العليا والتعامل مع الظروف الطارئة المتسارعة بحكمة وحذر شديد لاجتياز هذه المرحلة الحساسة والبالغة الخطورة بسلام وأمان، والعمل الجاد من أجل مصلحة الوطن والإسهام والمشاركة في صنع القرار الذي يحقق تطلعات الشعب في حاضره ومستقبله.وأكد أن رسالة المنبر الديني الحسيني في أيام محرم الحرام على امتداد التاريخ هي رسالة نبيلة وكريمة تهدف بالدرجة الأولى إلى إصلاح وهداية وتقويم وجمع الشمل بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة وتوثيق الصلات الأخوية والإيمانية بين أبناء الوطن والأمة على اختلاف انتماءاتهم المذهبية وتعزيز كل مظاهر الوحدة وصيانة المجتمع من شر الفتن والانقسامات ويجب أن تبقى كذلك كما كانت من أجل عزة ورفعة وسؤدد الأمة.كما يجب على كافة الخطباء الحسينيين الرساليين التأكيد على حرمة الدماء والممتلكات والحقوق الاجتماعية والمدنية ووجوب صونها عن التعدي والتجاوز والانتهاك والهتك وإنها تمثل الخطوط الحمراء التي بالغ في التأكيد عليها الإسلام بأبلغ أنواع التأكيد وشرع العقوبات الصارمة لكبح جماح مرتكبيها دنيا وآخرة ولا تبرئ ذمم كل من يتعدى على حق من حقوق الناس.كما دعا كافة خطباء المنبر الحسيني، خصوصاً ونحن على أعتاب شهري محرم وصفر الذي يعيش فيه أبناء الوطن وكل محبي أهل بيت النبوة في العالم أكبر موسم ثقافي سنوي يمتد لشهرين إلى اغتنام الفرصة حيث يحرص الجميع فيه على الحضور في المأتم والحسينيات للإصغاء والاستماع لما يطرحه الخطباء الرساليين الأفاضل الى تكثيف الجهود وزيادة الدعوات الصادقة والنداءات المخلصة و تنبيه الرأي العام بضرورة تفعيل الشعارات والقيم الإنسانية النبيلة في واقع حياة مجتمعاتنا من أجل إصلاح وتنقية وتقويم كل المظاهر الشاذة والأخلاق الذميمة والانحرافات الفكرية والعقائدية التي ابتلي بها أبناؤنا ووفدت إلينا من خارج أمتنا وتنفث سمومها بينهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة.ونبّه إلى ضرورة إلفات عناية الجميع بأن هناك بعض الأشخاص النشاز من عملاء مخابرات بعض الدول الغربية الذين يرتدون عمائم المشايخ ويتصدون لإدارة بعض القنوات الفضائية في بريطانيا وأمريكا لبث سمومهم باسم الشيعة والدفاع عنهم ويدأبون من خلالها على إثارة الفتنة العمياء وإعطاء صورة سيئة ومغايرة للحقيقة عن الشيعة وشعائرهم وعقائدهم عن قصد أو جهل بلغة سوقية وبذيئة وبكل دناءة وخسة وحطة وأن هؤلاء في واقع وحقيقة أمرهم شنيعة وليسوا بشيعة وشين وليسوا بزين على مذهب أهل البيت ولا يمتون إليهم بصلة إلا بالاسم والتشيع منهم براء، وأن أتباع جميع أهل البيت إنما هم أهل محبة وإخاء ونجدة وحمية وخلق كريم ونهج قويم.وطالب باستثمار موسم عاشوراء لتعزيز أواصر المحبة بين المسلمين وإصلاح كل فاسد من أمور مجتمعاتنا، فضلاً عن اغتنام هذا الموسم لإعادة ترتيب البيت الوطني الداخلي وعلاج جميع المشاكل المزمنة والمتأزمة التي يعاني منها على جميع المستويات وضرورة تكاتف الجهات الحكومية مع الأهلية للإسهام في حلها من أجل أن ينعم الجميع بالأمن والخير والرخاء والاستقرار والسعادة.