تمر المنطقة العربية بتحديات وصراعات وصلت في حدها إلى الصراع الدامي الذي ذهب ضحيته الآلاف من الأبرياء من جراء الأيدي الحاقدة والتي همها الأول تغذية الطائفية لتحقيق مصالح ونفوذ وتغليب الأقليات باسم الطائفية والتي ينجر وراءها من لا يدركون أبعادها الحقيقية، ونحن في وطننا البحرين أصبحنا ندرك هذه المطامع بالأغلبية الواعية التي تدرك مفهوم المواطنة، إلا أن البعض مازال ينجر بضيق أفقه إلى التآمر مع الدول الإقليمية والتي هدفها الوحيد أن تجعل من مفهوم المواطنة مفهوماً أيديولوجياً مذهبياً وكأن المواطنة من وجهة نظرهم أن تكون أحادي القطب مذهبياً وأن تغذي هذا المفهوم بالتآمر عليه وعلى نظامه.إن مسؤولية الوعي السياسي والوعي بمفهوم المواطنة تقع بالمقام الأول على الأسرة التي هي إحدى دعائم الاستقرار، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال البرامج الإعلامية وخصوصاً السلطة الرابعة والتي من الضرورة أن تغير خطابها الإعلامي، وإذا أردنا أن نخاطب عقول الشباب الذين يشكلون الغالبية في ما يتعلق بترسيخ مفهوم المواطنة والانتماء لتراب هذا الوطن قبل الانتماء إلى التطرّف والأيديولوجيات القائمة على مبدأ الكراهية للآخر فعلينا الاهتمام بزرع مفهوم التسامح وتقبل الآخر، وهي مسؤولية التربية والتعليم من خلال إعداد المناهج المتخصصة في الوعي السياسي القائم على مبدأ التحاور مع الآخر وتنمية الإحساس بفسيفسائية الوطن واحترام الأقليات. على الشباب أن يدركوا معنى المواطنة وأن يعوا أنها عملية تمارس يومياً وبأشكال مختلفة لأن البعض منهم لا يدرك معنى الوطن ولا المواطنة، أو يدركه بمفهوم ضيق لا يتعدى الاحتفال بيوم أو يومين وما يلبث أن «يشلح» عباءة الوطن. المطلوب من شباب هذا الوطن أن يدركوا أن حب الوطن لا يكون بكلمات الشعر والخطابة، بل إنه تجسيد واقعي وعملي، فأنت تحب الوطن إذا التزمت بقواعد المرور، وأنت تحب الوطن إذا حافظت على ممتلكاته، وأنت تحب الوطن إذا تفاخرت به وأنت ببلاد الغربة، ويكون حبك عشقاً له إذا ما دافعت عنه إذا ما تعرض لأي مكروه.أنت تحبه عندما تجتهد على مقاعد الدراسة، وتحبه إذا احترمت المعلم، وتحترمه عندما تدمي يداك ببنائه، وتحترمه عندما تربي أبناءك تربية صالحة، وتحترمه عندما تحترم ولي الأمر، وتحترمه عندما تتصدق على الفقراء، وتحترمه عندما تحافظ على نظافة شواطئه، وتحبه عندما ترفع علم بلادك بالأولمبياد. إن حب الوطن الذي أعطاك الكثير من خيراته ووفر لك الأمن والأمان وجلب لك الهوية التي تفاخر بها، فمثل هذا الوطن يستحق منا كل الحب والإخلاص والتضحية له.إن المواطنة هي التباهي في رؤية الوطن في قمة الازدهار ورايته ترتفع في عنان السماء يد تعمر ويد ترفع الراية. ما أجملك أيها الوطن عندما تداعب أرضك حبات المطر لتجلي قلوب الحاقدين والانتهازيين، وما أجملك أيها الوطن عندما تكون فخر عز ووفاء بأبنائه المخلصين الساهرين على أمنه واستقراره لينعم أبناؤه ونساؤه بالسكينة والرخاء.ما أجملك يا وطن بشواطئك المضيئة بحبات اللؤلؤ والمرجان من كد وتعب الغطاسين، وقواربهم التي تحكي حكاية الأجداد وأنغامهم عندما كانت تدق طبول الفرح بكلمات وألحان البحر وحكاية عشق أزلية.ما أجملك يا وطن وشوارعك تتسع وأبراجك تتعالى في سمائك تحكي قصة العصر والتطور بسواعد أبنائك المخلصين الذين يمسحون هاماتهم عرفاناً له.ما أجملك يا وطن وأنت تتباهى بشبابك الجامعي الذين ينهلون العلم لرفعتك وعزك يواكبون أحدث المستجدات العلمية.ما أجملك يا وطن وأنت في ظل قيادة ترعى أبناءها بشيوخها ونسائها وأطفالها توفر لهم سبل العيش الكريم والعدل والمساواة لكل من يعيش على ترابه.ما أجملك يا وطن وأنت تحتفل بعيدك تعتلي قمة المجد تزهو بعباءتك الحمراء والبيضاء شامخاً مرفوع الرأس عصياً على كل المتآمرين حفظك الله يا وطني.وطن لا تحبه ولا تحميه لا تستحق أن تعيش فيه.. فهذه هي المواطنة التي توفر للوطن الأمن والأمان.عمار محمود عبدالعالرئيس مبادرة القلم فريق البحرين للإعلام التطوعي