أكد المشاركون بجلسات اليوم الثالث من الملتقى الخليجي للتخطيط الاستراتيجي أن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة لصناعات عسكرية تواكب الصناعات المدنية الأخرى، مؤكدين حرصهم على تقديم مرئياتهم لقادة دول الخليج العربي والمبادرة بدعم القرار السياسي.وانطلقت الجلسات، بمناقشة قضايا خليجية راهنة والبحث في الملفات العالقة والمتوقع أن يكون كثير منها على أجندة صناع القرار السياسي الخليجي في قمتهم القادمة، بغية رفع مرئيات مجموعة مراقبة الخليج -لما تضمنه من نماذج خليجية نخبوية- لقادة الدول الخليجية ورفد القرار.وشهد الملتقى أمس 3 جلسات حوارية بدأت بالوقوف على الشؤون التنموية تحدث فيها المستشار المستقل بوزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية د.عبدالله الدباغ، حول الثروات المعدنية في المملكة العربية السعودية، وتوزيعها الجغرافي وصناعة التعدين. وتطرق إلى دور القبائل في استخراج بعض المعادن في مناطقهم لما يملكونه من علوم في هذا المجال وكيف أنهم يتوقفون عن الحفر عند وصولهم للمياه الجوفية، منوهاً بأهمية استخدام الطرق التي لا تؤثر على البيئة. وتناول الدباغ موضوع الرخص التعليمية الممنوحة من قبل الشركات لاستخراج المعادن والمعادن الصناعية والملح، حيث تعرض إلى دور تنشيط صناعة التعدين في تقديم حلول لعدد من المشكلات التنموية الأخرى كذلك كإيجاد فرص وظيفية للمواطنين، ومنح فرص أكبر للتدريب في مجالات متجددة.فيما تناولت الإعلامية والكاتبة والباحثة في شؤون الخليج العربي فاطمة خليل، موضوع التنمية السياسية في الخليج العربي، حيث قالت: «والتنمية لا تأتي صدفة ولا نتاج قرارات آنية فهي عملية حضارية مدروسة ومخططة تهدف إلى إيجاد تحولات كبيرة، لتحقيق العيش السعيد للمواطنين وتطوير الإنسان».وأضافت «بتنا نلمس بعض نتائج الالتفاتة الإماراتية لمفهوم سعادة المواطن أو المواطن السعيد قبل إنشاء «وزارة السعادة»، والتفاتة أخرى لم تكشف عن هويتها بوضوح في السعودية تمثلت بإنشاء هيئة عامة للترفيه التي أعقب إنشائها بفترة وجيزة تردد الحديث في الخليج العربي عن الدعوى للتقشف وتخفيض الإنفاق.!!».وقالت خليل: «من الصعب تحقيق مثل هذا النوع من التنمية في ظل أزمة الهوية التي نعاني منها في المجتمعات الخليجية، لعل مفهوم الهوية من أكثر المفاهيم المستهلكة ولكنها لم تعالج بعد، ولم يزدها تداولها إلا تسطيحاً».فيما استعرضت رئيسة متابعة المهام لمحافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والفني الجوهرة الجطيلي، تجربة المؤسسة في هذا المجال في كل دولة خليجية على حدة بوقفة تفصيلية شملت الاحتياجات التدريبية لترصد بهذا جملة من المرئيات في سياق حديثها عن مستقبل التدريب التقني والفني في الخليج العربي. وتعرضت لجملة من المرئيات أهمها سد الفجوة بين برامج التعليم المهني والأكاديمي، وإتاحة الفرصة لخريجي التعليم المهني في الجامعات.أما الجلسة الثانية، تناولت شؤون الجوار الإقليمي التي تحدثت فيها الصحفية والكاتبة السعودية هيا السهلي، حول الإعلام الحربي وعاصفة الحزم، التي استعرضت من خلالها نماذج لتقارير إعلامية نجحت في تغطية عاصفة الحزم، فيما فشلت تقارير أخرى. وانتقدت السهلي الإعلام الخليجي في تركيزه على الجمهور المؤيد وتجاهل الجمهور الذي يحتاج للمعلومة أو لتصحيح المعلومة، منوهة بأن المشكلة لا تكمن في إعلام العدو من إعلام ميليشياوي أو إيراني، وإنما في الإعلام المناهض للحرب وله قبول بين الشعوب، مشيرةً إلى ضرورة إنجاز المهمة بقطع المصادر المشبوهة التي تزود الصحفيين في هذا الإعلام بالمعلومات. المختص بالشؤون التركية د.عبدالله الشمري، قدم ورقة عمل حول العلاقات الخليجية التركية تبنى فيها عدداً من المواقف، وطرح سؤال ماذا يريد الأتراك من تركيا على سبيل التمهيد لجانب من ورقته، وأجاب عنها بقوله «إن العودة التركية للجغرافية أمر جيد، ولكن عودتها للتاريخ أمر مقلق، لاسيما وأن تركيا تريد التعامل مع دول الخليج العربي منفردة وليس ككتلة واحدة».وتابع «لا شك أن المصلحة الاقتصادية هي من أولويات العلاقات التركية في الخليج»، حيث أوصى في خضم كلمته بضرورة تعزيز التبادل الثقافي بين الطرفين ولعل واحداً من أدواته زيادة عدد الطلبة الأتراك في الخليج والعكس.وتم اختتام جلسات الملتقى، بمحور الشؤون العسكرية والأمنية، حيث أدار الجلسة المستشار ببدالة البحرين الإلكترونية عبدالمعنم العيد، وتحدث فيها القائد الأسبق للقوة الجوية الكويتية اللواء ركن طيار متقاعد صابر السويدان، حيث أشار للبون الشاسع بين المراجع العربية والأجنبية في تقديم التقييمات الأولية الدقيقة حول عاصفة الحزم لصالح الأجنبية في خضم حديثه عن عاصفة الحزم.وركز السويدات على جملة من المحاور العسكرية وعلى الاستراتيجية الجوية لحملة عاصفة الحزم، إلى جانب مميزات العاصفة وتبعاتها، مشيراً إلى «أن دول مجلس التعاون استخدمت طائرات وذخائر حديثة».وأكد أن «التحالف الذي قادته السعودية كان ضرورياً، فالخيار العسكري يكون حاسماً ومطلوباً في بعض الأحيان، وأن عاصفة الحزم أثبتت الدور القيادي للسعودية بتشكيل تحالف خليجي». الخبير الأمني والمحلل السياسي بدر الحمادي، وقف على تعريف مفهوم الإرهاب وما اعترى التعريف من اختلافات من دولة إلى أخرى حسب القوانين الجزائية أو قانون الإرهاب، الذي لربما قادت أمريكا إلى قيامه لتجريم بعض الشخوص تحت خانة الإرهاب.وأشار إلى أن الإرهاب وسيلة من وسائل الإكراه في المجتمع الدولي، حيث تعرض الحمادي لأنواع الإرهاب بقوله «هناك أنواع مختلفة من الإرهاب يمكن تلخيصها في الإرهاب الفكري والعقائدي، والإرهاب الجماعي غير المنظم والإرهاب الجماعي المنظم والإرهاب الدولي». وركز الحمادي في المقابل على مفهوم الأمن، وقوفاً على الأمن الشامل حيث اعتبر الحمادي الأمن العام جزءاً منه، فالأمن الشامل من أنواعه الأمن الاقتصادي، والغذائي، والصحي، والبيئي، والفردي، والتربوي والتعليمي، والمجتمعي، والسياسي. وقدم جملة من التوصيات منها ما جاء في الأمن الغذائي بضرورة إيجاد دول الخليج العربي لمنفذ قوي يحقق الأمن الغذائي وضمانة توفير الغذاء والماء. المدير التنفيذي لمجموعة «مراقبة الخليج» د.ظافر العجمي وهو عقيد ركن متقاعد في القوات الجوية الكويتية، تناول موضوع مجمع الصناعات العسكرية، وأهمية إنشاء المصانع العسكرية، مشيراً إلى أنها لا تتطلب أن تقام تحت سقف واحد وإنما كل دولة تكمل الأخرى في هذه الصناعات الخليجية المرتقبة.ولفت إلى أن الخليج العربي بحاجة لصناعات عسكرية تواكب الصناعات المدنية الأخرى، لاسيما صناعة الذخائر لأنها أكثر ما يستنفد في الحروب وحتى التمارين حسب قوله. ودعا إلى أهمية تطبيق نظام «الأوفست» في المجال العسكري بدلاً من المدني، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الإمارات فتحت نافذة للإعلام عن بعض صناعاتها من خلال معارض «إيدكس».