أكدت ورشة عمل نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية بمشاركة عدد من النواب أن «التفويض التشريعي» يعد من أبرز صور التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأن اختصاص السلطة التنفيذية بقدر من التفويض يرتبط بكونها الأقدر على التعامل مع الجمهور، إضافة إلى قدرتها على معرفة ما ينبغي وضعه من القواعد التفصيلية التي ليس بوسع السلطة التشريعية أن تحصيها.واستعرضت الورشة التي قدمها الدكتور مروان المدرس، أستاذ القانون بجامعة البحرين في مقر الأمانة العامة لمجلس النواب الخميس الماضي،، أهم العوامل التي أدت إلى الاعتراف للسلطة التنفيذية بقدر من الاختصاص في مجال التشريع، وأبرزها ازدياد تدخل الدولة في الكثير من المجالات التي تتطلب تخصصاً فنياً معقداً، خاصة بعد التقدم العلمي والتقني الهائل، حيث تبرز قدرة السلطة التنفيذية على تنظيم هذه الجوانب التي تتطلب خبرة ودراية وتخصصاً فنياً، قد لا يتوافر في أعضاء البرلمان.وشددت الورشة على أن الدستور البحريني أكد على مبدأ فصل السلطات إلا أنه أتاح في الوقت ذاته مبدأ التفويض التشريعي.وعرفت الورشة التفويض التشريعي بأنه (قيام البرلمان المختص دستورياً بسلطة وضع التشريعات، بتفويض بعض اختصاصاته التشريعية بموضوعات محدده، ولمدة محددة إلى السلطة التنفيذية استناداً لنص صريح في الدستور يجيز التفويض، فتكتسب القرارات الصادرة من السلطة التنفيذية استناداً إلى قانون التفويض، خصائص وقوه العمل التشريعي بعد إقرارها من قبل البرلمان).وأرجعت الورشة الحاجة إلى التفويض التشريعي لعدة أسباب منها، السرعة في إصدار القواعد القانونية، وخاصة عند الأزمات أو الحوادث الطبيعية، أو في حالة وجود خطر خارجي يهدد أمن البلد، وذلك لمواجهة هذه الأمور غير المتوقعة، وتقليل آثارها على المجتمع بقدر الإمكان، معتبرة أن هذا أمر يصعب على السلطة التشريعية القيام به.وأشارت الورشة إلى أن الإجراءات المتبعة داخل البرلمانات تتسم بالصعوبة والتعقيد، موضحة أن إصدار القانون يتطلب أولاً اقتراح القانون المراد تشريعه، ومن ثم دعوة أعضاء البرلمان للاجتماع وذلك لمناقشة القانون والموافقة عليه، وهذه مسألة تتطلب جلسات عديدة، ومناقشات مستفيضة، والموافقات على القانون يجب أن تتم بأغلبية معينة، في حين نجد أن السلطة التنفيذية تكون أسرع في إصدار القرارات والأوامر واللوائح والتي تستطيع من خلالها معالجة المشاكل والأزمات.وأكدت الورشة أن أغلب الدساتير اعترفت بقدر معين من الاختصاص التشريعي للسلطة التنفيذية في مجالات معينة وفق شروط معينة، واستناداً إلى هذا فإن السلطة التنفيذية تصدر أنواعاً متعددة من اللوائح والقرارات،كاللوائح والقرارات التنفيذية لتيسير تنفيذ القوانين، والقرارات واللوائح المتعلقة بموضوع الضبط الإداري، ولوائح وقرارات الأزمات الخاصة، وكذلك تصدر اللوائح والقرارات التفويضية بناءً على تفويض من قبل البرلمان.وأوضحت الورشة وجود نوعين من التفويض التشريعي والإداري، معرفة التفويض الإداري بأنه عملية تتم داخل الجهاز الإداري بين الرئيس والمرؤوس، أما التفويض التشريعي فيتم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بمستوى واحد، بينما التفويض الإداري يتم بين موظف ذي مستوى إداري معين إلى موظف ذي مستوى إداري أدنى منه داخل الجهاز الإداري.وبينت الورشة ضرورة توافر عدة شروط للتفويض التشريعي، أولها وجود نص في الدستور يجيز التفويض التشريعي، وثانياً صدور قانون التفويض من المجلس الوطني، وثالثاً تحديد موضوعات التفويض التشريعي، ورابعاً تحديد مدة التفويض التشريعي.أما فيما يخص الموضوعات التي تقع ضمن نطاق التفويض التشريعي فأوضحت الورشة بأنها تنقسم إلى نوعين من حيث المضمون، الأول موضوعات ذات طابع سياسي، مثل (قانون للانتخابات، قانون الإعلام، قانون تنظيم التظاهر أو قانون الجمعيات السياسية)، وهذه لا يتم تفويضها إلى السلطة التنفيذية، والثاني موضوعات ذات طابع فني تقني، مثل (قانون أبراج الاتصالات، قانون تنظيم الجامعات الخاصة)، وهذه يتم تفويضها إلى السلطة التنفيذية، فالقوانين ذات الطابع التقني الفني الخدمي يكون المجتمع بأمس الحاجة إليها ولا يمكن التأخر في إصدارها، إضافة إلى أنها لا تتضمن جانباً سياسياً يثير احتمالية إساءة استخدام التفويض، وأكدت الورشة أن القرارات التفويضية تخضع لرقابتين قضائيتين في مملكة البحرين رقابة القضاء العادي ورقابة المحكمة الدستورية.
«التنمية السياسية»: «التفويض التشريعي» من أبرز صور التعاون بين «التشريعية» و«التنفيذية»
31 أكتوبر 2016