حين سُئل ألفرد وينسلو جونز في نهاية السبعينات عن توقعاته بالنسبة لأدوات الاستثمار المتخصصة التي يُنسَب إليه الفضل في ابتكارها، لم يكن متفائلاً، حيث قال بحزن شديد: "لا يملك صندوق التحوط مستقبلاً رائعاً".ولو كان جونز حياً اليوم لأصيبَ بالذهول من متانة اختراعه، فلم تعُد صناديق التحوط حِكراً على المستثمرين الأثرياء في القطاع الخاص، بل أصبحت جزءاً من التيار العام، وباتت تتولى إدارة مبالغ مذهلة بلغت 2.5 تريليون دولار، معظمها من صناديق التقاعد، وهو ما يتجاوز كثيراً الذروة التي كانت عليها قبل الأزمة، عند مستوى 1.9 تريليون دولار.وبحسب ما نقلته صحيفة "الاقتصادية" السعودية عن "فاينانشال تايمز"، فإن الشيء الوحيد الذي لم يتغير في هذه الصناديق هو هيكلة الرسوم التي ابتكرها جونز لتمويل صندوقه الأصلي الذي اشتمل على 100 ألف دولار في نهاية الأربعينات.نعم، كان هناك بعض التآكل في رسوم الأداء المشهورة، البالغة 20 في المائة، التي تشكل إلى جانب الرسم الإداري السنوي الدخل الذي يحققه الصندوق. لكن هذا كان هامشياً، فرغم كل ما لدى المؤسسات من قوة شرائية مفترضة، مازال عليها تخفيض الأسعار تدريجياً.بالتالي الرسوم التي صممت أصلاً للحفاظ على محل جونز الصغير المثقل بالأبحاث تم تحويلها بعد ذلك إلى أموال ضخمة، بعضها يصل إلى مليارات مكونة من رقمين، وحين تضاف إلى نفقات التداول الضخمة التي يتحملها مستثمرو صناديق التحوط عن طيب خاطر، تصبح التدفقات النقدية الناتجة مذهلة حقاً.إن إدارة صناديق التحوط مُكلفة بصورة غير عادية، ويتطلب توظيف المتداولين والمحللين المهرة مبالغ ضخمة، لأن حظوظ الصناديق تعتمد على أحكامهم، إضافة لتكاليف تكنولوجيا المعلومات وغيرها من المعلومات التي يتكبّدها صندوق التحوط، ناهيك عن الرسوم التي يدفعها للوسطاء، خاصة المصارف الاستثمارية، وهذه التكاليف تُحمّل بشكل كبير على العوائد التي يتلقاها المستثمرون، وهو أمر لا يثير الدهشة.وقدر سايمون لاك، وهو مستثمر، أن الرسوم التي تتقاضاها صناديق التحوط ومجمعات الصناديق منذ التسعينيات تستقطع ما يقارب 98 في المائة من العوائد التي تنتجها.قبل بضع سنوات تم تقدير التكلفة الكاملة لاستثمار صندوق التحوط، بما فيها رسوم بنوك الاستثمار، بأكثر من 7 في المائة من الأموال المستثمرة، وهذه النسبة تجاوزت العوائد طويلة الأمد من سوق الأسهم.