ما إن حطت السيول بحيراتها في عدد من المدن الخليجية حتى كشفت عن "رداءة" بعض البنى التحتية والإهمال الذي يصيب عمليات الصيانة.وذكرت قناة العربية في تقرير لها اليوم الاربعاء إن السيول التي ضربت مناطق كثيرة في السعودية والكويت ودول أخرى، أغرقت مدناً خليجية بـ"لتر ماء"، وهو ما دعا الكثير من مواطني الخليج إلى أن يصبّوا جام غضبهم على المسؤولين في الحكومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبخاصة على صعيد التغريدات في تويتر.في السعودية مثلاً غرقت الكثير من المناطق سواء في العاصمة الرياض أو مدن وقرى أخرى في أنحاء المملكة، والكويت لم تكن أفضل حالاً من جارتها، فقد أغرقت السيول مناطق عدة من بينها صباح الناصر وأشبيلية، بل ما كان لافتاً أن غالبية "السراديب" في المباني الضخمة تحولت إلى برك مياه، ما هدد تلك الأبنية.وكان خبراء في الأرصاد الجوية حذروا من سيول قادمة على كثير من المدن الخليجية سواء في الإمارات أو عُمان أو قطر.يُذكر أن السيول داهمت مدناً في العام الماضي أيضاً سواء في السعودية أو الإمارات وعمان وغيرها، وخلفت خسائر بالمليارات.وحذر خبراء عقاريون واقتصاديون من تساهل الحكومات الخليجية تجاه تلك السيول، مؤكدين أن الدول الخليجية تخسر مئات الملايين يومياً بسبب تلك الفيضانات والشلل الذي يحدث جراء تلك الأمطار.وأوضحوا أن الأمطار كشفت عن "فساد" سواء في عدم الإشراف على المشاريع أو سوء التخطيط أو عدم وجود صيانة مطلقاً.ومن جهته، قال الدكتور إحسان بوحليقة، رئيس مركز جواتا الاستشاري للدراسات الاقتصادية في السعودية، إن المشكلة الحقيقية إجمالاً هي فنية، وغالبية المشاكل هندسية وفنية، مبيناً أن على الحكومة السعودية إصلاح الخلل في بعض الأنفاق ومداخل الجسور بأسرع وقت.وأشار بوحليقة إلى أن بعض المناطق طاقتها محدودة على صعيد شبكات الصرف الصحي، بالإضافة إلى مدن أخرى لم تكتمل فيها البنية التحتية.وشدد على أن الحكومة السعودية رصدت 38.2 مليار ريال في ميزانية العام الجاري لتصريف الأمطار ودرء السيول، مؤكداً أنها ميزانية ضخمة جداً، لكن بماذا أنفقت وهل نفذت مشاريعها في ظل استمرارية تجمع مياه الأمطار في كثير من المدن؟وأرجع أهم أسباب المشكلة إلى غياب الدراسة المتكاملة والمناسبة لـ"مناسيب الميول" في الشوارع والتي عادة ما يكون لها معايير عالمية.خسارة مئات الملايينوبيّن بوحليقة أن الحكومة السعودية تخسر يومياً مئات الملايين جراء استمرار مشكلة المياه، "فلو أخذنا قطاع التعليم فإن عدم ذهاب الطلبة إلى المدارس، وهم أكثر من 5 ملايين طالب وطالبة، من شأنه دعم هدر المال العام".وأوضح أن هنالك 3 نقاط هامة لابد من الوقوف عندها في مشكلة السيول: أولها غياب التصميم والتفكير في المشاريع بصورة تفصيلية، بحيث يتم إرساء المشاريع مثل بناء الأنفاق والجسور والطرق للمقاول الذي يستطيع أن يقدم للحكومة تفاصيل هندسية مناسبة.أما النقطة الثانية فتكمن في اختيار المقاول القادر على تنفيذ المشاريع على أكمل وجه ودون تقصير ولديه القدرة الفنية وعدم إسناد المشاريع لمقاولين هم في الأصل لديهم مشاريع كبيرة، فيقومون بإعطائها لمقاولين صغار بالباطن دون مراقبة ولا متابعة من قبل المسؤولين.بينما النقطة الثالثة والأهم فهي الإشراف على التنفيذ واستلام المشروع من قبل مهندسين لهم خبرات طويلة، خصوصاً أن غالبية المشاريع في هذا الصعيد بالمليارات، ولا يتم إسناد المهمة لمهندسين لا تزيد خبراتهم على 5 سنوات، حتى نضمن استلام مشاريع عليها ضمانة لسنوات طويلة.وأضاف قائلاً: "نحن أمام مشاريع ضخمة لابد من إصلاحها وبعضها بسبب السيول سيتم وضع ميزانية جديدة مضاعفة حتى يتم إصلاح الخلل، وهو هدر للأموال، مطالباً توثيق ورصد الخسائر الناجمة عن السيول.غياب الصيانةإلى ذلك، قال رئيس اتحاد العقاريين الكويتيين توفيق الجراح إن غياب الصيانة الدورية للبنى التحتية في جميع المناطق أظهر مشكلة غرق مناطق في الكويت أو حتى في أي مدينة بالخليج، ما لم يتم عمل صيانة مسبقة ومستمرة.وأوضح الجراح أن بعض المناطق البنى التحتية فيها ضعيفة جداً، كما أن بعضها الآخر يكون العيب في التصميم الأساسي.وتعجب من ظهور برك وبحيرات في شارع الخط السريع للملك فهد بن عبدالعزيز، والذي يعتبر من أهم الشوارع الرئيسة في الكويت، متسائلاً: أين الصيانة؟ وكيف لا يكون هناك مجرى لتصريف سيول الأمطار؟وبيّن الجراح أن ذلك سببه يعود إلى ضعف في الهيكلية العامة، مؤكداً وجود "تقصير" في الصيانة المسبقة للمناطق والمرافق العامة.وأكد أن انهيار بعض الأجزاء من مبانٍ وأرصفة وغيرها من المرافق يعود لفساد واضح وغياب الرقابة على الذين ينفذون المشاريع، وتتم الموافقة على مشاريعهم ولا تتم محاسبتهم.