لندن - (وكالات): كانت جوزيه إنصور مراسلة صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية حاضرة حين لفظ رضيع أنفاسه الأخيرة في عيادة ميدانية في مدينة الموصل شمال العراق، وأعدت تقريراً لصحيفتها لينشر في عدد الخميس الماضي.مسلحو تنظيم الدولة «داعش» يقصفون الأحياء المدنية في الموصل، والعائلة برفقة الرضيع ياسين يونس في المستشفى الميداني. جلده شاحب وعيناه تدوران في محجريهما. ترك الممرضون يونس وذهبوا للجرحى الآخرين من أفراد العائلة.والدته نور، التي شهدت إصابة 4 من أفراد عائلتها، لم تعرف إلى أي من أطفالها تذهب بعد تعرض منزلهم للقصف.تقول إنها أمسكت بيد الرضيع، حتى لا يموت وحيداً. بدأ جسمه يبرد، ثم فارق الحياة. مات الرضيع، الذي لم يعرف الحياة إلا في ظل «داعش». حين أبلغتها الممرضة أن طفلها توفي، انفجرت نور بالبكاء. لم يكن هناك وقت للحزن، فالأحياء كانوا بحاجة إليها. كانت عائلة يونس تتناول الغداء في منزلها حين تعرض للقصف. تقيم العائلة في ضاحية الزهراء، خط المواجهة الجديد بين الجيش العراقي ومسلحي «داعش». كان مصطفى ذو الخامسة عشرة أول من وصل إلى المستشفى، حاملاً شقيقه محمود الجريح على ظهره. بمجرد وصوله بدأ يسأل عن مصير عائلته «لا أدري أين والداي، وإن كانا على قيد الحياة أم لا».ثم وصل بقية أعضاء العائلة تباعاً. صرف الممرضون اهتمامهم نحو الزوج، الذي لم يكن يستجيب.شقوا قميصه للوصول إلى صدره الذي كان ينزف، وقاموا بتنظيفه لمعرفة سبب صعوبة تنفسه. يخشى أن شظية اخترقت إحدى رئتيه. «أكسجين، أكسجين»، بدؤوا بالصراخ، بينما توجهوا للبحث عن الأكسجين. لكنه لم يكن يتنفس.لم يكن المستشفى الميداني الذي أقيم في منزل كان يحتله مسلحون من «داعش» مجهزاً بشكل جيد، لذلك نقلت سيارات إسعاف أعضاء آخرين من العائلة إلى مستشفى يبعد 50 كيلومتراً. «هل رأيتم شقيقتي؟»، صرخ مصطفى. «إنها ترتدي فستاناً أصفر، وعلى رأسها ضمادة». تفرقت العائلة في الفوضى التي أعقبت القصف، وترك مصطفى وحيداً. أصيبت الفتاة بشظية، كما بقية أفراد العائلة باستثناء اثنين منهم. كانت هناك تبكي، تريد أمها التي كانت مشغولة بأحد إخوتها الجرحى. هذه بعض المشاهد التي مرت بها مراسلة صحيفة «ديلي تلغراف».