عواصم - (وكالات): توفي فيدل كاسترو الأب والقائد للثورة الكوبية مساء أمس الأول في هافانا عن 90 عاماً، بعد أن حكم بلاده بيد من حديد وتحدى القوة الأمريكية العظمى لأكثر من نصف قرن قبل أن يسلم السلطة لشقيقه راوول. وأعلن راوول كاسترو في بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني «توفي القائد الأعلى للثورة الكوبية مساء أمس الأول».ولم يوضح راوول أسباب الوفاة لكنه قال إن الجثة ستحرق. وقال «بناء على رغبة عبر عنها الرفيق فيدل، سيتم حرق جثمانه». وأعلن مجلس الدولة في بيان مقتضب «الحداد الوطني لتسعة أيام» اعتباراً من أمس وحتى الأحد 4 ديسمبر المقبل. وأضافت أنه خلال هذا الأسبوع المخصص لذكرى الزعيم الكوبي الراحل سينقل رماد فيدل كاسترو ليجوب كل أنحاء البلاد على مدى 4 أيام. وتنظم الجنازة الرسمية في 4 ديسمبر في سانتياغو دي كوبا، ثاني مدن البلاد جنوب شرق البلاد والتي ترتدي رمزية كبرى لأن فيدل كاسترو أعلن منها انتصار الثورة. وكان الزعيم الكوبي سلم السلطة في 2006 لشقيقه راوول، المسؤول الثاني في الحزب منذ تأسيسه في 1965، بعد إصابته بالمرض. وفي أبريل 2011 تخلى له عن آخر مسؤولياته الرسمية بصفته السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي. وغاب فيدل تماماً عن الأضواء بين فبراير 2014 وأبريل 2015، ما غذى حينها شائعات حول حالته الصحية. لكن منذ عام ونصف ورغم محدودية تنقلاته، عاد إلى استقبال شخصيات وأعيان أجانب في منزله.وانتشر نبأ وفاة فيدل بسرعة في شوارع هافانا حيث عبر الكثير من السكان عن ألمهم لرحيل «القومندنتي».وتوالت ردود الفعل على رحيل كاسترو وكان أولهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو المقرب من كوبا، حيث دعا في تغريدة إلى «مواصلة إرث» فيدل كاسترو. وذكر بأن وفاة فيدل أتت بعد 60 عاماً بالضبط من وصول مركب غرانما إلى المكسيك الذي شكل بداية تمرد استمر 25 شهراً وانتهى بالإطاحة بالديكتاتور الكوبي المؤيد لواشنطن فولغينسيو باتيستا في الأول من يناير 1959. وأشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بذكرى الزعيم الثوري الكوبي ووصفه بأنه «رمز لعصر». من جهته أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أن فيدل كاسترو «سيبقى خالداً». وقال في رسالة تلاها على التلفزيون الوطني «لقد فقد الشعب الصيني رفيقاً صالحاً ووفياً». كما دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى رفع الحظر عن كوبا «بشكل نهائي» معتبراً أن كاسترو جسد الثورة الكوبية «بآمالها وخيباتها». في المقابل استقبل الإعلان عن وفاة فيدل كاسترو بالفرح من ألف كوبي يعيشون في ميامي وبصيحات «كوبا حرة» و»حرية، حرية». وقبل رحيله شهد فيدل قبل عامين الإعلان التاريخي عن التقارب بين كوبا والولايات المتحدة. وتطوي وفاته بذلك نهائياً صفحة الحرب الباردة التي أوصلت العالم إلى حافة نزاع نووي أثناء أزمة الصواريخ في 1962.من جانبه، أكد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أنه سيبذل «كل ما هو ممكن» للمساهمة في تامين «حرية» الشعب الكوبي بعد وفاة كاسترو. واعتبر أن كاسترو «ديكتاتوراً وحشياً قمع شعبه». وأضاف أن «إرث كاسترو يتمثل في كتائب الإعدام والسرقة والمعاناة التي لا يمكن تصورها والفقر وإنكار حقوق الإنسان. اليوم، يتبلغ العالم بوفاة ديكتاتور وحشي قمع شعبه طوال أكثر من 6 عقود». ومع وفاة فيدل يجد راوول نفسه للمرة الأولى وحيداً في القيادة وهو الذي كان أكد عند تعيينه أنه سيستشير «القائد الأعلى» في كافة القرارات المهمة. وبدأ راوول «85 عاماً» منذ 10 سنوات عملية بطيئة لنزع بصمة فيدل عن النظام، ترجمت في أبريل الماضي باعتماد مؤتمر تاريخي للحزب الشيوعي الكوبي مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الهادفة لإنقاذ كوبا من الإفلاس. كما رتب بعيداً عن الأنظار تقارباً تاريخياً مع الولايات المتحدة اعلن منتصف ديسمبر الماضي، ليكشف بذلك عن نزعة برغماتية تناقض مناهضة شقيقه فيدل العميقة للولايات المتحدة. لكن التقارب قد يشهد توقفاً إثر انتخاب ترامب. وكان ترامب أبدى تحفظاً على التقارب مؤكداً أنه سيبذل ما بوسعه «للحصول على اتفاق متين» مع هافانا، ملمحاً إلى احتمال حدوث انتكاسة. وتحدى فيدل كاسترو 11 رئيساً أمريكياً ونجا من مؤامرات لا تحصى لاغتياله بلغت رقما قياسياً من 638 محاولة بحسب موسوعة غينيس، إضافة إلى محاولة فاشلة لإنزال منفيين كوبيين مدعومين من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه» في خليج الخنازير جنوب كوبا في أبريل 1961.
وفاة قائد الثورة الكوبية والعدو اللدود لأمريكا فيدل كاسترو
27 نوفمبر 2016