إلى جنة الخلد في الفردوس الأعلى يا أم أحمد الباز.. إلى الرائدة المحلية والمتطوعة في شتى المجالات «نعيمة أحمد اليعقوب» من أصعب اللحظات وأكثرها قسوة حين تودع شخصاً أحببته من كل قلبك وسكن جوارحك، وهذا الشخص من لحمك ودمك وأعز أهلك عليك بل وتعدت المحبة إلى كل من عرفها يوماً والتقى بها وترك في الناس حباً يذكرونها به حتى تلقى الله فحال النفس بعد رحيلها كما قال الشاعر: يا راحلين عن الحياة وسكنين بأضلعي.. هل تسمعون توجعي وتوجع الدنيا معينعم، هذه حال الدنيا إذ لابد من الفراق بعد اللقاء، ولابد من الحزن بعد السعادة، ولابد من البكاء بعد الضحك..ففي أحد أيام الإثنين صباحاً اختار المولى عز وجل هذه الإنسانة العظيمة لتكون إلى جواره في السماء لتودع الدنيا بمن فيها، ودع الأبناء والأهل والعائلات الكبيرة هذه الإنسانة النقية الطاهرة إلى مثواها الأخير بعد أن كانت مثالاً وقدوة حية يحتذى بها ويؤخذ من عملها وحبها للخير مثال للصدق والإخلاص والوفاء والمحبة لكل الناس على حد سواء فكم كانت تسعى بكل جوارحها وإمكانياتها إلى مساعدة الناس والوقوف على حاجاتها والسؤال عن أحوالهم والدعاء لهم رغم كل الألم الذي يعتري جسدها ورغم كل التعب الذي يصيبها إلا أنها استمرت بالخير والود للناس والابتسامة وسماحة الوجه وحسن المعشر ولم يفارق محياها، ولا أكذب إن قلت إنها كانت تتابع من حولها فرداً فرداً دون كلل أو ملل فقلبها الكبير كان يسع الدنيا حباً وصدقاً ووفاءً. لطالما زارها الجيران والأقارب والناس في بيتها حباً وتقديراً لهذه الإنسانة وكانت تطلب منهم الدعاء لها ولأبنائها ولطالما حملتها قدماها إلى بيوت الناس تسعى في نفعهم والسؤال عنهم ومد يد العون لهم فهي لا تحصي الأيام والشهور وهي في حاجة الناس إرضاءً لرب الناس وإخلاصاً له دون طلب المقابل فالله يجزيها عنهم ويكرمها بفضله لم يوقفها برد الشتاء ولم يثنيها حر الصيف عن عمل الخير في كل بقاع البحريني بيتاً بيتاً وفرداً فرداً، وكان أثر كل ذلك أن لا ينقطع ذكراها عن أذهان الناس حتى بعد مرور 7 شهور على فراقها. رحلت الرائدة المحلية التي تساهم في الخير وتساعد غيرها دون أن تنتظر أي مقابل لخدمة هذا الوطن رحلت المرأة التي نزورها في بيتها في مدينة الحد بعد أن كانت تستقبل الأحبة بوجه مشرق وابتسامة صادقة سكنت قلوب الناس واتخذت من صدورهم موطناً لها بما تركته من أثر لا ينسى بطيب قلبها وحسن عشرتها فقد كانت تفتح قلبها للقريب والبعيد، فكلما دخل شخص ممن عرفها إلى بيتها يعزي أهلها يذكرها بحسن الأخلاق وصدق الكلام عبادتها لرب الأنام فليلها عبادة ونهارها إفادة ولقياها سعادة فكانت خير معين على الخير وخير من تحث عليه وتسال الناس للقيام به رغبة برضاء الله وحسن الجزاء يوم العرض على رب الأرض والسماء. إني لأكتب عنها وعيناي تفيضان من الدمع على رحيلها وفراقها تخونني الألفاظ وتعجز بي التعابير فهي أكبر من كلمة أكتبها وأغلى من كل حرف أرسمه فلا قول في الدنيا يوفي حقها فأسال رب السموات والأرض أن يتقبلها عنده في عليين وأن يجعل الفردوس الأعلى مقامها مع الأنبياء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. سقى الله فقيدتنا من نهر الكوثر وأكرمها بصبحة رسول الأنام في عالي المقام ومبلغ المرام عند وافر المن والإكرام.وأنا أختم قولي بشكر خالص من القلب إلى كل من حضر عزائها وكل من سأل عنها وكل من أرسل رسالة يعزينا بفقدها ويخفف عنا ألم رحيلها وفقدها فجزاهم الله عنا خير الجزاء على كل ما قدموه من عزاء لها، فهي كانت رفيقة دربي في السراء والضراء. وآخر ما أقوله: إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لعلى فراقك يا نعيمة لمحزونون.مريم جاسم الشتي