(أرقام): في وقت تحوم أسعار بودرة الحليب حول أعلى مستوياتها في 18 شهراً بالتزامن مع طلب مرتفع ومعروض منخفض، تلوح في الأفق آثار سلبية قد تعصف بأرباح شركات الأغذية في 2017 والتي تدخل بودرة الحليب كمكون أساسي في منتجاتها.ووصل سعر الطن المتري من بودرة الحليب بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي حول مستويات 3568 دولاراً وهو أعلى نطاق لم تره هذه السلعة منذ مطلع يوليو 2014.ومنذ مطلع العام الجاري ارتفع سعر بودرة الحليب على منصة «جلوبال دايري»، المتخصصة في متابعة أسعار ومبيعات السلعة بنسبة 61.4% وهي أعلى زيادة سنوية منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.وقال مسؤولون في شركات أغذية عالمية لـ»أرقام» إن ارتفاع أسعار بودرة الحليب أثر بالفعل سلباً على أرباح الشركات بالنصف الثاني من العام الجاري. ويرسم المسؤولون صورة قاتمة لما قد تؤول إليه الأمور في 2017 إذا ما استمرت أسعار بودرة الحليب في ارتفاعها المطرد.وارتفع مؤشر «جي.دي.تي» الأوسع نطاقاً والذي يتضمن نحو 20 منتجاً لبودرة الحليب نحو 55% منذ مطلع العام بحسب بيانات «جلوبال دايري»، فيما يرى محللون أن ارتفاع أسعار السلعة يتزامن مع نقص في المعروض من الحليب الخام وارتفاع في الطلب، خصوصاً في الأسواق الناشئة.وتراجع إنتاج نيوزلندا، أحد كبار المنتجين في العالم، من الحليب الخام بنهاية نوفمبر الماضي بنحو 33% على أساس سنوي مع موجة جفاف ضربت المزارع بالبلاد، ما أثر بالسلب على نمو الأعشاب وبالتبعية على إنتاج الأبقار.وقال مدير علاقات المستثمرين في شركة «كيلوج» العالمية للأغذية «جيان ديلز»، والتي يدخل مكون بودرة الحليب في عدد كبير من منتجاتها: «بالتأكيد ارتفاع الأسعار أثر على نتائجنا بعض الشيء بالربع الثالث من العام بعد أن اتخذت الأسعار اتجاهاً صعودياً». وبالربع الثالث من العام الجاري ارتفعت أسعار بودرة الحليب بنحو 26%.ولشركة أخرى تعتبر بودرة الحليب هي العامل الأساسي في منتجها وهي «دانون» الفرنسية، فإن ارتفاع أسعار بودرة الحليب أثر بالسلب على هوامش أرباح الشركة في الأسواق التي تنشط بها.وقالت مسؤولة علاقات المستثمرين بالشركة سيليا دي افرلانج لـ»أرقام»، «بالتأكيد حينما ترتفع أسعار بودرة الحليب تتضرر هوامش ربحيتنا ولكن أعمالنا في نمو مستمر بالأسواق التي ننشط بها».وتراجعت مبيعات الشركة الفرنسية الكبرى التي تنشط في أسواق عدة حول العالم نحو 3.2% بنهاية الربع الثالث من العام الجاري.وفي تقرير صدر في التاسع عشر من ديسمبر الجاري، توقعت الشركة الفرنسية أن تنخفض المبيعات في 2016 ما بين 3-5% بفعل المنافسة المشتعلة.وبالإضافة إلى أسعار بودرة الحليب المرتفعة، تتضرر شركات الأغذية أيضاً من أسعار السكر المرتفعة، إذ زادت الأسعار بنحو 54% منذ مطلع العام.وقال محلل قطاع الأغذية لدى «جلوبال ريسيرش» كيفن بلمي: «هناك أمر سلبي بكل تأكيد في هذا الشأن لشركات الأغذية..كل ما يتعين عليك عمله هو أن تنظر في القوائم المالية لتلك الشركات، حيث سترتفع أسعار المدخلات لمنتجاتها التي يدخل فيها الحليب بصورة كلية أو جزئية».ويضيف بلمي: «حينما ترتفع أسعار مدخلات الإنتاج في الشركات العاملة بالقطاع، فإن الأمر قد ينقلب إلى منافسة شرسة فيما بينها من أجل الحصول على حصة أكبر من السوق».ويرسم كبار المنتجين صورة أخرى لمستقبل أسعار بودرة الحليب خلال العام الجاري، حيث ترى شركة «فونتيرا» النيوزلندية التي تعد أكبر منتج للألبان حول العالم أن يستقر سعر الطن المتري من بودرة الحليب حول مستوى 4500 دولار بحلول منتصف العام المقبل.وعزت فونتيرا، في ورقة بحثية أسباب ارتفاع الأسعار إلى زيادة الطلب مع حالة من الزخم في نمو الاقتصاد العالمي الذي يؤثر بالإيجاب على غالبية أسعار السلع بما فيها منتج الحليب.