عواصم - (العربية نت، وكالات): الصراع المستمر بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الوزراء العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي تقابله محاولات من قبل الصدر للتقرب من رئيس الحكومة حيدر العبادي الذي ينتمي إلى حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي. وفي هذا السياق، تطرح عدة تفسيرات لمحاولات الصدر هذه، خاصة لقاءه بالعبادي في المنطقة الخضراء، ومنها ما يرجح محاولة الصدر سحب البساط من تحت المالكي ومنها ما يعتبرها سعيا للتهدئة استجابة للوساطات التي تقوم بها أطراف مختلفة هدفها حفظ وحدة البيت الشيعي العراقي، خاصة التي يقوم بها «حزب الله» اللبناني مدعوماً بقرار إيراني.وبالنظر إلى نقاط الخلاف بين الصدر والمالكي على مدى السنين الماضية، يكتشف أن جميع الشعارات التي رفعها هذا وذاك لتبرير موقفه المناهض للطرف الآخر، كلها تصب في خانة «صراع النفوذ». فآخر مرحلة وصل إليها الصراع بانتقاله من المحافظات الجنوبية إلى مركز العراق هي محاولة المالكي استجواب محافظي ميسان وبغداد المحسوبين على التيار الصدري، التي وجهت فتوى شرعية أصدرها الصدر تحرم «التدخل في عمل محافظ ميسان».ومازالت محطات الخلاف بين الصدر والمالكي تتوالى واحدة تلو الأخرى. فقد تصاعد الخلاف بعد المظاهرات التي شهدتها محافظات العراق الجنوبية احتجاجاً على زيارة نوري المالكي ومن ثم اقتحام مكتب «حزب الدعوة» في البصرة. واتهم المالكي وأتباعه، مناصري مقتدى الصدر بتنظيم المظاهرات ومهاجمة المكاتب وهددوا بـ«صولة فرسان» جديدة، وهي عملية قامت بها قوات المالكي جنوب العراق في فترة رئاسته للحكومة ضد معارضيه خاصة أتباع الصدر رغم أن التيار الصدري نفى تورطه بالاحتجاجات ضد المالكي.وبعد أحداث الجنوب والمظاهرات التي شهدتها عدة محافظات ضد المالكي، تبادل التيار الصدري وأتباع المالكي، الاتهامات بإثارة الفوضى في محافظات جنوب العراق. وقال عضو «ائتلاف دولة القانون» بزعامة المالكي النائب كاظم الصيادي إن «جهة سياسية وراء أعمال الشغب التي استهدفت شخص المالكي»، واعتبر «ما جرى دعاية انتخابية مبكرة».لكن النائب عن التيار الصدري حسين الشريفي قال إن «اللغط الذي أثاره أتباع المالكي ليس له أي معنى فالتظاهرات كانت غاضبة وعفوية نظمها من ضاع أولادهم في سبايكر ولا يعرفون مصيرهم، وكذلك من هو معترض على سياسته الرعناء التي سلمت ثلثي البلاد إلى تنظيم الدولة «داعش» وعلى نهبه ثرواتها»، وأضاف أن «هؤلاء خرجوا للتظاهر كي يوضحوا أن هذا الشخص لم يعد مرغوباً فيه».وبعد أسابيع من المظاهرات في المحافظات الجنوبية، انتقل الصراع بين الصدر والمالكي على النفوذ في المحافظات الجنوبية إلى بغداد.وتجلى هذا الصراع في سعي «ائتلاف دولة القانون» بزعامة المالكي إلى استجواب محافظ بغداد علي التميمي، ومحافظ ميسان علي داوي، حيث قال الصدر في بيان «أخبار مؤكدة تصلنا عن تدخل في عمل بعض من ينتمي إلى تيارنا في العمل الإداري، وأن هذا التدخل قد يصل إلى عرقلة الأمور العامة ومصالح الناس الخدمية وغيرها».وأضاف أن «هذا الأمر يعتبر فساداً واضحاً»، مشدداً على أنه «يمنع ويحرّم أي تدخل في عمل المحافظات والمحافظين، سواء كان ذلك من كتلة الأحرار أو غيرها، إلا ما كان وفق السياقات القانونية».والاثنين الماضي، ظهر مقتدى الصدر في المنطقة الخضراء هذه المرة بطريقة هادئة ربما فرضتها متطلبات المرحلة الراهنة. وفي عمق المنطقة الخضراء التي طالما هدد باقتحامها لا بل اقتحمها أنصاره خلال احتجاجاتهم ضد الفساد، زار الصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد قطيعة طالت 9 أشهر. علاوة على المواضيع العامة التي بحثها الصدر والعبادي حسب بيان مكتب رئيس الوزراء وأهمها الحرب ضد «داعش» والحقائب الوزارية الشاغرة، رفض الصدر «الاعتداء الذي حصل في احتفالية حزب الدعوة في البصرة»، قائلاً «إننا حريصون على علاقتنا بحزب الدعوة».وهذا يبين محاولات الصدر للتهدئة مع حزب الدعوة. ولكن بعد هذا اللقاء الذي يعتبر مفاجئاً، طرحت احتمالات عدة للمرحلة الآتية، منها ما رجح تقارباً محتملاً بين المالكي والصدر، ومنها ما رجح حدوث شرخ في حزب الدعوة نفسه وبدء منافسة علنية بين تيار المالكي وتيار العبادي داخل الحزب نفسه.وترجح بعض الاحتمالات انشقاق العبادي عن «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه المالكي خاصة في الانتخابات العراقية القادمة.وتقول مصادر من داخل العراق إن العبادي طالب بالمشاركة في الانتخابات المقبلة كرئيس لائتلاف دولة القانون. وفي هذا الإطار يعتمد العبادي على الإنجازات التي حققها العراق بزعامته في الحرب ضد «داعش» وقيادته لملفات الإصلاحات ومكافحة الفساد. لكن المالكي يرفض الفكرة ويؤكد أن الانتصارات حدثت بفضل مليشيات «الحشد الشعبي» الذي كان العامل في تأسيسها.وليس معلوماً حتى الآن موقف حزب الدعوة الذي شهد خلافات داخلية إبان حكم المالكي حيث يعتبر بعض قادة الحزب أن رئيس الوزراء السابق كان يرفض الانصياع لقرارات الحزب.ولو صحت الاحتمالات فإن العبادي والمالكي يبحثان عن حلفاء جدد. وقد أوردت تقارير عراقية محلية نشرتها بعض وسائل الإعلام أن العبادي يعتزم تشكيل كتلة سياسية جديدة والانسلاخ عن كتلة «دولة القانون» التي يتزعمها المالكي، مع التأكيد أنه سيبقى عضواً فاعلاً في حزب الدعوة.ووفقاً للتقارير، فإن الكتلة التي أطلق عليها اسم كتلة «التحرير والبناء»، بدأ العبادي العمل عليها مع فريق من مستشاريه، من خلال التحرك باتجاه شخصيات أكاديمية وعلمية من السنة والشيعة بهدف خوض الانتخابات المقبلة عبرها. وهو ما يؤكد رغبة العبادي في ولاية ثانية في حال حصل على النصاب القانوني المطلوب، كما يعكس حقيقة الخلاف الحالي بينه وبين المالكي الطامح للعودة إلى رئاسة الوزراء.وفي هذا الإطار تقول بعض المصادر إن المالكي يدرس خوض الانتخابات بالتعاون مع بعض فصائل الحشد الشعبي ومنها سيد الشهداء وجند الإمام وكتائب الإمام علي وقوات الصدر. وسبق لقاء الصدر بالعبادي، لقاء للمالكي مع شخصيات سياسية سنية من محافظتي صلاح الدين والأنبار، بينها رئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني وحسين الفلوجي وشعلان الكريم. ويشير مراقبون عراقيون إلى أن المالكي يبحث عن شركاء سنة لإشراكهم في كتلة جديدة. ورغم الخلافات الكبيرة ولكن بعض الاحتمالات ترجح أن لقاء الصدر بالمالكي جاء نتيجة وساطات خارجية تمهد للتقريب بن الرجلين.وتقول المعلومات إن مسؤول الملف العراقي في «حزب الله» اللبناني، محمد كوثراني، يقود مساعي حثيثة لترطيب الأجواء بين الصدر والمالكي.وحسب المصادر تأتي مساعي كوثراني بدعم وتأييد من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، وامتداداً لوساطات سابقة قام بها الحزب، وتهدف إلى التركيز على وحدة الطائفة الشيعية وعدم انقسامها.من جهة أخرى، واجهت القوات العراقية سيارات ملغومة ومقاومة شرسة من مقاتلي تنظيم الدولة «داعش» جنوب الموصل في اليوم الثاني من استئناف الحملة لاستعادة المدينة بعد أن توقفت المعارك لبضعة أسابيع. وقال ضابط بقوات الشرطة الاتحادية التي انضمت إلى المعركة أمس الأول إن اشتباكات عنيفة تدور في ضاحية فلسطين جنوب شرق المدينة لكن القوات حققت تقدماً في منطقتين أخريين وأبطلت مفعول عدد من السيارات الملغومة. وقال ضابط آخر من وحدة من القوات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية تقاتل إلى جانب الشرطة الاتحادية إن قواته تحقق تقدماً في حي الانتصار على الرغم من اشتباكات عنيفة هناك. وذكر ضباط آخرون أن قوات عراقية شرق وشمال المدينة تطهر المناطق التي استعادت السيطرة عليها قبل التقدم وإن الجيش يحاول قطع خطوط الإمداد إلى بلدة تلكيف شمالي الموصل. ووفقاً للأمم المتحدة فقد فر أكثر من 114 ألف مدني من ديارهم في الموصل وهو عدد صغير قياساً إلى 1.5 مليون شخص من المعتقد أنهم لا يزالون في المدينة.