اعتبر محللون وخبراء في الشأن الإيراني أن اتفاق جنيف الذي تم التوصل إليه بين طهران والقوى الكبرى تم بدوافع اقتصادية بحتة، وذلك بعد أن أنهكت العقوبات اقتصاد إيران، ورفعت من حالة الغضب في أوساط المواطنين، خاصة طبقات الفقراء والعمال.وأكد الخبير في الشأن الإيراني، ومدير مركز الدراسات العربية الإيرانية، الدكتور علي نوري زادة أن الدافع الاقتصادي والخسائر التي تكبدتها إيران هي التي دفعت النظام إلى الموافقة على المطالب الغربية من أجل التوصل إلى اتفاق جنيف، مشيراً إلى أن نسبة التضخم في البلاد تجاوزت الـ30% بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية، وهو ما رفع الأسعار وزاد رقعة الفقر وجعل الغضب والحنق على الحكومة يمتد من طبقة المثقفين إلى طبقة الفقراء.وقال زادة في تصريحات خاصة لـ"العربية نت" إن أكثر من 70% من المصانع في إيران إما متوقفة تماماً عن العمل، أو أنها معطلة بشكل أو آخر نتيجة العقوبات الاقتصادية على البلاد، كما أن العقوبات التي طالت القطاع النفطي تسببت بخسائر باهظة أيضاً، وهو ما دفع الحكومة الإيرانية إلى أن ترسل وزير خارجيتها محمد جواد ظريف إلى جنيف من أجل التوقيع على الاتفاق بغض النظر عن الشروط والمطالب الغربية.ويرى زادة أن الاتفاق، وإن كان مؤقتاً ينحصر في ستة شهور فقط، إلا أن إيران سوف تستفيد منه بصورة كبيرة وملموسة على الصعيد الاقتصادي، حيث ستتمكن من العودة إلى بعض الأسواق وسوف يتحرك القطاع النفطي بشكل أو بآخر.ويقول زادة إنه في حال توصل الإيرانيون والغرب إلى اتفاق دائم يتمخض عن إنهاء العقوبات الدولية على إيران، فإن عشرات الشركات الأجنبية يتوقع أن تتدفق على البلاد من أجل الاستثمار في القطاع النفطي الذي يحتاج لاستثمارات بمليارات الدولارات من أجل إعادة إنعاشه.ويتوقع أن يتمكن الاتفاق المؤقت ذو الشهور الستة من إنعاش العديد من القطاعات الاقتصادية في إيران، حيث يمنح الإيرانيين القدرة على شراء قطع الغيار اللازمة للطائرات المدنية، كما سيمكن الحكومة الإيرانية من إجراء تحويلات مالية بأكثر من 400 مليون دولار للطلبة الإيرانيين الدارسين في الخارج، اضافة الى أن الولايات المتحدة ستفرج عن أصول إيرانية نفطية مجمدة لديها وتبلغ قيمتها 4.2 مليار دولار.وفي الاتجاه ذاته، قالت وكالة "بلومبرغ" الأميركية للأنباء في تقرير لها إن العقوبات الأميركية والأوروبية على ايران كبدت اقتصاد البلاد خسائر تجاوزت 120 مليار دولار، وهو ما دفع الإيرانيين على ما يبدو للقبول بالاتفاق في جنيف.ورغم البدء بالحديث عن الفوائد الاقتصادية التي يمكن أن يحققها الاقتصاد الايراني من الاتفاق مع القوى الكبرى، الا أن عضواً سابقاً في الفريق الأميركي المفاوض، وهو روبرت إنهورن، قال لوكالة "بلومبرغ" إن "إيران سوف تتمكن من الحصول على 7 مليارات دولار خلال فترة الستة شهور المقبلة بفضل هذا الاتفاق، إلا أن خسائرها من العقوبات على قطاع النفط وحده ستكون بحدود الـ30 مليار دولار خلال الفترة ذاتها"، وهو ما يعني أن الاقتصاد الإيراني أمامه مشوار طويل قبل أن يتمكن من العودة إلى مساره الطبيعي الذي كان عليه قبل العقوبات.