دبي - (أ ف ب، وكالات): تأمل دول الخليج أن يقدم الرئيس المنتخب دونالد ترامب دعماً أمريكياً أكبر لها في مواجهتها مع إيران، لكنها تخشى في الوقت ذاته أن ينهار الاتفاق النووي في عهده وأن يقود ذلك إلى عدم استقرار إضافي في المنطقة. وتتطلع الرياض ومعها عواصم الخليج الأخرى إلى أن تستعيد الروابط الأمريكية الخليجية زخمها بعد سنوات من العلاقات الشائكة في عهد الرئيس باراك أوباما الذي يعتبر الاتفاق مع طهران أحد أبرز إنجازات ولايتيه. وكان الرئيس أوباما يريد من الاتفاق فتح الطريق أمام عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والمقطوعة منذ عام 1980. إلا أن إستراتيجية أوباما هذه أثارت حفيظة دول مجلس التعاون الخليجي خاصة المملكة العربية السعودية.وتتهم إيران بأنها تزعزع استقرار المنطقة عبر التدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون بوجه خاص والدول العربية بوجه عام من خلال تأجيج العنف والتوتر ودعم الجماعات الإرهابية بالأسلحة.ويرى المحلل في مركز الخليج للأبحاث في جنيف مصطفى العاني أنه «على مدى ثماني سنوات، أطاحت إدارة أوباما بتوازن القوى» في منطقة الشرق الأوسط في خضم الحروب التي تعصف بها والفكر المتطرف المتصاعد فيها. ويقول العاني إن دول الخليج باتت تأمل في «عودة التوازن الإقليمي خلال عهد ترامب» بعدما عمد أوباما إلى «تجاهل السياسة التوسعية لإيران وكان حذراً في دعمه لدول الخليج». وجنب الاتفاق النووي الذي أبرم في يوليو 2015 بين إيران والدول الست الكبرى «الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا» المنطقة نزاعاً إضافياً كان ينذر بعواقب كارثية خصوصاً مع تهديد إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية. لكن الدول الخليجية تحفظت على الاتفاق الدولي الذي توج بقرار صادر عن مجلس الأمن ووجهت انتقادات حادة له إذ اعتبرت أنه يفتح الباب أمام مزيد من «التدخلات» الإيرانية في المنطقة. ومع ذلك، تخشى المملكة العربية السعودية ومعها دول الخليج الأخرى أن تذهب إدارة ترامب فعلاً إلى حد التراجع عن الاتفاق النووي من دون أن تقدم بديلاً له، متخوفة من عواقب إقليمية قد تترتب على خطوة مماثلة. ويقول العاني إن دول الخليج التي تواجه تحديات اقتصادية ومالية بسبب تراجع أسعار النفط لا تؤيد أن يقوم ترامب «بتغيير الاتفاق أو إلغائه من دون معرفة البديل» على الرغم من أنها ترى في الاتفاق «نقاط ضعف». وكان ترامب عبر في أكثر من مناسبة عن موقف معاد لإيران وللاتفاق الذي سمح برفع قسم من العقوبات الدولية المفروضة عليها في مقابل الإشراف الدقيق على برنامجها النووي. ووعد الرئيس الجمهوري خلال حملته الانتخابية بـ «تمزيق» هذا الاتفاق الرامي إلى منع طهران من امتلاك القنبلة الذرية. ولم يدل ترامب بتصريحات في هذا الخصوص منذ انتخابه لكنه اختار لإدارته المقبلة العديد من الشخصيات المعروفة بعدائها لإيران ولرفضها الاتفاق النووي وبين هؤلاء: مايكل فلين مستشار الأمن القومي، وجيمس ماتيس وزير الدفاع، وريكس تيلرسون وزير الخارجية. ويقول أنتوني كوردسمان المحلل في معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن إن «الثلاثة يرون في إيران تهديداً محتملاً خطيراً ويدركون (...) دور الدول العربية في ردع إيران «. كما أن ترامب اختار مايك بومبيو «52 عاماً»، عضو الكونغرس المتشدد والمعادي لإيران، مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية. وكان بومبيو غرد عشية تعيينه أنه «ينوي العودة عن هذا الاتفاق الكارثي المبرم مع أكبر دولة داعمة للإرهاب».ومع تنصيبه رئيساً في 20 يناير المقبل، ستشكل سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة أحد أبرز ركائز العلاقة مع دول الخليج التي تقيم مع الولايات المتحدة علاقات أمنية واقتصادية متينة منذ عقود. ورغم تعهده بالتراجع عن الاتفاق، إلا أن خيارات ترامب بحسب الخبراء في هذا الصدد تبدو محدودة خصوصاً وأن الاتفاق النووي يحمل طابعاً دولياً ويشمل دولاً كبرى أخرى بينها الصين وروسيا المتحالفتان مع إيران. ويقول ريتشارد لوبارون المحلل في معهد «أتل أن تيك كاونسيل» في واشنطن إن الاتفاق «سينجو مع إدخال تعديلات على العقوبات فيه»، متوقعاً أن توصي دول الخليج الرئيس الأمريكي «بالحفاظ على الاتفاق بدل إدخال المنطقة في مرحلة جديدة من الشكوك». وبحسب كوردسمان، فإن ترامب قد يقرر «التعايش معه والتركيز في موازاة ذلك على عوامل أخرى مرتبطة بالتهديد الإيراني مثل تطوير الصواريخ والأخطار التي يفرضها ذلك على الملاحة في الخليج». وفي موازاة سياسات الإدارة الجديدة حيال إيران، فإن السعودية تترقب بحذر أيضاً مقاربة ترامب لدورها في «مكافحة الإرهاب».