المراهنات والسخط الشعبي كان كبيراً خلال الشهور القليلة الماضية على التحديات الأمنية التي تقوم بها المعارضة الراديكالية في مختلف مناطق البلاد. وكانت الرغبة الشعبية تقوم على ضرورة حماية رجال الأمن، وضرورة استخدام (كافة الأسلحة) وأدوات القوة والإرغام تجاه من يحاول المساس بالأمن والسلم الأهليين. رغم تلك المراهنات ومحاولات التشكيك في قدرات المؤسسة الأمنية التي تمثلها وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المسؤولة الأولى عن الأمن الوطني الداخلي، كان هناك من يعتبر هذه المحاولات والمراهنات بمثابة مزايدات ينبغي عدم تضخيمها، فالمسألة الأمنية لها استراتيجياتها وطرق التعامل معها والتي صارت قوات الأمن في البحرين الأكثر كفاءة على معالجة أعمال الإرهاب مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي نظراً لحالة المواجهات الطويلة مع بعض القوى الراديكالية. في لقاء جمعني مع وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة قبل شهور دار حوار بشأن المطالبات الشعبية بتسليح رجال الأمن، وضرورة توفير اللازم لهم لمواجهة عناصر الإرهاب. رد الوزير لم يكن صدمة، بل الصدمة تمثلت في درجة هدوئه مما يعكس حكمة نادرة لدى المسؤولين الحكوميين عندما يتعاملون مع اتجاهات الرأي العام بشكل من أشكال الانفعال. الوزير حينها راهن على قدرة المؤسسة الأمنية على حفظ الأمن والاستقرار، وأكد أن جميع رجال الأمن ليسوا بحاجة إلى (تسليح) لأن السلاح يحملونه معهم أصلاً، ولكن لا يمكن السماح لهم باستخدامه حسب الأوامر، فليس مطلوباً من كل من يحمل سلاحاً أن يستخدمه، بل هناك تدرجات واضحة ومعروفة لدى عناصر الأمن لكيفية استخدام القوة لمعالجة أية تجاوزات أمنية حسبما ينص عليه القانون. الوزير أيضاً راهن بشكل كبير على عامل الوقت الذي يفترض أن يساهم في إعادة الأمن والاستقرار، فأي عمليات إرهابية لها موجات تبدأ سريعاً، وتتفاعل لتزداد وتصل الذروة، ولكنها سرعان ما تتراجع وقد تصل إلى درجة الصفر في العديد من الحالات.يمكن ملاحظة الهدوء الأمني النسبي الذي تشهده معظم المناطق هذه الأيام، وهو هدوء يعكس الكثير من الدلالات وفي مقدمتها قدرة المؤسسة الأمنية على إرجاع الأمور إلى نصابها، وكذلك معرفة بعض الأطراف التي كانت تقف وراء أعمال الإرهاب عندما تم إيقافها لفترات بسيطة. في السابق كانت أعمال الإرهاب مستفزة إلى أقصى الحدود، وكانت لافتة للانتباه، ومثيرة للرأي العام. ولكنها اليوم صارت أكثر من أي وقت مضى، غير مستفزة، وليست لافتة للانتباه، كما إنها ليست مثيرة للرأي العام المحلي على الأقل. وأعتقد أن لاستراتيجية الهدوء متوسط المدى التي اتبعتها وزارة الداخلية دوراً كبيراً في نجاحها.
Opinion
هدوء راشد بن عبدالله
08 يونيو 2012