عندما كنا في أبوظبي كنت مولعاً ومشدوهاً بخطب الراحل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث كنت أستمع إليه ولسان حالي يقول هذه حكم لقمان من رجل حكيم وليس من حاكم بدوي قادماً من الصحراء، حيث كان المغفور له بإذن الله، بنظرته السياسية الاجتماعية الحكيمة يقرأ المستقبل وإرهاصات الأطماع الإقليمية ما بعد الاستعمار، حيث كان هو أول من دعا إلى الاتحاد التساعي بين الإمارات المتصالحة وبين البحرين وقطر، حيث ترك الدستور الإماراتي مفتوحاً لانضمامهما تحت راية الإمارات العربية المتحدة، إلا أن تأثيرات الاستعمار وأعوانه في ذلك الوقت وضغوطه عليهم مع توجهات الإمبريالية والصهيونية التوسعية بعدم توحد أية دولة من الدول العربية في كيان واحد مع فوران المد القومي الناصري، الأمر الذي جعل البحرين وقطر تخرجان من هذا الاتحاد الفيدرالي الفتي الغر الذي مازال راسخاً ومترسخاً وشامخاً منذ أكثر من أربعين عاماً لإدراكهم العميق بأهمية الوحدة العربية الخليجية وانطلاقاً من حسهم الوطني التاريخي المرتبط بأصول واحدة وثقافة واحدة وتاريخ واحد على مر العصور، ولهذا عندما جاءت مبادرة جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الشهيرة خلال الجلسة الافتتاحية لقمة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض التي انعقدت في شهر ديسمبر 2011، للتحول من مرحلة التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد والتي هي استكمال لما دعا إليه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان في ذلك الوقت وبعد الاستقلال مباشرة من الاستعمار البريطاني، ولأن جلالة الملك عبدالله بحسه الوطني ذا البعد الثاقب رأى بأن دول الخليج العربية وشعوبها مستهدفة في أمنها واستقرارها واقتصادها وثرواتها الطبيعية، وحيث إن هذه الدعوة مازالت مفتوحة لجميع دول مجلس التعاون بالرغم من التحفظات الطارئة التي تراها بعض القيادات الخليجية والتي لا نرى للبحرين والسعودية أياً من هذه التحفظات والتخوفات التي تمنع الاتحاد ولهذا يجب البدء بها كنواة للاتحاد الخليجي بين مملكتي البحرين والسعودية نظراً للخطر المحدق بالبحرين والمطالبة بسرعة انضمامهما للاتحاد الجماعي أو الثنائي أو الثلاثي والذي سيحول دون وقوع ذلك الخطر المتربص بنا.إن المعارضة البحرينية بكافة تلاوينها الأيدلوجية والمذهبية أصابها الإرباك والارتباك من هذا الإعلان المفاجئ وغير المتوقع، حيث كانت المعارضة القومية في أجندتها السياسية تدعو لهذا الاتحاد ودائماً ما تطرح شعار الوحدة العربية والقومية في أدبياتها وعندما جاءت تباشير هذه الوحدة الخليجية بردائها الوطني التاريخي انقسمت المعارضة إلى عدة أقسام كما هي العادة السياسية التضليلية منها من أيدها بقوة تماشياً مع شعاراته القديمة ولكن بشرط ألا يكون هذا الاتحاد نابعاً من القمة والقيادة، بل يجب أن يكون باستفتاء شعبي على دول المجلس بحجة أن الشعب هو مصدر السلطات كما نصت عليه المادة الأولى من الدستور، والبعض الآخر من المعارضة الهمجية وبنظرة الراديكالية الثيوقراطية رفضتها رفضاً قاطعاً لأنها وحدة تعرقل أهدافها وأجنداتها المرسومة عبر الخطة الخمسينية للاستحواذ على البحرين بطريقة الضم والقضم.وبما أننا تحدثنا عن المادة الأولى من الدستور التي يدفعون بها حجتهم والتي تنص على أن السيادة فيها للشعب مصدر السلطات جميعاً، ويجب أن يستفتى في مشروع هذا الاتحاد فكان لابد لنا أن نقف عند هذا النص ونقول أليس لدينا برلمان منتخب دستورياً ويمثل الشعب بكل طوائفه؟ فلماذا المعارضة لم تشر من بعيد أو قريب إلى هذا البرلمان ليكون هو من يستفتي في أمر الاتحاد إذا كنا بحاجة إلى استفتاء؟ ولماذا نشأ اتحاد الإمارات العربية من القمة وبمبادرة من الشيخ زايد رحمه الله ولم يكن باستفتاء شعبي؟ ولماذا أصبح هذا الاتحاد ناجحاً ومؤثراً إقليمياً ودولياً؟ ولماذا شعب الإمارات يبارك ويؤيد هذا الاتحاد القادم من القمة والذي عاد عليهم بالخير والأمن والأمان؟ فهل نحن يا معارضة ننتظر الضربة الموجعة على الرأس من المتربصين بنا وبأوطاننا ومن ثم نقول يا ليتنا اتحدنا وتحالفنا؟ أليست المعارضة القومية هي من رفعت شعارات وحدة الإقليم الذي هو جزء من الوحدة العربية وذلك من خلال برامجها السياسية واستراتيجياتها المعلنة منذ حقبة الاستعمار البريطاني باعتبارها قضية رئيسة وأساساً للتنمية الشاملة في المنطقة وامتدت لما بعد انسحابه العسكري وتحقيق الاستقلال السياسي لإمارات الخليج العربية؟ فهل كانت هذه المعارضة استفتت الجماهير العربية حول مشروعها الوحدوي عندما كانت تناضل ضد الاستعمار؟ والتي تزعم بأن خطابها بالوحدة سبق خطاب الأنظمة الحاكمة؟ فما الذي تغير؟ هل لأن الخطاب هذه المرة جاء من الأنظمة الحاكمة وخجلتم من خطابكم الذي تلون باللون الأسود؟ وخزينتكم امتلأت بالبترودولار الفارسي؟ وهل الزعيم المصري جمال عبدالناصر رحمه الله عندما دعا إلى الوحدة العربية طالبتموه بأن يستفتي الشعوب العربية؟ وهل وقفتم أمامه عندما أعلن الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا عام 1958؟ فأين كنتم وشعاراتكم الرنانة؟ فهل طال لسانكم واستقوى عندما تم طرح مشروع جلالة الملك حمد الإصلاحي وإلغاء قانون أمن الدولة سيء الصيت، وبهذا المشروع الجليل الذي أشادت به كل الدول والذي جعلكم تعملون بجمعيات ومنظمات رسمية كفلها الدستور من على سطح السفينة الذي قائدها الربان حمد مما ارتفع سقف مطالباتكم وطموحاتكم إلى درجة أنكم غيبتم البرلمان المنتخب وركنتموه قصياً، ولم تقولوا يجب عرض مشروع الوحدة الخليجية على البرلمان لكي يدلي بدلوه ويصوت عليه النواب على اعتبار أنهم ممثلو الشعب بكل طوائفه؟ ولماذا الاستفتاء ولماذا الاستقواء والتدافع السياسي المغرض والمساومة على مشروع وحدوي إقليمي يحمي البحرين ودول الخليج العربية من غدر الغادرين الخائنين؟ وأنتم يا معارضة ألم تكن أولى شعاراتكم الاتحاد والوحدة؟ ولكن أي اتحاد أو وحدة تريدون؟ فهل يرضيكم الاتحاد مع إيران؟ أو مع العراق أو مع سوريا النظام؟ فهذا في اعتقادي بحاجة إلى مؤتمر شعبي يكاشفكم ويطرح شفافيتكم المضللة ليعرف الشعب الخليجي عن ماذا كنتم تناضلون؟ ولماذا أنتم معارضون؟.صحيح أن المنطقة العربية مرت بتجارب في الاتحاد والوحدة، لكنها لم تأت بنتائج سلبية وتوترات إقليمية كما تصورونها، وإن كان هناك تفكك لهذه الوحدة فلا تقيسوا تلك الاتحادات على دول الخليج العربية التي لديها مقومات وعناصر الوحدة لم تكن موجودة لدى بقية الدول العربية ولهذا أزيحوا تنظيراتكم وتخوفاتكم واجعلوا الاتحاد يولد من رحم مجلس التعاون الخليجي ليصبح عملاقاً إقليمياً ودولياً تتفاخرون بانتمائكم إليه فهذا الاتحاد ليس لكم وحدكم، بل للأجيال المقبلة التي حتماً ستسأل التاريخ عنكم وعن خيانتكم ولماذا وقفتم ضد هذا المشروع الوحدوي الذي سيؤمن لهم مستقبلهم ومستقبل أبنائهم..؟ أفيقوا من سباتكم الكهفي.إن البحرين مملكة عربية دستورية مستقلة وللملك الحق وكل الحق فيما يراه مناسباً ومتوافقاً مع الدستور حماية لهذا الإقليم وشعبه وثرواته الطبيعية بعقد التحالفات والمعاهدات والاتحادات لحمايته من الأطماع الإيرانية التي تستهدف الشعب والديانة والثروة الوطنية والعروبة والإقليم ولا يجب يا معارضة أن تقفوا حجر عثرة تجاه طموح أغلب الشعب البحريني الذي ناضل لعروبة البحرين وسيادتها ووقف ويقف خلف قيادته في سبيل إبطال عقد البيع الصوري الذي يعمل على إبرامه خونة عملاء النظام الإيراني مع أسيادهم في طهران وقم، حفظ الله البحرين شعباً وقيادةً.