جاء تأكيد بعض رؤساء الجمعيات السياسية على أن الحوار المرتقب بين الحكومة والمعارضة بكافة أطيافها يجب أن يكون وطنياً وليس طائفياً، وأن البحرين وطن الجميع، وهو أكبر من الجميع، وطن المساواة والعدالة، وأن المطلوب هو إيجاد حلول ناجعة لكل الملفات العالقة بشكلٍ سريع، نقول جاء هذا التأكيد ليكشف أن هناك جهات تتبنّى خطاباً سياسياً معتدلاً يفترض أن يتم تشجيعه كي يغدو محل إجماع بين الفرقاء. إن الحديث عن الطابع الوطني الشامل والواسع للحوار، بعيداً عن الصبغة الطائفية أو الفئوية، بات أمراً في غاية الأهمية، لأنه لاتزال هناك ثمة أصوات تدعو لاستعادة "الحقوق المسلوبة” لهذا المكوّن الاجتماعي أو ذاك، وتعزف عبر مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة على أنغام الكراهية والتسقيط، وتجد في نداءات الثأر والانتقام وسيلةً للتعبير عن عقدها النفسية المستعصية، وللهروب من استحقاقات المرحلة.لقد مررنا جميعاً بمرحلةٍ سياسيةٍ حرجةٍ تعرضّت خلالها تجربتنا الديمقراطية الفتية إلى امتحان عسير، مثلما تعرّضت ذواتنا هي الأخرى إلى اختبار قاسٍ استهدف فحص قدرتها على الاحتمال في أشّد المواقف الضاغطة، ففي مثل هذه المواقف تحديداً ينكشف المعدن الأصيل للفرد، فإن كان قلبه على وطنه، فإنه لن يرضى بأن يجد الإنجازات والمكتسبات تنهار أمام أول نكسة، ولن يسمح لرغباته الدفينة في الزعامة والتسّلط والبقاء الأزلي في الأضواء بأن تجرفه إلى الوقوف في صف أولئك الذين لا يريدون لوطنه خيراً، لأنهم يعتاشون على الأزمة، وانفراجها قد يؤدي إلى ضياع الغنائم التي استولوا عليها دون وجه حق، ومثل هؤلاء كثيرون، وعددهم للأسف يزداد طردياً مع ازدياد الرغبة العارمة لدى بعض الأطراف الأجنبية الضالعة في الأزمة في تأزيم الوضع السياسي والاجتماعي، والإيحاء للعالم بأسره أن البلد غارقة في أتون الفوضى. إن كل مواطن على هذه الأرض يحتكم إلى العقل والمنطق يعرف جيداً أن الحوار هو أفضل وسيلة للتوصّل إلى حلحلة الملفات العالقة، وحتى يكون هذا الحوار فاعلاً يجب أن تبقى المصلحة العليا للوطن، وليس المصلحة الآنية الضيقة لأبناء المذهب، هي المعيار الأساسي الذي يمكن الاستناد عليه لاحقاً في تقييم نتائج الحوار الوطني، فليس هناك أهم لدى البحريني من أن تظل راية الوطن خفاقةً، وشعبه شامخاً!
Opinion
نريده حواراً وطنياً وليس طائفياً
24 يونيو 2012