يفترض في جمعية تجمع الوحدة الوطنية أن يكون دورها في الساحة السياسية أقوى بكثير مما تقوم به الآن. فهذه الجمعية التي ولدت من رحم تجمع الفاتح الذي قلب الموازين السياسية وفاجأ الجميع بانتفاضته الجماهيرية، ووقف سداً منيعاً في وجه الحركة الانقلابية، وأصبح رقماً مهماً وصعباً في حل المعادلة السياسية. من المحزن جداً أن ترى جماهير الفاتح أن الوريث الشرعي لهذا التجمع -والمقصود هنا بطبيعة الحال جمعية تجمع الوحدة الوطنية- يتسم أداؤه ببطء- لا ينسجم مع الإيقاع السياسي السريع للحالة السياسية التي تمر بها البحرين حالياً.فالمتابع والمراقب للحراك السياسي لجمعية تجمع الوحدة الوطنية يشعر بخيبة أمل من تراجع أداء دورها في الساحة السياسية، وخفوت إشعاعها الذي ينبغي أن يستمر وبزخم أكبر في هذه المرحلة الحرجة والظروف البالغة الحساسية في إضاءة الطريق أمام الجماهير المغيبة سياسياً والمسماة الأغلبية الصامتة. هذه الجماهير التي خرجت عن بكرة أبيها وانتفضت في الحادي والعشرين من فبراير عام 2011م وخرجت عن صمتها إبان تفجر الأزمة التي عصفت بالبحرين، وساهمت بفعّالية في منع نشوب حرب أهلية. هي نفسها الجماهير التي تنتقد أداء التجمع وتطالب بأن يكون دوره أكثر فاعلية؛ لأن الأزمة قد أعادت الوعي لديها وباتت مقتنعة بأن الظروف السياسية الحالية الحرجة التي تعيشها البحرين تستدعي أن تكون الجمعية حاضرة بقوة في المشهد السياسي، بل لا نبالغ إذا قلنا إننا نريدها أن تكون أحد اللاعبين الأساسيين في رسم الخريطة السياسية المستقبلية للبحرين. ونحن نذهب إلى هذا القول لإحساسنا العميق أن هناك طرفاً في هذه اللعبة لديه محاولات جادة في إسقاط كل الأطراف الأخرى -بما فيها جمعية تجمع الوحدة الوطنية- وعزلها عن أي دور يمكن أن تقوم به في حل الأزمة السياسية. فجمعية الوفاق التي صنعت الأزمة وساهمت بصورة كبيرة في تفاقمها، تحاول الآن وعبر وسائلها المعروفة الشرعية وغير الشرعية ومن خلال وسائطها أن تكون هي الصوت الوحيد في أي محادثات أو مفاوضات تقودها الدولة من أجل غلق ملف الأزمة، وعبر إصرارها على القول بأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب البحريني، وأن مفاتيح الحل يكون عبر بوابتها وهذا الكلام نقوله للمرة الألف وفي ظني أن هذا الزعم لن يتوقف إذا لم يواجه بقوى سياسية مضادة تمتلك نفس القوة في الشارع كما حدث في تجمع الفاتح. ومن هنا نقول لقادة التجمع إن أول خطوة تقومون بها هي إعادة ثقة الجماهير فيكم وفي التنظيم السياسي الذي تتزعمونه ويكون ذلك من خلال عدة إجراءات أهمها في رأيي الترفع عن التكالب على المناصب القيادية، فالظروف السياسية التي نعيشها في هذه المرحلة الحساسة لا تحتمل مثل هذه الصراعات التي تتطلب رص الصفوف لمواجهة الاحتكار السياسي للوفاق وتغولها في الساحتين السياسية المحلية والخارجية ومحاولاتها المستميتة في الانفراد بصنع القرار السياسي. أما الخطوة الثانية التي يجب عليكم اتخاذها هي إظهار قوتكم وإعلاء صوتكم وبصورة واضحة وجلية للجميع وأولهم الدولة باعتبارها الطرف الذي سيقود المحادثات والمفاوضات القادمة بأن تضع اعتباراً لتجمعكم لكونه الصوت الآخر المعبر عن إرادة الجماهير التي ترفض إملاءات الوفاق وشروطها ولا تنزلق في بحثها -أي الدولة- عن المخرج للأزمة بأن تجري حواراً أحادياً مع جماعة الوفاق وبذلك تحقق لها رغبتها وتسهم في نيل مرادها بأن تكون هي القوة الوحيدة التي تقرر المصير السياسي للبحرين في المرحلة القادمة وفي هذه الحالة -إن حدثت لا قدر الله- ستكون الجماهير هي الخاسرة في مثل هذه الصفقة لأنها لم تكن حاضرة في الاجتماعات التي ترسم المستقبل السياسي للبحرين.إن التفكير في مستقبل البحرين السياسي، يتطلب منا جميعاً وفي مقدمتنا قيادة التجمع قراءة الواقع السياسي قراءة واعية لما يجري في الساحتين الإقليمية والدولية. وأن يكون تحركه شاملاً وعلى جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية وفي مستوى الأحداث. وفي ضوء ذلك فإن الدور الذي تنتظره الجماهير من التجمع كبير ومهم للغاية في هذه المرحلة التي من وجهة نظرنا لا تقل في حساسيتها عن المرحلة التي سبقت نشوءه كما يشير بذلك قادة التجمع في تصريحاتهم للصحافة المحلية. وإذا ما أراد التجمع أن يحتفظ بجماهيريته وشعبيته فعليه أن يترجم طموحات هذه الجماهير ورغباتهم من خلال التحامه بهم ورفع مستوى أدائه السياسي وزيادة فعاليته.إن المؤتمر العام القادم الذي من المزمع إقامته في الثلاثين من الشهر الحالي مطالب بأن يتحسس رغبات الجماهير ويلبي احتياجاتهم في المرحلة المقبلة، ويكون عند حسن ظنهم. وإلى ينعقد المؤتمر في موعده المقرر فإننا سنشارك عبد الله الحويحي الأمين العام للتجمع في تفاؤله بأن المؤتمر القادم سيفرز قيادة تنظيمية قادرة على تلبية احتياجات المرحلة المقبلة ولكن مع تفاؤلنا نتذكر أن العمل السياسي لا يتم من خلال التفاؤل والتمنيات.
Opinion
تجمع الوحدة الوطنية.. هل يلبي احتياجات المرحلة المقبلة؟
24 يونيو 2012