الأسبوع الماضي حدثت مشادة في برنامج بثته السوسة الإيرانية على الهواء مباشرة بين السعودي الداعي إلى الإصلاح الشيخ محسن العواجي والسعودي المعارض الداعي إلى إسقاط النظام حمزة الحسن، كان موضوعه أسباب وظروف اعتقال الشيخ نمر النمر إمام وخطيب جامع العوامية بالقطيف. ورغم الموضوعية التي حاول مقدم البرنامج أن يظهر فيها الحلقة؛ إلا أن الحسن لم يتحمل أفكار ورؤى ومواقف العواجي فدخل معه في سجال أبعد الحلقة عن موضوعها، وقد اعترف الحسن في نهاية الحلقة بأن وجود العواجي في البرنامج يستفزه، وبالتالي فإنه من غير الممكن أن يتقبل آراءه التي كانت صريحة وواقعية، حيث قال تعليقاً على الوعد الذي قدمه مقدم البرنامج لاستضافة الرجلين من جديد باعتبار أن الموضوع يستوعب أكثر من حلقة؛ إنه إذا أراد لبرنامجه أن يتسم بالهدوء فعليه ألا يستضيفه مع العواجي، وهو ما يعني أنه كان مستفزاً من الأساس وحضر إلى البرنامج بمواقف مسبقة.أما العواجي الذي أحس أنه ظلم بسبب مقاطعة مقدم البرنامج له مرات وعدم تمكنه من توصيل كامل أفكاره ورؤاه فسارع إلى بثها على شكل تغريدات عبر التويتر ليضمن على الأقل عدم تحويرها أو توظيفها بطريقة تسبب له الحرج و«تقويله وما لم يقله”. ولعل التغريدتين التاليتين للعواجي توضح موقفه ورأيه وأهم ما قاله في تلك الحلقة.في تغريدته الأولى يقول: "ليكن صوت المواطنين موحداً في مطالبة حكامنا بالحقوق سلمياً مع احتساب التبعات، أما إذا اقتربت إيران أو قال أحد بتفكيك البلاد نصبح يداً واحدة ضده”. وفي تغريدته الثانية يقول: "من حق كل مواطن أن يطالب بالإصلاح سلمياً، بشرطين؛ الأول ألا يهدد وحدة بلادنا، والثاني ألا يكون رأس حربة لمتربص أجنبي لأنه حينها يكون خائناً لا مصلحاً”. وهو كلام لا غبار عليه أبداً، حيث من حق المواطن سواء في السعودية أو البحرين أو في أي مكان آخر أن يطالب الحكام بالحقوق، لكن عليه أيضاً أن يحتسب تبعات ذلك وألا يسمح لنفسه أن يقف ضد قيادته ووطنه إن قال أحد بتفكيك البلاد أي دعا إلى الانفصال أو دعا إلى تغيير النظام وإسقاطه، وإنما أن يصبح والآخر يداً واحدة ضد كل من يحاول أن يستغل الظروف ويريد الإساءة إلى الوطن. الشيخ محسن العواجي يقول باختصار إن من حق المواطن أن يطالب بحقوقه وأن يطالب بالإصلاح بالطرق السلمية، وأن هذا أمر متاح ومقبول من الحكام ولا ينكرونه على الناس، لكنه يقول أيضاً إن هناك فرقاً بين المصلح والخائن؛ حيث المصلح يسعى إلى خير وطنه بينما الخائن يسعى إلى خير أعداء وطنه. هذه الأفكار هي نفسها التي حاول الشيخ العواجي توصيلها عبر ذلك البرنامج، لكن كان يتم مقاطعته أول ما يسمع مقدم البرنامج اسم إيران، حيث كان يحاول منعه بالطلب منه سريعاً إلى حصر الكلام عن السعودية!ما ينبغي التأكيد عليه هنا فيما يخص البحرين هو أن المطالبة بالحقوق وبالإصلاح أمر مقبول وحق لا تنكره الدولة على مواطنيها، ولم يسجل قط أن الدولة قالت إنها ترفض الإصلاح أو إن المطالبة بالحقوق ممنوعة، فالمرفوض هو الدعوة إلى إسقاط النظام والعمل على ذلك، والممنوع هو التحول إلى ذراع ضاربة لمصلحة الأجنبي سواء كان إيران أو غيرها.للأسف أن الجمعيات السياسية في البحرين لاتزال دون القدرة على تأكيد أنها مع المطالبة بالإصلاح وليست مع المطالبين بإسقاط النظام، أما السبب فلم يعد خافياً؛ فهي تخشى إن قالت بالإصلاح أن تخسر الشارع الذي صار يقودها ولا يتفق معها في توجهاتها.