اختتمت اللجنة المركزية للمنبر الديمقراطي التقدمي اجتماعاتها، وانتخبت عبدالنبي سلمان أميناً عاماً للدورة المقبلة، خلفاً للأمين العام السابق حسن مدن، وبانتخاب «التقدمي» أمينه العام الجديد (وهو من الكفاءات الوطنية المعروفة)، وسط لحظة تاريخية مفصلية تطرح على هذه الجمعية اليسارية التقدمية العديد من التحديات، من أهمها:- الحاجة الماسة إلى مراجعة التجربة السابقة وتقييمها وعمل مراجعة جادة للخيارات والخطابات، لإعادة توجيه دفة الجمعية في الاتجاه الذي يمكن أن يكون أكثر انسجاماً مع حركة التاريخ ومع طبيعة المأزق الذي تعيشه البلاد حالياً في ضوء الأزمة السياسية المستمرة من العام الماضي، بما في ذلك الحاجة إلى مراجعة طبيعة تجربة التحالف السداسي الذي دفع بهذه الجمعية لتكون جزءاً من الحراك المعارض الذي انحرف في لحظة معينة لتلتبس اتجاهاته في سياقي الطائفية المحلية والتبعية لمنظومة الولي الفقيه وما يترتب عليه من رهن للقرار السياسي للخارج، وضمن هيمنة الوفاق (وهو الحزب - القاطرة) وهيمنة نموذجها الساحق والتبعي للمرشد الولي، خصوصاً مع عودة الدعوات مجدداً لاستجلاب «التقدمي» إلى التبعية السياسية من جديد بعد أن نأى بنفسه عنها، وبعد أن اكتشف طبيعة المأزق وحجم الأكاذيب وسوء التدبير والتوظيف والاستغلال السياسي. وبوجه أخص، إن التقدمي بإمكانه أن يمارس دوره كقوة اقتراح ونقد بشكل مستقل، وتكون له مصداقية أكبر وربما فعالية أفضل، حيث كان التقدمي منذ البداية يتميز بخطه المستقل وبقراءته التي أثبتت الأحداث أنها أكثر موضوعية والأقرب إلى الصواب في أغلب الأحيان.- الحاجة الماسة إلى إعادة تعريف طبيعة اليسار وإحالة الأفكار العتيقة التي لم تعد صالحة إلى التقاعد المبكر، حتى يتسنى إعادة بناء رؤية جديدة لليسار، تجمع بين الهوية اليسارية وبين متطلبات المرحلة الجديدة وتحدياتها، خصوصاً أن التقدمي يمتلك أكثر من غيره هذه القدرة، بما يمتلكه من شجاعة المراجعة وشجاعة اتخاذ القرار، بعيداً عن مغريات التحالف المباشر مع قوى المعارضة التي تورطت ومازالت مستمرة في ارتكاب أخطاء قاتلة.- الحاجة إلى مراجعة المواقف على الصعيد الفكري قبل مراجعتها على الصعيد السياسي، مثل الحاجة إلى التوقف عن الغرق في حمى مهاجمة الليبرالية التي غالبا ما يتم اعتبارها أداة للرأسمالية قبل ان تتبلور عندنا هذه الليبرالية على النحو المؤثر والفاعل، والحذر من أي تحالف مع الإسلام السياسي مهما كان شكله خصوصا وانه قد تبين في البحرين او خارجها انه قد أخذ يتضخم ويستعد للانقضاض على قيم الحرية بل ويشكك في النهاية في قيمة الديمقراطية والحداثة والحرية، بطرح بدائل الولاية المطلقة أو التغني بالقديم انسجاما مع الموجة العارمة التي تدعي السعي وراء الدولة المدنية من ناحية، وتسحب البساط من تحت قيم الحرية والحق في الاختلاف من ناحية ثانية. من المؤسف حقا، الحال التي تردت إليه قوى اليسار عندنا والمتمظهرة في تشتته وعدم رغبة البعض في التخلي عن أنانيتهم ومصالحهم الشخصية مما أدى إلى ابتعاد العديد من اليساريين المخلصين عن القوى التي تحجر فكرها أو تخلفت عن مسيرة الحرية والديمقراطية الحقيقية، ولو كان اليساريون يؤمنون حقاً بدور اليسار التاريخي والاجتماعي والفكري، وضرورة حمل راية الدفاع عن العدالة الاجتماعية والحريات العامة والخاصة ومقومة الفكر التسلطي والطائفي، لما تردى حاله إلى الدرك الذي وصل إليه، ولما بقيت فئاته مشتتة ممزقة، ولو أنها توحدت حول الفكرة الواضحة والمنهج العلمي لشكلت قوة يحسب لها ألف حساب، بدلاً أن يقنعوا بدور التابع أو البيدق في رقعة الشطرنج، بينما يتربص بهم المتربصون، وتستغلهم قوى دينية- طائفية لاستكمال الصورة على منصة الحضور لمجرد الزينة أو المزايدة والادعاء.