لم يقطع له أصبع ولم يجرح له صدر، ولم يحترق له شعر ولم تقطع له رجل، سليماً معافى يمشي في الأرض خيلاء ومرحاً حتى وصل بيته بسلامة. لكن الآلة الصفوية قسمت الناس فسطاطين؛ فسطاط دماؤه حل وماله حلال، وآخر حتى قططه خطوط حمراء. هذا ما ترجمه بيان العلامة الغريفي الذي استنكر فيه على رجال الأمن تفريق مسيرة غير مرخصة حاولت سد الشوارع تقدمها علي سلمان، حيث قال في هذا الاستنكار كلاماً عجاباً، وضع سلامة مواطن مقابل سلامة عشرات الآلاف من المواطنين والوافدين، فصور القضية وكأنها اعتداء على بلاد أو نحر بالسكين أو طعن بخنجر في الخاصرة أو القلب، والقضية لا تعدو أكثر من استنشاق غاز متطاير، فترجم العلامة هذا الاستنشاق في بيانه بقوله «أعبر عن قلق شديد من استهداف مكشوف لسماحة الشيخ علي سلمان وآخرين من الرموز السياسية، الأمر الذي يشكل منعطفاً في غاية الخطورة وينذر بشد كبير، ويجب محاسبة المسؤولين لحماية الأمن وسلامة هذا الشعب»، ما يعني أن باقي المواطنين في نظر العلامة مجرد قطعان من الخرفان حين تستهدفهم ميلشيات علي سلمان صباحاً ومساءً بالقنابل والأسياخ، دون أن يصدر العلامة كلمة، لكن عندما يتعرض علي سلمان لنسمة غاز يطالب بمحاسبة المسؤولين والتأديب لمن وقف في وجه علي سلمان عندما أراد أن يخترق العاصمة بفلوله ويغلق الشوارع في أي وقت يقرر وفي أي مكان يريد، هذا هو بيان العلامة الغريفي بعد أن لامس مسيل الدموع أهداب عيون علي سلمان.أما بيان سماحة عيسى قاسم الذي يقول فيه «سماحة الشيخ علي سلمان عقل راجح، حكمة وافية، وطنية عالية، رجل يحتاجه الوطن لعدله لرشده، إنه ذاب في حب وطنه وشعبه وسخى بنفسه في سبيل الله والمستهدفون لحياة هذا الرمز الكبير إنما يريدون حرق الوطن»، كل هذا التبجيل والتهديد قاله عيسى قاسم عندما لامست عيون علي سلمان ذرات من غاز مسيل الدموع، حيث أصبحت هذه الذرات أكبر من مقتل أحمد الظفيري الذي أحرقته الميلشيات بعد أن اعترضت طريقه وطريق أبناء المنطقة ولم يتركوا لهم إلا الموت أو الرضوخ، فهذا هو دليل الرجاحة والحكمة الوافية والوطنية العالية، وهذه سمات الرجل الذي يحتاجه الوطن لعدله لرشده، وهذه سمات من ذاب في حب الوطن، عندما يكون حرق المواطنين في ناموسه هو قطع الطريق وهو التضحية بالنفس في سبيل الله.لا يختلف بيان العلامة وإدانة السماحة عن تهديد علي سلمان بحرب لا تبقي ولا تذر، فجميعهم يهددون ويتوعدون ويحرضون ببيانات مكتوبة وإعلانات منشورة وخطابات مباشرة ومسجلة، وينفذون هذا التهديد والوعيد، مما يثبت أن ما يحدث في البحرين ليس معارضة ولا مطالبة بديمقراطية ولا حيوية، إنما حركة تمرد تقودها أقلية تمكنت من البلاد، بعد أن حصلت على الهوية والجنسية، وعندما تحلل وتدقق فيمن يقود هذا الانقلاب ومن يهدد بحرق البلاد، إذ إن ذلك لم يحدث في القديم ولا الحديث، ولم يحدث في حضارات المايا ولا بين أهل الغجر أن أقدم مواطن على حرق بلاده أو أفتى صاحب أي ملة بأن يسفك دم، كما أفتى صاحب السماحة، ورغب فيها صاحبه وخادمه. إن أتباعه ينتظرون إشارة ليلبسوا الأكفان، أي إنها حرب ليس مردها ديمقراطية ولا مطالب سياسية بل هي حرب عقائدية عندما قسم المواطنين إلى فسطاطين، فسطاط دماؤه مسفوكة، وفسطاط دماؤه محفوظة والقرب منها ولو بلمسة أو بمكالمة تحرق البحرين بنار لا تبقي ولا تذر.^ شعب البحرينإن شعب البحرين شعبٌ حرٌ يدين بالولاء لله ثم لقيادته، ولا يقبل أن تنسب تبعيته إلى أي كائن كان، فهو يدين بالتبعية لقائده وملك بلاده جلالة الملك حمد بن عيسى، وإن الاستمرار بإهانة الشعب بتسميته شعب علي سلمان، دليل بأن عيسى قاسم يحاول سلب إرادة شعب حمد وتهميشهم باستخدام القوة، كما يفرض عليهم أشخاصاً تنظر إليهم أغلبية شعب البحرين بأنها تعمل لحساب دولة أجنبية لها أطماع بضم البحرين إلى حكمها، وإذا كان عيسى قاسم يحب ويمجد أشخاصاً فالقلب قلبه والشأن شأنه ، لكن عليه أن لا يتعدى حدوده، فحدوده في الأشخاص الذين يجتمعون حول منبره أما باقي الشعب فهم شعب حمد الذين ينتظرون من دولتهم أن تستأصل الإرهاب وتجفف منابعه وتبسط الأمن في كافة مناطق البحرين وتقدم أي شخص لمحاكمة عادلة وكما تفعل أمريكا راعية الديمقراطية حين تشك بالتخطيط لعملية إرهابية فتقوم بطائرتها وجيوشها لتحمي شعبها وأرضها واقتصادها، ونحن لا نطلب أكثر من أن تتم محاكمة كل من يتآمر على البحرين، وكل من تثبت عليه المشاركة في نشر الفساد والدمار، وتطبيق شرع الله الذي يأمر بالقصاص من المفسدين في الأرض بأي شكل من الأشكال.